معجم المصطلحات الكبير
مُذَنَّب
الحتاكة

جرم سماوي جائل صغير الحجم ينتمي إلى النظام الشمسي، يتكوّن من غبار السديم الأوشمي المتجمّع، وأمهجة متجمّدة تتردّد نسبتها بين 50 إلى 80% لا سيّما الماء (حيث تعتبر المذنّبات أحد أهمّ الخزّانات المائية في النظام الشمسي)، وأيضا «الميثان» والزنيخ، وأحادي وثنائي ذرب السُّخام، والعديد من الجزيئات العضوية، تعمل هذه الأمهجة على ربط أجزاء الغبار الصغيرة وأجزاء الصخور الكوثبية الصلبة. عندما تكون المذنّبات في أقاصي المجموعة الشمسية، تبدو صغيرة ولا تتألّف إلاّ من شُبْكُرة (شبه كرة) غير منتظمة في شكلها وسطحها، تحمل اسم النُّواية، مكوّنة من صخور وجليد، تغلّفها من الخارج صخور وغبار، يتراوح قطرها بين إقاس واحد و40 إقاسا، منخفضة الثقالة جدّا وقليلة الكثافة (1,2 إلى 0,25)، لأنّها مُخَزّمة، وفي الحقيقة فإنّ النواية مكوّنة من 20% ماءً، وأمّا نسبة 80% المتبقّية، فهي فراغ وشبكة من الشقوق والفجوات ومادّة معدنية مفكّكة. إلاّ أنّها عند اقترابها من الشمس تعمل الطاقة الشمسية على تبخير أمهجتها المتجمّدة منتجة بذلك مقدّمة ملتهبة على شكل غلاف مُهاجي أو هالة، تُسمّى الحُتْرة، قد تمتدّ إلى 100 ألف إقاس وأكثر خارج النواية، ثمّ ذَنَب طويل مُشِفّ يصل إلى أبلاف الإقاسات في الفضاء. يعتقد علماء الفلك اليوم بأنّ هناك قوّتين منشئتين للذنب، أُولاهما، الضغط الإشعاعي الشمسي sun’s radiation pressure، الذي يدفع جزيئات الغبار بعيدا عن الحترة، والقوّة الأخرى، الرياح الشمسية solar winds، المسبّبة لحركة الأمهجة المتشرّدة، لا سيّما أحادي ذرب السخام، عادة ما يكون ذنب واحد محتوٍ لهاتين المادّتين، إلاّ أنّه أحيانا يتكونّ ذَنَبان منفصلان إلى حدّ ما، مثل ما هو موجود في مذنّب ماركوس. وتدلّ أرصاد فوخزية (فوق بنفسجية) أجريت من «مركبات» فضائية على وجود سحابة هُبانية hydrogen cloud عظيمة مُغلِّفة، لا تُرى من الأرض، قد يبلغ قطرها عشرات بلوف الإقاسات.

 

739.jpg 

بِنْية المذنّب في مَحاط مَهاسه القريب من الشمس.

 

عندما يتحرّك المذنّب بعيدا عن الشمس، ويستمرّ على مهاسه عائدا إلى الفضاء الخارجي القارس، تبدأ الأمهجة في التكثّف مرّة أخرى، ويختفي الذنب والحُترة، ويعود المذنّب إلى حالة الحفظ تحت حرورات منخفضة جدّا، حيث يصبح المذنّب شبيها بالكويكب الخامل، أمّا الموادّ التي دُفعت من الحترة لتكوّن الذنب، فقد فُقدت إلى الأبد، وعلى هذا فإنّه من المقدّر أنّ أغلب المذنّبات لا تستطيع أن تقاوم بمرورها قرب الشمس أكثر من عدّة مئات من المرّات، حيث تفقد أمهجتها كلّها، وتكون الموادّ المتبقّية عبارة عن كمّيات غير متماسكة من الأجزاء الصخرية والمعدنية، تستمرّ في الهَوَسان حول الشمس، ولكن من دون حُتْرة أو ذَنَب. قد تمرّ بعض المذنّبات على مقربة دانية جدّا من الشمس، تؤدّي بها إلى التحطّم أو التفكّك، وقد يحدث أحيانا أن تهوِيَ داخل أتون الشمس مباشرة ولا يبقى لها أثر. إنّ معظم المذنّبات المكتشفة تزور الشمس لأوّل مرّة، لا سيّما المذنّبات الطويلة الدورة، التي تزيد مدّة هوسانها حول الشمس عن 200 سنة. لا يُشترط أن تهوس المذنّبات حول الشمس من الغرب إلى الشرق، أي عكس حركة عقارب الساعة، كما هو حال الكواكب السيّارة والهيسان أو الأفالك، بل يمكن أن تهوس حول الشمس باتّجاه معاكس، مثل مذنّب هالي الشهير. تظهر المذنّبات في أي مكان من القبّة السماوية، ولا تتقيّد بدائرة البروج كما هو الحال بالنسبة للكواكب السيّارة.

 

743.jpg 

لو مرّ مذنّب قرب كوكب عملاق، (لا سيّما المشتري)، فإنّه يتأثّر بثقالة الكوكب القوّية، وربّما أدّى ذلك إلى أن يهويَ المذنّب داخل الكوكب، أو أن يتسارع مندفعا خارج النظام الشمسي، أو أن يهوس حول الشمس في مَهاس خِضافي قصير الدورة نسبيا.

