معجم المصطلحات الكبير
تبنّي فِكْرة
الإعلام والاتصال

عملية عقلية يمرّ فيها الفرد في انتقاله من مرحلة سماعه عن فكرة جديدة حتّى مرحلة القبول النهائي بها. وهذه العملية التي يتمّ بمقتضاها تبنّي الأفكار المستحدثة إنّما هي شبيهة بالطريقة التي يحدث بها التعلّم، وعادة ما تمرّ عملية تبنّي الفكرة الجديدة بمراحل خمسة هي: الإدراك، والاهتمام، والتقييم، والتجريب، وأخيرا القبول النهائي بها، ففي مرحلة الإدراك يتعرّض الفرد للفكرة من دون أن تكون له معلومات وافية عنها، فيُصبح الفرد بعد هذا التعرّض على قدر من الاهتمام بحيث يبدأ في البحث عمّا ينقصه من المعلومات بشأنها تلبية لرغبته في الكشف عن كنهها، وهذه هي مرحلة الاهتمام، ثمّ يقوم الفرد في مرحلة التقييم بالتطبيق العقلي على موقفه الحاضر والمستقبل، ومن ثمّة يقرّر ما إذا كان سيطبّق الفكرة أم لا، والتجريب في حقيقته هو الفيصل في قبول الفكرة المستحدثة أو رفضها نهائيا، ففي مجال التسويق على سبيل المثال، فعلى الرغم من الفحوص العديدة التي يجريها رجال الصناعة على المنتجات الجديدة ويذيعونها على الناس، فإنّ الناس يظلّون بعيدين عن الفكرة المستحدثة إلى أن يجربّوها بأنفسهم ويخرجوا من التجربة راضين عنها. والفرد يستعمل الفكرة في مرحلة التجريب على نطاق ضيّق ليحكم فقط على مدى فائدتها بالنسبة لموقفه، وفي مرحلة التبنّي النهائي فإنّ الفرد يقرّر الاستمرار في استعمال الفكرة المستحدثة استعمالا كاملا. أمّا التبني الناقص فهو الذي لا يتمّ بشكل كامل للفكرة المستحدثة، إمّا لوجود توقفات خلال عملية التبنّي أو لانضمام أعضاء جدد إلى أفراد التنظيم الاجتماعي المُحدّد.

لماذا بعض الأفكار تنتشر أكثر من غيرها؟

يعود ذلك إلى عامل «الميزة النسبية»، وهي درجة تفوّق الفكرة المستحدثة على غيرها من الأفكار السابقة لها، ويُقصد بها عادة مدى الفائدة التي يمكن أن تتحقّق للأشخاص الذين يتبنّون الفكرة المستحدثة، والميزة النسبية أو الخَلَّة في الابتكارات الحديثة هي الأفضلية في تحقيق أهداف الأداء أي الصِّنْعِياء التنافسية، ويوجد عدد من الطرق يمكن من خلالها اعتبار ابتكار ما أفضل من غيره: يجب أن يكون الأسرع، والأرخص، والأسهل في الاستعمال، والأكثر فعّالية، والأكثر قبولا مقارنة بالاختيارات الأخرى، فعلى سبيل المثال كانت منتجات شركة «آبل» Apple تُدرَك على أنّها تتمتّع بما يُطلق عليه عامل (it) بمعنى أنّ لها خصائص عاطفية أخرى غير محسوسة إيجابية ولا يمكن تفسيرها، مثل الشَّكادة (الكاريزما) لدى بعض الأشخاص، ممّا يجعلها متميّزة عن الرَّمازات (العلامات التجارية) الأخرى، وقد بدأت هذه الصورة الذهنية تذبل حديثا، وهذه الخصيصة العاطفية تُصنع صنعا، ففي نهاية عام 2018م قامت هذه الشركة بإفساد أنظمة ذُكُف آبل القديمة التي مازالت تُستعمل عند بعض الأشخاص عن طريق نهجل للتحديث، وعندما اشتكى الناس من هذا العمل إدعت الشركة أنّ هناك خطأ وقع خلال النهجلة (البرمجة) وفي الوقت نفسه أشاعت أنّ نسبة المبيعات قد تدنّت، وقد فعلت ذلك لتجبر هؤلاء الناس على شراء الأطرزة الجديدة، وهذه دعاية غير مباشرة، تريد أنّ تبثّ بها فكرة أنّ صناعة ذُكُف (هواتف ذكية) هذه الشركة صناعة ممتازة، ومنتجاتها «تدوم وتدوم وتدوم» على حدّ قول شعارات الإشهار. ومثلها أيضا مشروب «كوكاكولا»، فهو لا يفوق المنتجات الأخرى المنافسة له بأية ميزة حقيقية، إلاّ أنّ وابل الإشهار حوله جعله يبدو كأنّه مشروب الشباب المتفتّح. العامل الآخر هو «التوافق»، أي المدى الذي يمكن أن يكون فيه الابتكار متوافقا مع قيم المتبنّي المحتمل، من جهة أسلوب حياته أو خبرته أو دينه، بما يجعل الاختيار أكثر جاذبية، مثل المنتجات الحلال أو الأخرى غير المعدّلة وراثيا. العامل الثالث «التعقيد»، ويشير المصطلح إلى مستوى الصعوبة في فهم الابتكار أو استعماله، فإذا تمّ إدراك أنّ منحنى التعلّم للصنعياء الجديدة متدنّي أكثر ممّا يجب، فإنّ تلك الصنعياء لا تُستعمل، بصرف النظر عن الفوائد التي يمكن أن تقدّمها.

