معجم المصطلحات الكبير
هُبَل
الثقافة والإناسة

صنم من أصنام قُريش، ومن أعظم معبوداتها، وهو كبير آلهتها في الجاهلية مثلما كان زيوس وجوبيتير عند الإغريق والرومان، وآمون عند المصريين، ومردوخ في بابل، وأتيس في فريجيا، وملكارث في صيدون. كما أنّه إله الحرب، والخصب، والرزق، ففي معركة أُحُد بين المسلمين والمشركين انطلق أبو سفيان بعد أن انقشع غبار المعركة إلى معسكر المسلمين ليتحقّق من موت خصومه وأعدائه، كما جاء في حديث البراء بن عازب على رواية البخاري: «وأشرف أبو سفيان فقال: أفي القوم محمد؟ فقال صلى الله عليه وسلم: لا تجيبوه، قال: أفي القوم ابن أبي قحافة؟ فقال: لا تجيبوه، قال: أفي القوم ابن الخطاب؟ فقال: إن هؤلاء قُتِلوا، فلو كانوا أحياء لأجابوا، فلم يملك عمر نفسه فقال: كذبتَ يا عدوّ الله، أبْقَى الله لك ما يُحزنك، قال أبو سفيان: أُعْلُ هُبَل (صنمهم الذي يعبدونه) فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم أجيبوهُ، قالوا: ما نقول؟ قال: قولوا، الله أعلى وأجَلّ». یقول ابن الكلبي في كتابه المعروف بالأصنام: «كان الذي سلخ بالمكّیین إلى عبادة الأوثان والحجارة أنه كان لا یظعن من مكّة ظاعن إلا احتمل معه حجرا من حجارة الحرم، تعظیما للحرم وصَبابة بمكّة، فحیثما حلّوا وضعوه وطافوا به كطوافهم بالكعبة، ثم سلخ ذلك بهم إلى أن عبدوا ما استحبّوا، ونسوا ما كانوا علیه، واستبدلوا بدین إبراهیم وإسماعیل غیره، فعبدوا الأوثان وصاروا إلى ما كانت علیه الأمم من قبلهم».

كان هُبَل على صورة إنسان مصنوع من العقيق، كُسرت ذراعه فأبدلته قريش بذراع من ذهب. وكان الرجل إذا قدم من سفر بدأ به، فزاره وحلق رأسه عنده، وقد وضعوه إلى جدار في داخل الكعبة، وروى الأزرقي أن صور مريم والمسيح وإبراهيم وإسماعيل عليهم السلام، وبعض صور الملائكة، كانت منقوشة على بعض عُمُد الكعبة. وقد وضعت أمامه في الكعبة الأزلام أو الأقداح أو السهام التي يستقسم بها أهل الجاهلية، وهي سبعة أقداح، كل قِدْح منها عليه كتابة، حيث يقرّر بها الكاهن مصائر الناس. قِدْح منها فيه «العَقْل» أي الدية، وهو المال الذي يُدفع ثمن الدم المهراق، فإذا اختلفوا في العقل من يحمله منهم ضربوا بالأقداح السبعة عليهم، فمن خرج له قِدْح العَقْل يكون عليه دفع الديّة، وقدح في «نعم» للأمر، فإذا أرادوا أمرا يُضرب به في الأقداح، فإن خرج قدح فيه نعم عملوا به، وقدح فيه «لا» فإذا خرج لم يقدموا على ما يريدون، وآخر فيه «صريح»، وآخر فيه «مُلْصق»، وثالث فيه «من غيركم»، لمعرفة نسب الشخص الذي شكّوا في نسبه، وقِدح فيه «الماء»، فإذا أرادوا أن يحفروا للماء ضربوا بالأقداح، ويتمّ هذا الأمر بدفع مئة درهم وجزور يعطونها صاحب الأقداح الذي يضرب بها.

الشائع أنّ قريشا نقلته عن كنانة وصار صنمها الأكبر، وذكر ابن هشام في سيرته أن عمرو بن لُحَيٍّ الخزاعي هو الذي أحضر هذا الصنم من مؤاب أو العراق إلى مكّة، ويذكر مؤرخو العرب أنه كان أول من أدخل الأصنام إلى بلاد العرب، وأنه جلب أول صنم إليها وهو هُبَل من مدينة «هيت» في العراق، ويُقال أيضا إنّه هو الذي أتى بإساف ونائلة من أرض الشام، ووضعهما في داخل الكعبة فعُبِدا. وذكر ابن الكلبي في كتاب الأصنام أنّ عمرو بن لحي هذا مرض مرضا شديدا، فقيل له: إنّ بالبلقاء من الشام حَمّة إن أتيتها برئت، فأتاها فاستحمّ بها فبرئ، ووجد أهلها يعبدون الأصنام، فقال: ما هذه؟ فقالوا: نستسقي بها المطر ونستنصر بها على العدو، فسألهم أن يعطوه منها ففعلوا. والصنم الذي حمله هو هبل. قيل في تفسير اسمه العديد من الروايات، منها: أنّه من الهُبْلة أي القُبْلة. أو من قولهم هبلته أمّه أي ثكلته، إلاّ أنّ الراجح في اسم هبل أنّه محرّف من apollon، إله من آلهة الإغريق القدامى، يُعزى إليه الفنّ والغناء والموسيقى، والشفاء والتطهير، كما أنّه يمكن أن يجلب الطاعون، وهو أحد آلهة العرافة والمشورة، لذلك ربطت العرب بينه وبين القداح، ويشفع لهذا الرأي رواية ابن الكلبي أنّه جيء به من الشام، ثمّ إنّ القرآن لم يذكره على الرغم من أنه الصنم الأكبر، في حين ذكر اللات والعُزّى ومناة وبعلا، وهذه كلّها معبودات عُروبية.

مراجع

  • عصر ما قبل الإسلام. تأليف: محمد مبروك نافع. مؤسسة هنداوي سي آي سي، 2017م. المملكة المتّحدة.
  • المعجم الأدبي. تأليف: جبّور عبد النور. دار العلم للملايين، 1979م. بيروت، لبنان.

كان أبولو إلها شابا في الإسطارة الإغريقية، أنيطت به أعمال كثيرة. صفاته المميّزة القوس والخَطّارة. هذا الشكل الصغير من اللَّبَك، يعود إلى القرن الخامس قبل الميلاد، له قوس في اليد اليسرى وربما كانت قنينة في اليد اليمنى. مصدر الصورة: metmuseum