معجم المصطلحات الكبير
تحْليل الإطار الإعْلامي
الإعلام والاتصال

تهتم هذه النظرية بقياس المحتوى الضمني للرسائل الإعلامية التي تنشرها وسائل الإعلام، وتفسيرها لدور هذه الوسائل في تشكيل الأفكار والاتجاهات بصدد القضايا البارزة وعلاقة ذلك باستجابات الجمهور المعرفية والوجدانية لتلك القضايا، وتعود هذه النظرية إلى العالم والكاتب الاجتماعي الكندي الأمريكي «إرفنغ غوفمان» Erving Goffman عام 1974م حيث طوّر مفهوم البناء الاجتماعي والتفاعل الرمزي من خلال مناقشته لقدرة الأفراد على تكوين مخزون من الخبرات باستطاعة هذا المخزون أن يحرّك مدركاتهم ويحثّهم على حسن استعمال خبراتهم الشخصية عن طريق أُطُر إعلامية مناسبة تضفي على المضمون معنى ومغزى، وقد أشار «غوفمان» إلى معنى الإطار في كتابه «تحليل الأطر» وذكر بأنّه هو العمليات التي يقوم بها الإنسان في تصنيف الواقع وتنظيمه وتفسيره لتسهيل عملية فهم المعلومات ووضع الأحداث في سياقها. ويعرّفه «تانكارد» James Tankard بأنّه «مبدأ مركزي يُنظّم المحتوى الخبري بشكل يُعرِّف ماهية الخبر ويفسّره عبر استعمال صِنْعات (تقنيات) الاختيار والتأكيد والإقصاء والإدماج»، فصياغة الأخبار تتأثّر بالسياق الاجتماعي والثقافي لمنتج الخبر ومتلقّيه، وتمثّل حوارا ضمنيا يعتمد لغة وترميزا يفهمهما الناقل والمتلقّي، وبالقدر نفسه من الأهمّية وبحسب ما يوضح «ريس» Stephen D. Reese، فإنّ هناك نمطا من العلاقات والبِنى السلطوية والمؤسّسات الساندة لها تقوم بإنتاج وإعادة إنتاج أُطُر وسياقات رتيبة، مهمّتها إضفاء المعنى على العالم الخارجي، فالأحداث تكتسب معناها بالطريقة التي نعتمدها في وصفها، وهذ الطريقة ليست مجرّدة من نظام المعنى الذي تنتجه المجتمعات ويتمثّله الأفراد عبر عملية التنشئة الاجتماعية. إنّ وصفنا للموضوعات الاجتماعية هو في الحقيقة تعبير عن احتكاك ذاتياتنا مع جميع ما تحمله من قيم وتصوّرات وانحيازات بتلك الموضوعات، وبالتالي فإنّ عملية الوصف بذاتها هي تجريد لها من موضوعيتها، ومن هنا فإنّ صناعة الخبر هي عملية ذِهنيائية ورمزية تهدف إلى دعم قراءة معيّنة للواقع أو دحضها، وعلى هذا فإنّ كلّ خبر متحيّز بطريقة ما وإن كان عن غير قصد، وكما يقول «مانينغ» 2001م «فمادام لكلّ نصّ معنى، فإنّ بنية هذا النصّ تقصي المعاني الأخرى بالضرورة».

وتفترض هذه النظرية أنّ الأحداث لا تنطوي على أي مغزى في حدّ ذاتها، إنّما تكتسب هذا المغزى حينما توضع في إطار عام يحدّد ملامحها ويُضفي عليها قدرا من الاتساق والوضوح، من خلال التركيز على بعض الجوانب من الموضوع وإغفال جوانب أخرى، فالإطار الإعلامي هو الفكرة المحورية التي تنتظم حولها الأحداث الخاصّة بقضية معيّنة، ويعني الإطار الإعلامي انتقاءً متعمّدا لبعض جوانب الحدث أو القضية وجعلها أكثر بروزا في النصّ الإعلامي، واستعمال أسلوب محدّد في توصيف المشكلة وتعيين أسبابها وتقييم أبعادها وطرح الحلول المقترحة بشأنها، ويظهر التأطير من خلال اختيار الكلمات الأساسية أو التعبيرات الموحية أو بعض الصور التي تشرح قضية أو مشكلة وتبيّن أبعادها الخفية. وهناك نِمطان أساسيان للأطر الإعلامية، الإطار المُحدَّد episodic frame المرتبط بالوقائع الملموسة، وهو التركيز على شرح القضايا المثارة من خلال طرح نماذج ملموسة ووقائع محّددة مثل: حادث اغتيال أو انفجار مبنى، ثمّ الإطار العام thematic frame ويعالج القضايا المثارة في سياق مجرّد أو يتّسم بالعمومية، مثل إرجاع الأسباب إلى الأوضاع السياسية والاقتصادية السائدة، فحينما تقول صحيفة أمريكية أو إسرائيلية «إنّ الجنود الإسرائليين قصفوا مدرسة فلسطينية»، ثمّ تُتبع ذلك بعبارة «ويُشتبه أنّ إرهابيين تابعين لحماس كانوا موجودين في هذا الموقع»، يكون هذا تأطيرا قصديا للخبر السياسي، وإيصال رسالة مُعيّنة إلى المتلقّي. أمّا المتغيّرات الأساسية التي تتحكّم في تحديد الإطار الإعلامي كما ذكرها الربَّيِزان حسن مكاوي وليلى السيّد: (1) مدى استقلالية البلغ السياسية. (2) أنواع مصادر الأخبار (3) أنماط الممارسة الإعلامية. (4) المعتقدات الذهنيائية والثقافية للقائمين بالإعلام. (5) طبيعة الأحداث ذاتها. وتفترض البحوث الخاصّة بهذه النظرية أنّ اختلاف وسائل الإعلام في تحديد الأطر الإعلامية يؤدّي إلى اختلاف أحكام الجمهور المرتبط بكلّ وسيلة فيما يتعلّق بتشكيل المعارف والاتجاهات نحو القضايا المثارة.

مصطلح قريب

لغة كلزية

media framing analysis
لغة فرنسية

analyse du cadre médiatique
analyse du cadrage médiatique
مراجع

  • الاتصال ونظرياته المعاصرة. الربيز: حسن عماد مكاوي، والربيز: ليلى حسين السيد. الدار المصرية اللبنانية، 1998م. القاهرة، مصر.
  • معالجة نقدية لصناعة الخبر السياسي في وسائل الإعلام الجماهيرية، حارث القرعاوي. الإعلام وتشكيل الرأي العام وصناعة القيم. مركز دراسات الوحدة العربية، تحرير وتقديم: عبد الأله بلقزيز. سلسلة كتب المستقبل العربي 69. 2013م، بيروت، لبنان. 
  • James Tankard, «The Empirical Approach to the Study of Media Framing» in: Reese, Gandy and Grant, eds., Framing Public Life: Perspectives on Media and Our Understanding of the Social World, p. 100.