41.jpg

يوضّح الرِّسْبان (الرسم البياني) فئات الناس في عملية تبنّي الابتكار.

المجموعة الأولى : المبتكرون، هم الفئة الأولى في أي نظام اجتماعي لتبنّي المُبتكرات والأفكار الجديدة، يميلون لأن يكونوا شبابا، من طبقة اجتماعية عالية، ويُصنّفون على أنّهم مغامرون، على اتصال في العادة بمبتكرين آخرين، حتّى وإن كانوا يعيشون في مناطق مختلفة من العالم.

المجموعة الثانية : المتبنّون الأوائل، وهم عكس فئة المبتكرين، فهذه الفئة من الناس تميل إلى الاتصال بالآخرين في الأماكن القريبة منهم محلّيا، ومع ذلك يميلون إلى أن يكونوا قادة رأي، فهم يتمتّعون بتأثير قوي على الأعضاء الآخرين من النظام الاجتماعي، فآراؤهم موضع احترام وتقدير، كما يساعدون الآخرين في تفسير الفكرة المستحدثة في حالة شعورهم بعدم التأكّد من نفعها، ومن ثمّ يلعبون دورا محوريا في انتشار الأفكار.

المجموعة الثالثة : الأغلبية المُبكّرة، وأفراد هذه الفئة من الناس لا يؤدّون دور القدوة التي يقلّدها الآخرون، ثمّ إنّهم ليسوا قادة رأي إلاّ أنّهم يتعمّدون الإقبال المبكّر على تبنّي الفكرة المستحدثة، كما أنّ قراراتهم في التبنّي هي التي تسمح بانتشار الفكرة المستحدثة ووصولها إلى الكتلة الحرجة.

المجموعة الرابعة : الأغلبية المتأخّرة، ويميلون إلى تبني الفكرة المستحدثة تحت ضغط الزملاء والأصحاب، فهم ميّالون إلى الشكّ في الابتكارات وليسوا على استعداد للمخاطرة.

المجموعة الخامسة : وتضمّ المتلكّئين، وهم آخر المتبنّين وعادة ما يكونون الأكبر سنّا والأكثر تمسّكا بالتقاليد، ولا يثقون فيما هو جديد من الأفكار والسلع والخدمات، كما لا يثقون في المبتكرين والمتبنّين الأوائل.

تعليق

التبنّي مأخوذ على المجاز من قولهم تبنّى فلانا اتّخذه اِبنا، ووجه التسمية أنّ المتبنّي لفكرة غيره شبيه بمن يأخذ ولد غيره ليجعله ولده، وهذا المعنى تعرفه العربية حديثا. 

مصطلح قريب

لغة كلزية

idea adoption
لغة فرنسية

adoption d'une idée
مراجع

  • مصطلحات في الإعلام والاتصال. خضير شعبان، دار اللسان العربي. الطبعة الأولى، 1422، الجزائر.
  • تطبيق نظرية الاتصال في الحياة المهنية: ماريان ديانتن- إليان د. زيلى، ترجمة: عبد الحكم الخزامي. دار الفجر للنشر والتوزيع. 2017م. القاهرة، مصر.