معجم المصطلحات الكبير
محْضرة خِطاطِية فارِسِية
الخِطاطة

كان الفرس قبل الإسلام يكتبون بالخط الفهلوي (نسبة إلى فهلا الواقعة بين همدان وأصفهان وأذربيجان) فأُبدل بالخط الكوفي بعد رسوخ قدم الإسلام في بلاد فارس، فالعرب لمّا فتحوا في صدر الإسلام بلاد فارس، حملوا معهم الكتابة العربية التي كان تعلّمها شديد الوجوب لقراءة القرآن وعلوم الدين، فأقبل الإيرانيون على الخطّ الكوفي منذ أوائل القرن الأوّل الهجري ومطلع القرن الثاني، وشيئا فشيئا كانوا يكتبون به معاملاتهم الخاصّة عوض الخط الفهلوي، وانتخبوا رسم أربعة حروف اختصّوا بها ورسموها على شكل الحروف العربية مع بعض التغيير وهي: «ب، ج، ز، ك» وكتبوا بها مخطوطاتهم العلمية والسياسية والأدبية. وامتزجت اللغة الفارسية بالكلمات العربية، ونجم عن هذا ما يُسمّى بالفارسية الدَّرِيّة، وهي أساس لغتهم اليوم، وقد حافظ بعضهم على اللغة الفهلوية وخطّها حينا من الزمان، فقد وُجدت بقايا من عملات مسكوكة سنة 140 تعود لأمراء طبرستان «الاسبهبدان» ومازالت بقايا ماثلة من آثارهم المكتوبة بالفهلوية في جرجان مازندران مثل برج «لاجيم» (القرن الخامس الهجري) وبرج «رِسْكِت» وبرج رادكان. وحينما آمن الفرس بالإسلام وبكتابته الإسلامية أصبحوا عاملا مهمّا على نشرهما بين الأقوام والملل الكثيرة المحيطة بهم والبعيدة لا سيما الترك والهنود. وقد استعمل الفرس أوّل أمرهم في مراسلاتهم العامّة خطّا سريعا منعدم الروق والرواء يميل إلى الاستلقاء، ثمّ أدخلوا عليه نوعا من التحسين والتجويد فصار أكثر رطابة ولينا عُرف بخطّ التعليق، وقيل إنّ حسن فارسي كاتب عضد الدولة الديلمي (322-327) استنبط قواعد التعليق الأوّل من النسخ والرقاع والثلث، وهو الذي وضع خطّ التراسل أو التحريري الذي انتشر في المراسلات العامّة. وقد ذكرت بعض المصادر العربية القديمة «الفهرست» أنّ الفرس اشتقّوا خطّهم الجديد من خطّ القرآن الذي يُسمّى «قيراموز» والذي اُشتقّ من بعض المزاوجات لبعض الأقلام، مثل السلواطي والراصف.

وعندما بلغت فنون الخطّ والنقش عظمتها في القرن السابع وأوائل القرن الثامن في عصر الأسرة التيمورية، ظهر خطّاط عظيم من الطراز الأوّل هو مير علي التبريزي توفي سنة 850 الذي وضع قواعد خط النستعليق، بعد أن عمد إلى خطّ التعليق القديم وأدخل عليه شيئا من النسخ، وهو خطّ ألطف من التعليق بكثير ويمتاز بليونة ولطافة بديعة. وممّن جوّد الأقلام الستّة وأضاف إليها قلما سابعا وهو التراسل بخطّ فارسي بدر الدين تبريزي (700)، وقيل هو الذي كتب «فرمانا» من السلطان تيمور إلى سلطان مصر بقلم التعليق بلغ طوله 1700 سطر، ومنهم أيضا أبو بكر الرواندي كان يجيد الكثير من الخطوط توفي سنة 829، كذلك اشتهر إبراهيم سلطان (توفي 827) وأظهر تبريزي (880) وسلطان علي المشهدي في هراة (905)، ومير علي هروي (966) وشاه محمود نيسابوري أو نيشابوري (952). وممّن ترك آثارا خطّية فارسية محمّد حسين الكشميري (990) في عصر أكبر شاه ببلدة فتحبور. وكان لمير عماد الحسني القدح المعلّى في كتابة النستعليق، مات قتيلا سنة 1024، ومحمّد نور الذي أعجب بمهارته السلطان سليم خان العثماني فضمّه إلى الفنّانين بعد حملته على إيران، واشتهر مير خليل الملقّب بسلطان القلم، ومير محمّد صالح كشفي في عصر الشاه جهان، وعبد الرشيد ديلمي مدرّس ابن شاه جهان في الخطّ (1081)، ومحمّد شفيع الذي لازم البلاط الصفوي، وأحمد تبريزي (1164)، ومن الماهرين في الخطّ بابا شاه الأصفهاني الذي كان يتفوّق على مير عماد في الكتابة، وميرزا كوجك الشيرازي الذي اشتهر بقلم الشُّكَسَة (1274)، ومرزا غلام رضا الذي يوقّع: يا علي مداد، وقلم زرّين، وغيرهم كثير. وبعد أن سطع نجم المحضرة التركية والهندية المغولية، كان فنّ النقش الإيراني والخطّ والتصوير قد ضعف وتدهور.

مترادف

مَدْرسة خِطاطية فارِسِية

مصطلح مرغوب عنه، لأنّ «المدرسة» لها مدلول معرفي مُهيكل في النقد الفنّي. على العكس من مصطلح المحضرة الذي يُستعمل للدلالة على أي مركز إراضي ثقافي يجود فيه الخطّ من دون أن يُؤخذ أي تصنيف عِلْميائي (إبستيمولوجي) في الاعتبار، مثل المحضرة الأندلسية أو القرطبية، والمحضرة القيروانية، والمحضرة التركية.

مصطلح قريب

مراجع

  • أطلس الخطّ والخطوط، حبيب الله فضائلي. ترجمة الربيز: محمّد ألتونجي. الطبعة الثانية، 2002م. دار طلاس، سوريا.
  • مصوّر الخط العربي، ناجي زين الدين المصرّف. الطبعة الثالثة، 1400. مطبوعات المجمع العلمي العراقي ببغداد. دار القلم، بيروت. لبنان.

صفحة من مصحف دؤلي كُتبت بالخطّ الكوفي الإيراني المصحفي تعود على الاحتمال الغالب إلى القرن الرابع، وربّما تكون قد كُتبت على عهد الغزنويين. مصدر الصورة: davidmus.dk

قطعة رائعة بالخطّ الفارسي مجهولة الكاتب، كُتبت للخطّاط الصوفي سلطان البخاري على ما هو مدوّن عليها. مصدر الصورة: davidmus.dk

لاحة فنّية ممتازة للخطّاط الكبير مير علي الهروي، مصدر الصورة: asia.si.edu