يُعرّفه ميلاد الفى جرجس بأنّه: «تصوّر وهمي أو حقيقي يحمله الصِّحافي أو مؤسّسته عن المخاطر المحدقة الناتجة عن تناول موضوع يمسّ طرفا أو أطرافا ذات نفوذ في المجتمع، ويتضمّن الخوف في الصحافة أيضا الخوف من الصحافة والتخويف بها، فالخوف في هذا السياق حالة ضعف سواء كان ذلك على مستوى الفرد أو على مستوى المؤسّسة الاجتماعية». الخوف في الصحافة يعني الخوف من الكلمة المكتوبة ومعنى ذلك الخوف من الفكرة لا سيّما إذا كانت ستعيد النظر في المسلّمات التي بُنيت عليها السلطة السياسية، وهذا هو السبب الذي من أجله تقوم السلطة القائمة بتعزيز دور الرقابة على كلّ ما يُنشر وبالضبط الاجتماعي، مخافة انتشار الفكرة فتُصبح مطلبا شعبيا يصعب بعد ذلك مكافحته.
تُستعمل الصحافة كثيرا كمِيفاق (آلية) لتوليد الخوف، لأنّها وثيقة الصلة بالسياسة، بل هي أداة سياسة مميزّة في الأنظمة السلطوية، وفي هذا الشأن يقول جفرسون: لو خيّرت بين حكومة من دون جرائد، أو جرائد من دون حكومة لاخترت الأخيرة من دون أدنى ترّدد. وإذا كان النظام السياسي يعتمد على التخويف، فإنّ الصحافة تكون الوسيلة المُثلى في نقل الخوف إلى أوساط الشعب. وقد ذكر ميلاد الفى جرجس أنواع الخوف التي تنتاب الصحافي، وهي: (1) الخوف من الرقيب. (2) الخوف من القوانين العقابية كقوانين النشر وقوانين الإعلام. (3) الخوف من تحيّز القانون ذاته، فالعدالة قد لا تكون مستقلّة. (4) الخوف من المسؤول المباشر، لا سيّما في المؤسّسات المتخمة بالفساد. (5) الخوف من الجمهور والمَحاط الخارجي عامّة. (6) الخوف من انعدام التضامن في أوساط الصحافيين. (7) الخوف على ضياع الوظيفة، لا سيّما إذا كان الصحافي لا يمتلك بدائل وظيفية كثيرة. (8) الخوف على ضياع الامتيازات، كالترقية والسفر وضياع العلاقات. ويتجلى الخوف في الصحافة العربية كما ذكرها ميلاد الفى جرجس أيضا في: (1) تجاهل الحدث الذي يمسّ صورة المؤسّسة الرسمية أو يهزّها. (2) التقليل من شأن الحدث، كالحديث عنه على هامش مواضيع تُطرح على أنّها أكثر أهمّية. (3) انتقاء جزئيات الحدث التي تدعّم التفسير الأحادي للحدث، أي تفصيل الحدث وفق مقاس صانع القرار. (4) تشويه الحدث بوصفه معرقلا للأمن العام. (5) غياب أبرز نوع من الأنواع الصحافية وهو التحقيق الاستقصائي investigative reporting الذي يُعتبر وسيلة أساسية في فضح الفساد وتدعيم الشفافة، وتفعيل المساءلة. (6) حجب المعلومات عن الحدث والارتكان إلى الصمت وعدم التعليق أملا في أن تزول السحابة تلقائيا.