وُضعت هذه الكلمة في اللغة العربية لمقابلة ما يُعرف في اللغات الغربية باسم geosyncline وهو مصطلح في طريق الزوال، ما يزال يستعمله بعض المؤلفين للإشارة إلى الحالة التي توجد فيها الجِبْلة الحَوقرية pericratonic chain قبل انضغاطها. تدلّ على حوض ترسّبي كبير أو انخفاض في القشرة الأرضية سريع الانخساف. يكون على شكل خندق عميق في المحيط (بضعة إقاسات) ضيق (من إقاس واحد إلى عدة مئات الإقاسات) وطويل (من ألف إلى عدّة آلاف من الإقاسات) مقسّم إلى أخاديد بواسطة غُضون، حيث يضمّ تراكمات من رُسابات سميكة (بضعة إقاسات) تعود إلى آلاف السنين، ومن المحتمل أن يضمّ أيضا صخورا انبثاقية بركانية. كما يمكن أن يكون جزءا من دورة رِهاصية (تكتونية) حيث يلحق بها التجبّل. ظهر هذا المفهوم أوّل مرّة في أمريكا، واستغرق وقتا طويلا لعبور المحيط الأطلسي والوصول إلى أوروبا أكثر من نظرية الصفائح الرِّهاصية، وقد طبّقه على جبال الألب، هوغ E. Haug (1900م)، ثم أوضحه ستيل H. Stille (1936م) وأخيرا نظّمه أوبوين J. Aubouin (1965م).

رواسب صحينية، (1) انخساف الصحينة، الطبقات في المركز أسمك من التي في الجوانب. (2) انخساف عظيم، مع نشوء شبكة من الصدوع على طول قعر الصحينة، وظهور جُدد منكرسة. وقد تعرضّت الطبقات العليا للتغضّن نتيجة الانزياح الجانبي لأطراف الصحينة.
اقترح الإحاثي الأمريكي جيمس هول James Hall، نظرية شرح بها نشوء الجبال، وما تحتوي عليه من رُسابات سميكة ضخمة، نشرها سنة 1859م، وقد اختمرت في ذهنه فكرة هذه النظرية بعد قيامه بدراسات على السَّتَلات الرسابية المُكوِّنة لجزء من جبال الأبلاش في ولاية نيويورك، والمناطق المتاخمة لها، حيث لاحظ الاختلاف في بُصْر ستلات «الباليوزوي» المشوّهة في هذا الجزء، والتي تبلغ زهاء 10 إقاسات، وبين تلك التي لم تتشوّه، الموجودة في وادي المسيسيبي والتي تقلّ عن نظيراتها في جبال الأبلاش زهاء عشر مرّات. استنتج هول أنّ الستلات النِّحازية stratigraphic series في المنطقة ناجمة عن ترسّب حدث في مياه ضحلة، لا يزيد عمقها عن بضع مئات من القاسات، وأنّ هذه العملية جرت في منخفض طويل يتعرّض لانخساف مع استمرار تراكم الرسابات، ثمّ حدثت له انخسافات أخرى، أدّت إلى ارتفاع حرورة الرسابات الموجود أسفل الحوض، ومع هذا تتعرّض المنطقة كلّها لعملية انتجاد uplift. يعتقد هول بأنّ الأحواض الرسابية تتكوّن بصفة عامّة حول حافَات القارّات. توصّل جيمس هول إلى استنتاج عزا تكوين المناطق المرتفعة (الجبال) إلى انعكاس التضاريس التي تحدث في المنخفضات التي تتجمّع فيها الرواسب.
لم يضع هول لهذه النظرية اسما لها، بل ظلّت من دون تسمية زهاء نصف قرن، حتّى جاء دانا James Dwigtht Dana (1813-1895) سنة 1873م وتبنّى هذه الفكرة، وأطلق على الصحينة مصطلح geosynclinal، إلاّ أنّه لم يأخذها على عواهنها، فلقد توسّع في تصوّر النظرية، ونظر إلى الصحائن نظرة شمولية، من منطلق قناعته بالتَّزانة isostasy، أي أنّ المناطق الداخلية ترتفع عن طريق توازن القشرة الأرضية، أو التعويض التوازني، وبنظرية الانكماش contraction theory، وافترض دانا أن المناطق القارّية تتعرّض للكثح، ثمّ تتجمّع الرُّسابات بكمّيات كبيرة في أحواض بنائية downwarped troughs وليس في أحواض رُسابية عادية، ناجمة عن انكماش القشرة الأرضية، وذلك بعد حدوث انخسافات بفعل الصدوع، إلاّ أنّ استمرار الانكماش يولّد قُوى مُوَجَّهَة تعمل على طي أو تغضين folding الستلات الرسابية، ومن ثمّ تتكوّن الجِبْلات (السلاسل الجبلية) المرتفعة. حسب دانا فإنّ الجِبْلات التي تنشا في الصحائن تتميّز: (1) بالبُصْر الكبير لرُسابات سِحْنات المياه الضحلة shallow-water facies؛ (2) وجود أنماط مختلفة من الغضون أو الطيّات، ويحدث التغضّن بسبب انخساف الصحينة؛ (3) حدوث عمليات التخمّم والانكراسات المهلية والأنشطة البركانية؛ (4) تواجد الصحائن على حافات القارّات، وتنشأ نتيجة الضغوط في الأنطقة المحيطية، حيث تتعرّض هذه الأنطقة لانكماش كبير مقارنة بالمناطق القارّية.
