هو ابن عبد القادر النابلسي، يعود أصله إلى الصحابي الجليل تميم الداري وعلى ذلك يمكن أن يكون من الشام ورحل مع عائلته إلى استنبول، أخذ الخطّ في أوّل أمره عن راشد أفندي الأيوبي، ثمّ عن قاضي العسكر مصطفى عزّت فجوّد عليه واستنّ بسنته في الثلث والنسخ فهو أستاذه الحقيق الذي ملك عنه زمام الخط.

عمل زهدي أفندي معلّما للخطّ والرسم في مدرسة تعليم الخطّ (مشقخانه) الموجودة في «جامع نور العثماني» وفي المهندسخانه البريّة الملكية (مهندسخانهء برّئ همايون). اختاره السلطان عبد المجيد سنة 1270 لكتابة خطوط الحرم النبوي الشريف في المدينة المنوّرة، وقد مكث بها مدّة سبعة أعوام كتب الآيات القرآنية والأحاديث النبوية والمدائح في الرسول عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم على رقبة القبّة في المسجد النبوي وعلى جدرانه في شريط خطّي، وقد ساعده في عمله هذا الخطّاط چُومز زاده محسن أفندي (توفي سنة 1304) والمذهّب الحاج حسين أفندي، وتلميذه الحاج أحمد أفندي، ويُعتبر عبد الله زهدي صاحب أطول شريط كتابي بالثلث الجلي لا يتعدّاه أي خطّاط آخر حيث بلغ شريطه الذي كتبه على المسجد النبوي أزيد من ألفي قاس، وقد أبدع كثيرا في أشكاله الفنّية إلاّ أنّه أهمل أصول تركيب الحروف فوق بعضها بعضا لذا تعسر قراءتها في بعض الأحيان على غير الحافظ لها عن ظهر قلب. وحين أتمّ زهدي الخطوط في المدينة انتقل إلى مصر، فاحتفظ به الملك إسماعيل، وعيّنه مدرّسا للخطّ في المدرسة الخديوية، وأصبح خطّاط مصر الأوّل، ثمّ أمرته الحكومة بالسفر لكتابة بعض الآيات القرآنية على الكعبة، وعاد بعدها إلى عمله التعليمي واستمرّ عليه إلى أن توفّي سنة 1296 ودُفن جوار الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه.

كتب عبد الله زهدي الخطوط للدوائر الرسمية، وأعدّ اللاحات للمساجد، وتابع دروس الخط للطلبة، كما ترك الكثير من التلاميذ الذين جوّدوا عليه، وإليه يرجع الفضل في بعث الخطاطة وجعلها شائعة في مصر خلال القرن الماضي، وقد عُرف عنه رحمه الله المقدرة الكبيرة في تقليد الخطوط المختلفة. وذكر الأستاذ محمّد سعيد شريفي أنّ زهدي زار مصطفى عزّت، ووجد عنده حلية، فطلب استعارتها وقلّدها وذهّبها، ثمّ أرجع إليه المقلّدة وعُلّقت، وبعد مدّة قال له عزّت: «أتريد أن تضحك علينا أيضا؟» أراد أن يقول له: إنّه قد اكتشف تقليده.