معجم المصطلحات الكبير
وكالة أنْباء دُولِية
الإعلام والاتصال

هي جهاز يعمل على مدار الساعة في تلحيص الأخبار المحلّية والعالمية بالصوت والصورة الثابتة والمتحركة واستقائها من مصادرها الأساسية، في عدد كبير من دول العالم، بواسطة شبكة من المراسلين الصحافيين، وتمتلك هذه الوكالات مكاتب تضمّ موظّفين يعملون على تحرير المواد الصحافية وإرسالها في أسرع وقت إلى المشتركين لديها من الأفراد أو المؤسّسات الإعلامية المختلفة كالرَّنوات والإذاعات والجرائد والصحف والمواقع الإشباكية، والمؤسّسات الصناعية والمالية الكبرى وغيرها. ويُعتبر إنشاء وكالة دولية أمرا بالغ التعقيد، يتصل بالسياسة، والنفوذ الدولي، والقدرة الاقتصادية والانتشار اللغوي، والدولة التي تستطيع ذلك، لابدّ أن يكون لها سوق داخلي مهمّ فضلا عن النفوذ السياسي والاقتصادي الضخم. وقد ظهرت وكالات الأنباء الدولية، في الدول الغربية الأكثر تطوّرا في العالم. ويعود السبب في الطلب على الأخبار الدولية إلى:

  • 1- نمو التجارة والاستثمارات في العالم، فتطلّب ذلك وجود مصادر للأخبار الموثوق بها، والمتعلّقة بالشؤون الاقتصادية العالمية؛
  • 2- حاجة التجارة والتوجّه الاستعماري إلى مدد ثابت من المعلومات المتعلّقة بالحلفاء والأمن العسكري؛
  • 3- التوسّع الاستعماري المصاحب لنمو التجارة الدولية.

وقد تغيّر مفهوم وكالات الأنباء من كونها مؤسّسات تعمل على نقل الأخبار، إلى منظّمات إعلامية اقتصادية متكاملة، تستفيد من أعلى تجلّيات الصِّنْعات في جمْع الأنباء حول العالم وتجهيزها وتطويرها وتصنيفها وتوزيعها بعدّة لغات، وتقوم الوكالات بإضافة المعلومات والتحليلات والآراء والرَّسابين (الرسوم البيانية) والصور إلى الأخبار والقصص التي توزّعها، وتُسهم في إنشاء شركات ذات طابع اقتصادي وإعلامي، وتُطوِّر مؤشّرات اقتصادية لقياس أداء المَصافِق والأسواق التجارية، وتُجري استطلاعات الرأي لقياس التوجّهات السياسية، وتجتهد لتقدّم خدمات متكاملة تغطّي مساحات جديدة، وتلبّي الحاجات الناشئة، وتروّج لمفاهيمها عن الأشياء والجماعات والدول والأمم، وتؤثّر في السياسات والأسواق والثقافات، عبر استيعابها للتفاعل مع ثورة المعلومات على الإشباكة والبَلَغ والمَيَش، وبات العالم بكلّ أطيافه وفئاته هدفا لتلك الوكالات أو بعض خدماتها الآخذة في الازدياد.

شيء من التاريخ

ظهرت أوّل وكالة أنباء سنة 1825م، أنشأها «شارل هافاس» في فرنسا لجمع الأخبار الجديدة وتهيئتها ثمّ توزيعها وإيصالها للجرائد الدورية التي كانت في حاجة ماسّة إليها، وقد كان هذا الظهور مرتبطا بالظروف التي سادت ثلاثينيات القرن التاسع عشر، ومنها بالذات وضع الصحافة في أوروبا. وقد بدأت الصحافة الدورية بالنشوء في الدول الأوروبية المتقدّمة صناعيا في وقت متقارب، ويعود ذلك إلى حاجة الفئات الاجتماعية إلى منابر إعلامية من أجل الحصول على حقوقها ونشر مفاهيمها وأفكارها بعد انحلال الإقطاع، ثمّ حاجة السلطة السياسية إلى هذه الأدوات من أجل تبليغ قراراتها ونشر أفكارها ومفاهيمها السياسية، كما عملت الطبقات الصناعية على تطوير الصحافة، فأصبح انتشارها متوازيا مع انتشار الثورة الصناعية في أوروبا. من هنا نفهم لماذا لم تنتشر الصحافة في المناطق التي لم تشهد الثورة الصناعية كالصين مثلا.

