معجم المصطلحات الكبير
نظرِية الأنْماط الجامِدة
الإعلام والاتصال

يعتبر «والتر لبمان» من الأوائل الذين قاموا بدراسة الاتصال الجماهيري في كتابه الرأي العام الذي صدر سنة 1922م، ويرى «لِبمان» أنّ الإنسان لا يستطيع فهم العالم المحيط به دفعة واحدة وذلك لإدراكه المحدود، بل يتمّ هذا الفهم على مراحل من النضج والتطوّر والحصول على المعلومات خلال مراحل نموّه المختلفة، ويتكوّن الرأي العام لدى الجماهير بناء على الصور التي يكوّنونها في أذهانهم، والرأي العام هو القوّة المراد التأثير فيها من لدن أجهزة الاتصال والحكومات وغيرها، والأشياء التي تحيط بالإنسان أعمق وأعظم من أن يحيط بها الإنسان أو يفهمها فهما مباشرا، من أجل ذلك يقوم بتبسيطها واختصارها في شكل صور ورموز يستجيب لها في بساطة وأمان، وتقوم أجهزة الإعلام بتكوين البيئة الثقافية التي تتكوّن من مجموع تلك المفاهيم والصور والأخيلة.

ويرى «لبمان» أنّ الصور التي تتكوّن في أذهان الجماهير تكون عادة بعيدة عن الحقيقة، ويرجع ذلك في نظره إلى عدّة عوامل أهمّها الرقابة على المواد الإعلامية، والعقبات المادّية والاجتماعية وضعف القدرة على الانتباه والتركيز، وضعف اللغة وتأثير المتاعب والعنف والتكرار وغموض الحقائق أحيانا، وعلى ذلك تتكوّن في أذهان الناس أفكار ناقصة ومشوّشة وأخيلة وأوهام، وهذه هي التي تهيمن على تصرّفاتهم، ويرى الإنسان الأشياء وفق أنماط ثقافية تُحدَّد له سابقا، يتحرّك على أساسها وتصبح له بمثابة المُرشِّحات التي تصبغ لون مرئياته، فليس الواقع أو الحدث هو المهمّ بل المهمّ هو فهم الحدث وتفسير مغزاه في النفوس، وهذه جميعا هي مجال التأثير الخطير لأجهزة الاتصال الجماهيري.

ومنذ ظهور دراسات «والتر لبمان» أخذ الاتصال الجماهيري المفهوم العلمي المنظّم، وبدأ النقّاد يشنّون حملاتهم على وسائله وما تقوم به من تضليل وخداع بدلا من التنوير، وذلك في أقلدة العنف والجريمة والجنس والإعلانات الرتيبة والدعاية الصاخبة، فالطَّبَعُ والإشهار والمَخالة والرَّناة تقوم بتقنيع العالم وتشويهه وتزييفه بدل من أن تساعد في اكتشافه وتجليته، وأصبحت هذه الوسائل في الدول المتقدّمة مصانع أوهام ضخمة.

مراجع

  • مصطلحات في الإعلام والاتصال. خضير شعبان، دار اللسان العربي. الطبعة الأولى، 1422، الجزائر.