معجم المصطلحات الكبير
شَخِيصة
التسويق والإشهار

ورقة مُفردة ذات حجم كبير يُطبع عليها إعلان رسمي أو إشهاري، ثمّ تُعلّق في الأماكن العامّة ذات الرِّياد الكبير ليطّلع عليها الناس. إنّ فكرة استعمال الإشخاص كوسيلة للإعلان الجمعي، ظهر أوّل ما ظهرت المدن والكتابة، فمنذ بداية العصر الميلادي شهدت مدينة بومباي التاريخية أنواعا من الإعلانات التي تحتوي على بعض الرسومات الملوّنة والتي تدعو إلى حضور الاحتفالات، وبظهور الطباعة في الغرب المسيحي تدخّلت الكنيسة والسلطات المدنية في تنظيم الإشخاص والسيطرة عليه، ثمّ أصبحت الشَّخِيصة وسيلة للنضال أكثر منها وسيلة لترويج السلع، فقد عرفت في نهاية القرن الثامن عشر الميلادي ازدهارا عظيما، ففي سنة 1789م كان الخطاب الوحيد الذي يُسمع هو خطاب الجدران. ثلاثة عوامل أساسية مرتبطة بالثورة الصناعية ساهمت في جعل الشخيصة بَلَغا جماهيريا: ظهور الطباعة الحجرية، لا سيّما التي استعملها «جول شريت» jules chéret, 1836-1932، ثمّ التوسّع في الحياة الحضرية الذي صحبه إنارة الشوارع والكُفاحات بالضِّرام، ثمّ الطلب المتزايد على الإشهار التجاري.

أُنجزت أوّل شخيصة بالمقاييس الحديثة في فرنسا في القرن التاسع عشر، حيث يُعزى تصميمها إلى «إدوار مانيه» Édouard Manet, 1832-1883 وهو رسّام فرنسي من روّاد المدرسة الانطباعية، وذلك في تنجيله لعمل حول القِطط (مكتبة روثشيلد، 1868م)، حيث تحوّلت خطوطه الأصيلة المُرسْبنَة graphique إلى بداية علاقة متينة بين الرسم والنصّ، ولكن مع «هنري دي تولوز لوتريك» Henri de Toulouse-Lautrec, 1864-1901 و«ألكسندر شتاينلن» Alexandre Steinlen, 1859-1923 أصبح النقش أحد اللبنات الأساسية في الرسم وليس مجرّد علوان فرعي، حيث طبّق الأول في عمله للشخائص الموجّهة إلى قاعة الموسيقى أسلوب النقش الخشبي الياباني، في حين استعمل الثاني الاستعارات البصرية، ممّا ضاعف من التفاصيل المثيرة. أمّا اليوم فلم يعد هناك أسلوب وطني يمكن أن يميّز بين الشخائص المنجزة في مختلف الدول، ولكن يمكن التحدّث عن انتشار الأسلوب الإشهاري في الدول الغربية، فالشخيصة السياسية، وشخيصة الدعاية الحزبية والانتخابية توظّفان الأساليب نفسها التي تُستعمل في شخيصة الدعاية التجارية، أمّا في الدول الأوروبية الشرقية، فقد ارتبطت كثيرا بالحياة الثقافية، مثل الإعلانات عن الاحتفالات والحفلات، وفي أحيان أخرى تأخذ الطابع المدني، كالدعوة إلى التبرّع بالدم، أو حملات محاربة تعاطي المُسكرات أو التدخين.

تشتمل الشخائص في عمومها على صورة ونصّ مقتضب أو رَمازة المُعْلِن، وتُستعمل غالبا في التسويق التجاري، كما قد تكون وسيلة إعلامية أو دعائية. تُنجز الشخائص من لدن فنّانين مجيدين لذلك يُعتبر بعضها قطعا فنّية رائعة، وقد كانت في أوّل أمرها بسيطة ومباشرة في رسائلها وتخلو من الإبداع الفنّي وسعة الخيال، وهي تنقسم إلى ثلاثة أصناف، الصنف الأوّل منها، يُمثّل الشخائص الأولى التي كانت تُبيّن السلعة أو الخدمة وعنوان المؤسّسة التي تُنتجها أو تُقدّمها، أي إخبار عن سلعة أو خدمة ومكان توافرها. الصنف الثاني، يضمّ نوع السلعة وبعض خصائصها مع ذكر جميع المعلومات التي تخصّ المُنشأة أو المؤسّسة المُصنِّعة واسم المنتوج، بعضها يحتوي على شريط أبيض في الأسفل يضمّ اسم الموزِّع وعنوانه، ويُمثّل هذا الصنف، الشخائص ذات الطابع المحلّي أو الحِرْفي. أمّا الصنف الأخير فهو المعروف باسم «إشهار الرَّمازة» publicité de la marque، وفي هذا النوع من الإشهار، لا تحتوي الشخيصة إلاّ على نوع السلعة أو الخدمة ورمازتها، ولا يوجد ذكر للمُنْتِج ولا عنوانه ولا مكان البيع، فعبء معرفة ذلك كلّه يقع على عاتق المستهلك.

