معجم المصطلحات الكبير
بلغ ساخِن وبلغ بارِد
الإعلام والاتصال

يعود مصطلح البَلَغ الساخن والبَلَغ البارد إلى المنظِّر البَلَغي الكندي «مارشال ماكلوهان» Marshall McLuhan، ويريد بالبلغ الساخِن العالي الوضوح ما يعني أنّه كامل البيانات وليس له مشاركة كبيرة من الجمهور، وينقل معنى أو إحساسا واحدا بوضوح كبير، والوضوح العالي أو الكبير هو حالة الامتلاء الجيّد بالبيانات، كما أنّه لا يترك الكثير للجمهور من أجل ملء الاتصال أو إنجازه، مثل: الإذاعة والقَلِيد (الفيلم)، والصورة والكلمة المطبوعة، والكتاب والمحاضرة. أمّا البَلَغ البارد فهو الذي لا يقدّم سوى القليل جدّا من البيانات والمعلومات المرئية، وعلى المتلقي أن يملأ الكثير من فجوات الاتصال، لذلك يحتاج إلى مشاركة الجمهور، مثل: الهاتف والعرض الرَّناتي والكُهَم، والكلام والحوار والحلقة الدراسية. والبلغ البارِد يشير إلى الدور الذي على الجمهور النشط أن يقوم به في فكّ ترميز النصوص التي تحملها هذه الوسائل البارِدة، إنّها في حاجة إلى المشاركة أكثر من الوسائل البَلَغية الساخِنة التي توفّر قدرا كبيرا من المعلومات، وهناك القليل ممّا يمكن القيام به، على سبيل المثال ينقل المذياع معلومات أكثر من مكالمة هاتفية، والصور ذات معلومات أكثر بكثير من الكُهَم.

وعند «ماكلوهان» أنّ الوسيلة أهّم من مضمون النصّ الذي تحمله، لأنّها تغيّر نسب الإحساس وطرائق التصوّر، ولذلك قال «الوسيلة هي الرسالة» وهي مقولة غير مقبولة في عمومها، حيث يرى أنّ البَلَغ في حدّ ذاته ليس جيّدا ولا رديئا إنّما الطريقة التي يُستعمل بها هي التي تَحُدّ من فائدته أو تزيدها، كما أنّ طبيعة الوسيلة البَلَغية وشكلها هما الشيء الأهمّ، فمضمون الرناة الضعيف ليس له علاقة بالتغيّرات الحقيقية التي تسبّبها الرَّناة، كذلك قد يتضمّن الكتاب مادّة تافهة ولكن ليس لها دخل في قراءته، فالرسالة الأساسية في المِرناة هي المِرْناة نفسها أي العملية نفسها، كما أنّ الرسالة الأساسية في الكتاب هي ما طُبِع فيه، والرأي الذي يذهب إلى أنّ الوسائل البَلَغية يمكن استعمالها في الخير والشر لا معنى له، فالمرناة الجديدة هي مِرْناة قديمة معدّلة، وتعديلها هو تعديل لاستعمال الناس حواسهم الخمسة ومن ثمّ تعديل للطريقة التي يستجيبون بها للأشياء، ولا يهم إذا عرضت الرناة عشرين ساعة يوميا أقلدة تنطوي على مشاهد عنف، أو نهاجِل ثقافية دسمة، فالمضمون غير مهمّ والأهمّ هو الطريقة التي يعدّل بها الناس الأساليب التي يستعملون بها حواسّهم، وهذا يُشبه تماما اكتشاف المِجهر الذي هو العين البشرية نفسها التي تقدّمت جدّا وأصبحت ترى أبعد من حدودها الطبيعة، فليس المهمّ ما قد يراه الإنسان بالمجهر بل الأهمّ أنّه أصبح يمتلك عينا قوية وفعّالة يرى بها ما يشاء من دقائق الأشياء، وهذا هو الذي يؤثّر حقيقة على معرفته بالعالم الذي يحيط به.

وقد رأى «ماكلوهان» مدلولات منطقية معيّنة مرتبطة بكلّ نوع من أنواع الوسائل البَلَغية، فالطَّبَع يُقدّم الخطّية أو السَّطْرِية لأنّنا نقرأ أسطر الكتابة، والمنطق والعقلانية والترابطية والفردية، ويرتبط البَلَغ التِّقاني (الإلكتروني) من ناحية أخرى بما قد يمكن وصفه بأنّه «الكلّ دفعة واحدة» all-at-once-ness والعاطفة. فعندما نقرأ كتابا، فإنّ الأحرف هي التي نقرأها وتكون على خطوط أفقية، وتُقرأ من لدن الأفراد وبالسرعة التي تناسبهم، ومن ثَمّ يمكننا أن نرى كيف تكون النزعة الفردية والانفصال والانعزال المرتبطة بالكتاب، أمّا الوسائل التِّقانية فهي تُستهلك من لدن الجماعات، ويمكن أن تُسمع من الأفراد، وعلى ذلك فهي أميل إلى جمْع الناس بدلا من فصلهم كما تفعل الكتب، ثمّ إنّ التغيّر في شعبية وسيلة ما يؤدّي إلى تغيّرات مهمّة أخرى في المجتمع التي تؤثّر في نهاية المطاف في الأفراد، لأنّنا جميعا كائنات اجتماعية. وقد تعرّضت نظريات «ماكلوهان» إلى انتقادات كثيرة ولهجوم العديد من علماء الاتصال، بيد أنّ أفكاره ما فتئت تعود جزئيا، لأنّ البَلَغيين يرون أنّ هناك صلة بين نظرياته عن الوسائل الباردة والوسائل الساخنة وبين الصِّنْعياء الرقمية الحديثة، التي قد تفسّر عاطفة الناس الحالية مثل استعمال الذُّكُف وهي الهواتف المحمولة.

مصطلح قريب

لغة كلزية

hot and cool media
لغة فرنسية

médias chauds et médias froids
مراجع

  • وسائل الإعلام والمجتمع، وجهة نظر نقدية، تأليف: آرثر أسا بيرغر، ترجمة: صالح خليل أبو اصبع. عالم المعرف، عدد 386، مارس 2012.
  • ماكلوهان مارشال، قراءة في نظرياته بين الأمس واليوم. الربيز: تواتي نور الدين. مجلّة العلوم الإنسانية والاجتماعية، الجزء 10 مارس 2013م. جامعة قاصدي مرباح، ورقلة، الجزائر. revues.univ-ouargla.dz/index.php/numero-10-ssh/48-03