وكان لاختراع الطباعة السريعة والنقل البرقي للأخبار (مورس 1838م) الأثر الكبير في تغيير نمط الأخبار المنشورة، حيث أصبحت أكثر حداثة وإثارة، فيما انخفضت أسعار الجرائد، وقد تميّزت صحافة النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي، بوجود صحافة حقيقية ، تعكس الرأي العام بصدق وتخدم مصالح الفئات السياسية الجديدة، ثمّ صِحافة الإثارة وهي غير سياسية، تعمل على تحقيق الربح وخدمة مصالح الفئات الحاكمة، وهذا النمط هو الذي أدّى فيما بعد إلى ظهور ما يعرف بالصحافة الرخيصة penny press. نشأ هذا النوع من الصحافة أوّل مرة في أمريكا، لا سيما بعد حرب التحرير الأمريكية وتطور الرأسمالية، وقد أنشأ شخص من فيلادلفيا يُسمّى «كريستوفر كولومبوس كونويل» Christopher Colombus Conwell عام 1830م جريدة رخيصة جدّا بسعر سنت واحد وسمّاها «سنت» واضعا بذلك اللبنة الأولى لصحافة تتّصف برخص الثمن واشتمالها على أخبار سريعة وحديثة ومثيرة في آن واحد. ثمّ توالى صدور جرائد مماثلة في مدن وولايات أمريكية أخرى مثل بوسطن ونيويورك. أمّا في فرنسا فقد صدرت أوّل جريدة من هذا النوع سنة 1836م أنشأها رجل يُدعى «أيميل دي جيراردين» Emile de Girardine وأسماها «لابريس» La Press وهي تشابه كثيرا في محتوياتها زميلاتها الأمريكية. وقد أدخل «جيراردين» الأدب في الصحافة لأوّل مرّة من خلال نشر القصص الأدبية لعدد من كبار الكتاب مثل «ألكسندر دوماس وفكتور هوغو وبلزاك» إلى جانب ذلك فقد كانت الجريدة ذاتها تنشر الكثير من القصص المثيرة والفضائح العديدة، الأمر الذي أدّى إلى إيقاف إصدارها مرّات عديدة. ثمّ توالى صدور الجرائد الرخيصة في فرنسا واتّخذت كلّ واحدة منها نمطا ميّزها عن غيرها. وفي خضمّ هذا التنافس في تأسيس الجرائد وانتشارها، أسّس «هافاس» مكتبه الإخباري سنة 1825م.

«شارل هافاس» هنغاري الأصل عمل مراسلا صحافيا متجولا في أوروبا ثمّ استقر به المطاف في باريس، وأسّس مكتبه مستعملا طريقة الحمام الزاجل في نقل الأخبار وذلك قبل ظهور الإبراق، إلاّ أنّه حصر عمله في بيع الأخبار لأشخاص معيّنين وأصحاب مصالح وعدد من السياسيين، حيث لم تلتف إليه الجرائد ولم تول أخباره العناية والأهمّية، والتي كانت تفضل في ذلك الوقت نشر المقالات والتعليقات، ولم يكن للناس وقتئذٍ اهتمام كبير بالأحداث الجديدة. إلاّ أنّ هذا الأمر بدأ بالتغيّر في منتصف الثلاثينيات من ذلك القرن نتيجة التغيّرات الكبرى التي حصلت في النسيج الاجتماعي في الدول الأوروبية، من تطوّر للنظام الرأسمالي وازدياد أصحاب المصانع وانتشار العلم والتعليم وهجرة الفلاحين إلى المدن، فظهرت الحاجة الماسّة إلى المعلومات الجديدة والكثيرة بطريقة لم يسبق لها مثيل، وأدرك كلّ من «جيراردين» وأصحاب الجرائد الأخرى هذا الأمر، فبدأ التنافس على الأخبار الحديثة والخاصّة يشتدّ، فاستغلّ «هافاس» هذا الوضع وأعاد تنظيم مكتبه وأعلم المشتركين عام 1835م أنّ مكتبه أصبح يُدعى «وكالة هافاس» Agence Havas.