 

تُصنّف المذنّبات على أساس مدّة دورتها، فهناك مجموعة قصيرة الدورة، وعادة ما تكون مدّتها أقل من 200 سنة، ومهاساتها تقارب مستوى النظام الشمسي، ومصدر هذه المذنّبات المَطّرة التي تبعد عن الشمس مسافة تقدر بزهاء 50000 حاف، ومن المفترض وجود البلوف منها، مَكوِّنة سحابة دائرية فيما وراء كوكب هُجَل pluto. من أفضل الأمثلة للمذنّبات التي لها دورة قصيرة، مذنّب إنكي encke، حَسَب مَهاسه الفلكي الألماني جوهان إنكي Johan Encke سنة 1819م، وعرف أن مهاسه قصير الدورة، ويهوس حول الشمس مرّة واحدة كلّ ثلاث سنوات و4 أشهر، وقد شوهد المذنّب أكثر من أربعين مرّة بعد إنجاز حساب مهاسه، وكان يظهر في كلّ مرّة أخفت لمعانا من ذي قبل، إلاّ أنّه من دون ذنب، وقد وصل لمعانه إلى 6,8. أمّا مجموعة المذنّبات الطويلة الدورة، فتتجاوز مدّتها 200 سنة، مصدرها الأساسي السَّرْدَق، وعلى العكس من مذنبات المَطّرة، تستطيع مذنّبات السردق الاندفاع نحو كواكب المجموعة الشمسية الداخلية بأي زاوية ومن أي اتّجاه. لها مهاسات فَجَلِية (ذات قطع مكافئ) شديدة التفلطح، لذلك تقضي فترة طويلة جدّا بعيدة عن الشمس، ولا تُرى هذه المذنّبات عادة إلّا مرّة واحدة، لأنّها تزور الشمس ثمّ تعود إلى أعماق الفضاء من دون رجعة، كما أنّ عددها قليل جدّا مقارنة بعدد المذنّبات المشاهدة على الأرض، وخير مثال على هذا النوع من المذنّبات، مذنّب هايكوتاك Comet Hyakutake الذي ظهر في: 31 جانفي سنة 1996م، والقادم من السردق، يهوس حول الشمس مرّة واحدة كلّ 13000 سنة، وهو أكثر المذنّبات سطوعا على مرّ الثلاثة عقود الماضية، لن يعود إلى منطقتنا إلاّ بعد مرور وقت طويل.

تعليق

الحُتْرة والحِتار في اللغة، ما أحاط بالشيء، مقتاسة على الأُطرة والإطار، تُستعمل لها كلمة الذؤابة، وهي مصطلح غير موفّق، أُخذ بالترجمة من coma في اللغات الغربية. الذَّنَب اللَّفْقي في الكلزية plasma tail، النُّواية nucleus، المَهاس orbit، يُقال دار الكوكب يدور حول نفسه، وهاس يهوس حول نجمه. الذَّنَب الغباري dust tail.

السَّرْدق، مجموعة مفترضة كبيرة من الأجسام، تحيط بالنظام الشمسي، تقع بعيدا عن مدارات الكواكب والمَطرّة. وهو الحد الخارجي الذي يشكّل حدود الجاذبية للنظام الشمسي، ويعتبر مصدر المذنّبات التي تجوب الفضاء مع المَطَرّة، على الرغم من أنه يُعتقد أن المذنّبات الطويلة الدورة التي لوحظت بين الكواكب قد نشأت في السردق، إلاّ أنّه لم يُرصد أي جسم في السردق البعيد نفسه، مما جعل الاعتقاد بهذا الأصل مفهوما نظريا في الوقت الحالي. لكنه يظلّ التفسير الأكثر قبولا على نطاق واسع لأصل المذنبات طويلة الدورة.

مصطلح قريب

لغة كلزية

comet
لغة فرنسية

comète
مراجع

  • الجغرافيا الفلكية. ديار حسن كريم‎. دار الجنادرية للنشر والتوزيع، 2015م. عمّان، الأردن.
  • الأرض : مقدّمة للجيولوجيا الطبيعية. تأليف: ادوارد جي. تاربوك، وفريدريك ك. لوتجنز، ترجمة الربيز: عمر سليمان حمودة، الربيز: البهلول علي اليعقوبي، الربيز: مصطفى جمعة سالم. منشورات مجمع الفاتح للجامعات، 1989م. ليبيا.
  • الموسوعة الكونية - قصة نشأة الكون. الفلكي: عماد مجاهد. دار الخليج للنشر والتوزيع، 2021م. عمان، الأردن.
  • علم الفلك دليل للتعلم الذاتي. دينال موشيه‎. تعريب: سعيد محمد الأسعد. العبيكان، الرياض، المملكة العربية السعودية.

المذنّب هيل بوب Hale-Bopp في عام 1997م. مصدر الصورة: ويكيبيديا.

صورة قدّمتها وكالة ناسا تظهر مذنب Panstarrs كما شوهد من جبل دايل، غرب النُّعام (أستراليا)، في 5 مارس 2013م. مصدر الصورة: avaxnews.

مذنب ماكنوت، وهو غير دوري، ويعرف أيضا باسم المذنب العظيم لسنة 2007م. اكتشفه عالم الفلك البريطاني الأسترالي روبرت إتش ماكنوت، في 7 أغسطس 2006م، باستعمال مِرْقب أوبسالا شميدت الجنوبي. مصدر الصورة: ويكيبيديا.