في سنة 1900م قدّم هوغ Haug بحثا مهمّا، يقوم على تصوّر مختلف بعض الشيء عن الصحائن، والتي تتميّز حسب رأيه: (1) بالبُصْر الكبير لرُسابات المياه العميقة؛ (2) في نهاية الدورة الصحينية تحدث عملية التغضّن التي تبدأ بالتجعّد وبتكوين مجموعة من الأعراف تُعرف باسم الصحائن العملاقة geanticlines؛ (3) تتواجد الصحائن بين منطقتين قارّيتين، وليس على حافات القارّات كما اعتقد دانا. (4) وهي عبارة عن منخفضات رِهاصية عميقة deep sedimentary troughs. ثمّ تمّت محاولة أخرى في تصنيف الصحائن قام بها شوشيرت Schuchert سنة 1923، قسّم من خلالها الصحائن عدّة أقسام. خلال مدّة تزيد عن ثلاثين عاما قام العالم ستيل Stille بنشر عدد من البحوث، بين سنتي 1931-1942م ركّز فيها على الخصائص العامّة للصحائن، وعلى مناقشة بعض الأمور التي أثير الجدل حولها في تلك الفترة، مثل: بُصْر الرسابات الصحينية وسحناتها، وعلاقة البصر بأنماط الغضون، والتطور المهلي في داخل الصحائن، كما قام بتصنيفها واستخراج أقسامها، بين عامي 36-1941م. ثمّ جاء كاي Kay وقام ببعض التعديلات على تصنيف ستيل.
في سنة 1950م قام العالمان الروسيان بيفي، وسينيتيزين Peyve and Sinitzyn بتقسيم الصحائن إلى ثلاثة أقسام: (1) صحائن أوّلية primary geosynclines، تلعب أنظمة الصدوع الكبرى الموجودة في صخور معقّد القاعدة دورا في تشكيلها، وتتميّز بأنشطة صُهارية قِمْطية وبالتخمّم الحركوتي. (2) صحائن ثانوية secondary geosynclines، وتوجد في الأنطقة القريبة من الجِبْلات الناتجة عن الصحائن الأوّلية، وباحتوائها على رواسب قارّية سميكة، والتخمّم فيها من النوع الحراري. (3) الصحائن التُلاوية residual geosynclines، وهي عبارة عن أحواض ضخمة تحتوي على رُسابات بحرية فَوْقَرية epicontinental marine sediments وغير مُتغضّنة في العادة. تتميّز بالانبعاثات البركانية الحمضية.
تعرّضت هذه النظرية في تاريخها الطويل إلى انتقادات متعدّدة جدّا، نذكر منها، على سبيل المثال: (1) أنّ هذه النظرية لم توضّح قينياء انخساف الصحائن وأسبابها؛ (2) كما لم تبيّن السبب الذي يجعل رسابات الصحائن من دون أي تأثّر لأبلاف السنين، ثمّ تمرّ فجأة بمرحلة أو أكثر من مراحل التجبّل والتشكيل؛ (3) تقوم نظرية الصحائن على مبدأ الحركات العَمَدية للقشرة الأرضية، وتهمل تماما الحركات الأفقية؛ (4) لم تستطع هذه النظرية أن تفسّر بشكل مُرْضٍ مصدر المواد الحُتاتية التي تُسهم في تغذية الصحينة؛ (5) يقوم جانب كبير من النظرية على مبدأ الإنكماش الخارجي لسطح الأرض نتيجة البرودة المستمرّة، والتي تعتبر فكرة غير صحيحة، وغير مقبولة شكلا ومضمونا. لقد أدى مفهوم الصحينة إلى ظهور زهاء خمسة عشر مصطلحا، أُهملت جميعا وسقطت من الاستعمال، والتي تسبّبت مدّة من الزمن في عرقلة ظهور مفهوم الصفائح الرهاصية في أوروبا لا سيّما في فرنسا.