زاحم الإشهار الرَّناتي والإذاعي والطَّبَع الشخائص وجعل أهمّيتها تتدهور، ومع ذلك فإنّ المُنجزة منها غالبا ما تكون متقَنة الإخراج ومشتملة على صور تشدّ البصر، وأحسن صورة شخيصية في رأي «بول كولن» Paul Colin (رسّام فرنسي، وُلد سنة 1892م) هي «العنيفة التي تغتصب»، لذلك كانت 80% من الشخائص تُرى ولكن ليس بالعين الواعية المدركة، وتترك في نفس المشاهد أثرا خفيا غير محسوس، أمّا شخائص بعض رَمازات السجائر فتضمّ نصّا وصورا لا علاقة بينها وبين المنتوج. ولمّا كانت وظيفة الشخيصة هي لفت الانتباه وشدّ بصر المشاهد نحو مضمونها، فقد اُستعمل لهذا الغرض الشخصيات التاريخية والشخصيات المشهورة سياسيا وثقافيا وفنّيا، والمراد بالشهرة أنّ الشخصية تُميّز للوهلة الأولى، ويتعرّف عليها أغلب الجمهور، وربط المشاهير بموضوعات إشهارية لا علاقة لهم بها يجعل للشخيصة جذبا قويا لا يُقاوم، كأن تُرسم شخصية سياسية مرتدية منامة أو سروالا بعِلاق، أو يُمثّل بشخصية سياسية عاشت ردحا من الزمن أحُفَّة السيّارات التي لا تتشرّم أبدا، كما اُستعملت صورة المرأة إصارا accroche في الشخائص بطريقة مُعسفة ومؤسفة لا سيّما في الدول الغربية حيث الغرائز النشطة مطلقة من كلّ قيد.

تعليق

الشَّخِيصة من الشخوص وهو الارتفاع والظهور، لأنّها ترتفع ليراها الناس وتَشْخَصُ إليها الأبصار، يُقال شخص بصره فتح عينيه وجعل لا يطرف. والمصدر منها الإشخاص وهو في الفرنسية affichage, publicité par affiches وفي الكلزية poster advertising, poster display.

مترادف

مُلْصق إعْلامي

[وسيلة خاصّة للتعبير عن فكرة أو موضوع معيّن بالصور والرسوم والكلمات. معجم مصطلحات الإعلام، مجمع اللغة العربية، القاهرة]

لغة كلزية

poster
bill
لغة فرنسية

affiche
مراجع

  • Les médias, E.D.M.A. Encyclopédie du monde actuel. Collection dirigée par Charles-Favrod, 1981. Le livre de poche

مثال عن الشخائص القديمة التي كانت تشتمل على كلّ المعلومات المتعلقة بالسلعة.

مثال عن الشخيصة الحديثة تضمّ صورة مميّزة مع نصّ مقتضب. والشخيصة من إنجاز أكبر وكالة إشهارية دولية Euro RSCG، فرنسا، اسمها اليوم Havas worldwide

شخيصة حديثة لا تحمل إلاّ صورة ورَمازة، من إنجاز المصوّر الإسباني «باكو بيريغرن» Paco Peregrín المشهور بصوره العنيفة.

شخيصة عنيفة للفنّان الإسباني «باكو بيريغرن» Paco Peregrín، تحمل مضمونا إشهاريا متعلّقا بمستحضرات التجميل.

شخيصة الصندوق العالمي للطبيعة WWF، تذكّر بمشكلة الاحتباس الحراري للأرض.