معجم المصطلحات الكبير
كِتابة فارِسِية
الكِتابة

كانت الكتابة الفارسية القديمة في عهد دولتي ماد والهخامنشيين الخطّ المسماري، المأخوذ من المسماري الآشوري أو البابلي، الذي أُخذ بدوره عن الشومريين، وفي أثناء حملة الإسكندر على إيران أصبح الخطّ اليوناني هو الخطّ الرسمي للدولة، وقد دام حينا من الزمن ممّا جعل الكتابة المسمارية تنحصر ثمّ تختفي. أمّا الأشكانيون فقد كتبوا بالخطّ الفهلوي الأشكاني المأخوذ عن الكتابة الآرامية، ولمّا وصل الساسانيون إلى الحكم كان الخطّ الفهلوي الأشكاني قد نضج وتمّ، وحين أدرك العلماء عيوبه وعرفوا نقصه عمدوا إلى رتقه وإصلاحه، فأقبل «ماني» على مزجه بالخطّ السرياني الشائع آنئذ، وقد أُختير هذا الخطّ للكتابة الدينية، ففي أواخر عهد الساسانيين أقبل الموبذون وعلماء المجوسية على إصلاح كبير لهذه الكتابة، وأسموا الخطّ الذي كُتب به الوُسْتاق خطّ «دِين دَبِيرِه» وهو الخطّ الذي حفظوا به كتابهم المقدّس، وهم ينسبون اختراعه إلى زرادشت نفسه، ولهذا أسموه كذلك «بالخطّ الوُسْتاقي».

وحين انتشر الإسلام في بلاد إيران أصبحت الكتابة العربية كتابة دينية تجب معرفتها لقراءة القرآن والحديث، فحلّ الخطّ الكوفي محلّ الخطّ الفهلوي والخطّ الوُسْتاقي، وكان ذلك منذ أواخر القرن الهجري الأوّل ومطلع القرن الثاني. فأهملت غالبية الشعب الخط الفهلوي وتحوّلت شيئا فشيئا إلى الكتابة العربية يكتبون بها معاملاتهم ورسائلهم ومخطوطاتهم العلمية والسياسية. وقد امتزجت اللغة الفارسية بالكلمات العربية، ونجم عن هذا ما يُسمّى بالفارسية الدَّرِّية، وهي أساس لغتهم اليوم، ومع ذلك فقد حافظ بعض الإيرانيين على لغتهم الفهلوية وخطّها حينا من الزمان، وسكّ أمراء طبرستان «الاسبهبدان» نقدهم باللغة الفهلوية ووُجدت منها بقية تعود لسنة 140. ولمّا آمن الإيرانيون بالإسلام دينا وبالخطّ الإسلامي كتابة غدوا عاملا على نشرهما وتوسيعهما بين الأقوام الكثيرة المحيطة بهم والبعيدة عنهم لا سيما الترك والهنود.

لم يذكر المؤرّخون اسم الذي حوّل الأبتثية الفارسية وخطّها من العربية، ولم يحفظ لنا التاريخ أوّل كتاب ظهر بها، وكلّ الذي وصلنا حصيلة عامّة وعمل تامّ لتحوّل الكتابة الفارسية من الفهلوية إلى الحروف العربية. وقد طابق الفرس الأوائل نطق حروفهم بنطق حروف الأبتثية العربية، وكتبوا كلّ حرف عندهم بما يُطابقه بالحرف العربي، ولكنهم وجدوا أربعة أصوات ليس لها حروف في العربية، فاستعملوا الحروف القريبة النطق منها مضيفين حركات ونقاط على الأصل لتلائم النطق الفارسي، فالحرف (چ) وجدوه قريبا من الحرف (ج) ففرّقوه عن الثاني بنقطتين إضافيتين، وكذلك فعلوا في (ژ) والحرف (پ) أما الحرف (گ) فزادوا عليه خطّا ليمتاز عن الحرف (ك)، لذا فعدد حروف الأبتثية الفارسية ثلاثة وثلاثون حرفاً، وترتيبها كالتالي :

 ء - ا - ب - پ - ت - ث - ج - چ - ح - خ - د - ذ - ر - ز - ژ - س - ش - ص - ض - ط - ظ - ع -غ - ف - ق - ك - گ - ل - م - ن - و - ه - ي.

يلاحظ أن الحروف الأربعة الزائدة هي :

پ : تُنطق كما تنطق الباء في كلمة «مبتدأ».

چ : تُنطق تْشِي.

ژ : تُنطق جيما من دون تعطيش.

گ : تُنطق قافا معقوفة كقاف الأعراب، وتُسمّى گاف.

ومن بين هذه الحروف ثمانية حروف دخيلة على الفارسية؛ وهي ذات أصل عربي أو تركي أو فارسي محرّف وهي: ث - ح - ط - ظ - ص - ض - ع - ق كما في الكلمات: ثواب، طفل، صفر، ضعيف، وهي ذات أصل عربي، أمّا التي لها أصل تركي فمثل: آ قا (سيد)، جاقو (سكين). ويلاحظ أن الحروف العربية لا تخرج أصواتها من نفس مخارجها في العربية، بل تلفظ لأقرب مخرج مشابه لها في الفارسية فثواب تُنطق سواب، وصفر سفر، وضعيف زعيف، وطاهر تاهر، وحرف القاف يُنطق بين القاف والغين. وعلى الرغم من أنّ لحرف الثاء وجودا في الفارسية القديمة إلاّ أنّه لم يعد له أي اعتبار اليوم، كما أنّ العوام ينطقون حرف الذال مثل الزاء وإن كان حرفا من الفارسية القديمة. يختلف الإملاء الفارسي عن الإملاء العربي، فالألف لا تُنطق ألفا كما في العربية بل هي أقرب إلى الضمّ المُفخّم فكلمة «نان» التي تعني الخبز تُنطق «نون».

لغة كلزية

persian writing
لغة فرنسية

écriture du persan
مراجع

  • المجموعة الفارسية. الربيز: محمد ألتونجي. الطبعة الثالثة، 1969 م. دار الفكر، دمشق، سوريا.
  • أطلس الخطّ والخطوط، حبيب الله فضائلي. ترجمة الربيز: محمّد ألتونجي. الطبعة الثانية، 2002م. دار طلاس، سوريا.

خطّ النستعليق اختراع إيراني يُبرز ذوق الإيرانيين وطبعهم، وهم يرونه توأما للذوق الأدبي والحسّ الجمالي، ويربطونه بالأفكار والآداب والشعر، ويرافقونه بالرسم والتذهيب، والحقيقة أنّ صفحة بخطّ النستعليق تُعتبر من أجمل الفنون، مثل هذه القطعة التي كتبها الخطّاط شاه محمّد زمن الدولة الصفوية. مصدر الصورة: sothebys