كان تأثير الإبراق حاسما وكبيرا في تطوّر هذه الوكالة وعلى العمل الإخباري وتوزيع الأخبار والمعلومات، فبدل استعمال سعاة البريد، وضع «هافاس» المِبْرق (التلغراف) في خدمته لنقل الأخبار مع الحمام الزاجل، وبذلك سيطرت هذه الوكالة على معظم الأخبار الجديدة، وبعد ثماني سنوات من السيطرة التامّة على مصادر الأخبار وتوزيعها وسّع «هافاس» أعماله أكثر، فبدأ عام 1848م بمدّ خطوط الإبراق بين باريس ولندن وبروكسل، ثمّ بين روما وفيينا وعدد من المدن الألمانية المهمّة، وكان في ذات الوقت يعمل على المبرق الكهربي ممّا أوجد ظروفا ممتازة لنقل الأخبار. وإثر النجاحات المتواصلة لهذه الشركة بدأ بعض العاملين في مجال التلحيص تأسيس وكالات للأنباء، فتأسّست في الولايات المتّحدة الأمريكية عام 1848م وكالة «هاربر نيوز أسوسيشن» harbour News Association وبعد ذلك بعام، أسّس «بيرنهارد فولف» الذي كان يعمل مع «شارل هافاس» مكتبا للأخبار في برلين وأطلق عليه اسم Wolffsche Telegraphen Bureau. وفي عام 1850م تأسّست وكالة أنباء أخرى في الولايات المتحدة الأمريكية باسم «تلغرافيك أند جنرال نيوز أسوسيشن» Telegraphic an General News Association ثمّ انتقلت العدوى إلى بريطانيا فتأسّست عام 1851م وكالة «رويتر» Reuter تلتها إيطاليا فأسّست مكتبا للإبراق تحت اسم «أجانسا تلغرافيكا ستيفاني» Agencia Telegraphica stefani وتمّ زهاء ذلك التاريخ تأسيس وكالتين جديدتين في الولايات المتّحدة الأمريكية، بعدها في عام 1860م ظهر في النمسا-هنغاريا مكتب للأخبار يُسمّى Telegraphen Korrespondenz Bureau. على الرغم من أنّ هذه الوكالات والمكاتب أُسّست في مدى عشرين سنة، إلاّ أنّ معظمها لم يستطع الثبات في العمل وما بقي من هذه الوكالات في أوروبا اقتسمت فيما بينها مناطق النفوذ إثر نشوب الصراع والتنافس، وهذه الوكالات هي:

  • 1- «أجانس هافاس» في فرنسا، وحصّتها في العمل، فرنسا، سويسرا، إيطاليا، إسبانيا، البرتغال، وسط جنوب أمريكا، ومصر مع «رويتر»؛
  • 2- «رويتر» في إنكلترا، وتعمل في جميع أنحاء العاهِلية البريطانية، تركيا، الشرق الأقصى، ومصر مع هافاس؛
  • 3- «وفولفشه تلغرافين بيرو» في ألمانيا، ويعمل في ألمانيا، النمسا، الأراضي المنخفضة، اسكندنافيا، روسيا، البلقان.

إضافة إلى وكالة مهمّة في الولايات المتّحدة الأمريكية وهي «نيويورك أسوشيدت برس» وعملها في مناطق الولايات المتّحدة الأمريكية. وقد استطاعت هذه الأجهزة الأربعة أن تحتكر مصادر الأخبار والمعلومات وتسيطر عليها في كلّ مناطق العالم لسنوات طويلة. من أشهر وكالات الأنباء الدولية التي تعمل اليوم:

  • 1- وكالة الأنباء الفرنسية Agence France Presse حيث تمّ إنشاؤها سنة 1852م على يد الفرنسي تشالز لويس هافاس؛
  • 2- وكالة رويتر البريطانية Reoter وقد تمّ إنشاؤها سنة 1850م؛
  • 3- وكالة أسوشيتد برس الأمريكية The Associated Press of America وتأسّست سنة 1892م؛
  • 4- يونايتد برس إنترناشيونال الأمريكية United Press International of america التي تأسّست عام 1907م؛
  • 5- وكالة انترتاس الروسية للأنباء التي أُنشئت عام 1981م.

وتتحكّم هذه الوكالات بما يربو عن 90% من الأخبار المتداولة في العالم، ولا تخصّص إلاّ القليل من أنبائها للعالم النامي كلّه الذي يمثّل سكّانه نحو 75% من سكّان العالم.

مصطلح قريب

لغة كلزية

international news agency
لغة فرنسية

agence de presse internationale
مراجع

  • مصطلحات في الإعلام والاتصال. خضير شعبان، دار اللسان العربي. الطبعة الأولى، 1422، الجزائر.
  • سماسرة الأخبار، دراسة حول وكالات الأنباء الدولية ومناطق النفوذ. الربيز: فريد ايار. وكالة الأنباء الكويتية، 2002م.
  • صناعة الأخبار العربية. نهى ميلور، ترجمة: حنان عبد الرحمن الصفتي. الطبعة الأولى 2010. المركز القومي للترجمة، مصر.
  • وكالات الأنباء والتحكّم الإخباري. الربيزة: سهام حسن علي الشجيري. نبلاء ناشرون وموزّعون، دار أسامة للنشر والتوزيع. الطبعة الأولى 2014م. عمان، الأردن.