معجم المصطلحات الكبير
سَتَلة التفاعل المُهْلي
الحتاكة

بيّنت الأعمال المخبرية التي قام بها العالم الحِتاكي الكندي نورمان ليفي بُووَن Norman Levi Bowen سنة 1928م، ودراسات خلفائه المقترنة بالملاحظات الحقلية، أنّ الصُهارة الكوثبية المُهلية لا تتبلور بمرّة واحدة في غضون التبريد، بل يتم التبلور وَفْق قوانين أساسية، فظهور المعادن الشائعة في الصخور المهلية يكون على سَتَلَتين ضمن مدى من الحرورة يتراوح في مجمله بين 1500 و500مْ، سَتَلة متقطّعة تحتوي على المعادن اللُّحاسية، وأخرى متواصلة تحتوي على المُهاق البَرْجَدي.

التتابع التفاعلي المتواصل: يخصّ تتابع التبلور في مجموعة البَرْجَد إذ أنّ التبلور يبدأ بالشُّهاف (الأنورثيت) وينتهي بالقُهاف (الألبيت)، ويُسمّى هذا التَّوال بالمتواصل، لأنّ المعادن التي تتبلور فيه تكوّن أطوارا مختلفة في ستلة من المحاليل الجامدة بين عنصرين هما الشُّراق والقُلان، ببنية بلّورية معيّنة وثابتة، هي بِنية البرجد.

التتابع التفاعلي المتقطّع: ويخصّ تتابع التبلور لمجاميع معادن الزتان والشُّران والخُلاب والصَّرَق، وفي هذا التوال تكون البِنى البلّورية مختلفة من معدن إلى آخر، لذلك يُسمّى تتابع متقطّع.

في المُهل المُشبع بالكنثب إلى حدّ ما، يبدأ التبلور أولا بالزتان، ثم الشران، فالخلاب والبَرْجَد الشُّراقي، ثمّ يأتي القُشاف والبرجد القلوي، وأخيرا يظهر الخُراز، وخلال التبلور وانخفاض الحرورة يغتني السائل المتبقّى تدريجيا بالعناصر التي تدخل في تركيب معادن الحرورة المنخفضة، بينما تضمّ البلّورات المتشكّلة في المراحل الأولى عناصر الحرورة المرتفعة، مثل: اللغاس، والحديد، والشراق. تُصنّف الصخور المُهلية على أساس تركيبها المعدني الأساسي ونسجتها، والتصنيف محاولة لإيجاد العلاقات بين أنواع الصخور المختلفة وتحديدها، ومن ثمّ فإنّ المجموعات الشائعة من الصخور تتوزّع على الدرجات المختلفة لتصنيفات المهل الفتيني حسب ستلة التفاعل.

التتابع التفاعلي في حالة المهل المشبع بالكنثب

خلال التبلور المجزّأ للصهارة المهلية الغنية بالكنثب، فإنّ معادن الحرارة المرتفعة التي تتبلور عند حرورة معيّنة أو في مدى محدود، تعود فتنحلّ بتفاعلها مع الصُّهارة في حال انخفاض الحرورة أو ارتفاعها عن حدود حرورة تبلورها، وتدخل عناصرها في تركيب بِنية معادن جديدة تكون ثابتة في شروط الحرورة الجديدة السائدة، مثال ذلك: الزُّتان، فهو ثابت في الحرورة المرتفعة وبانخفاضها يتهدّم المعدن ويُستبدل بالشُّران حسب التفاعل:

زبردج + كَنْثب = شُران

ثمّ إنّ الشران نفسه يتفاعل مع الصُّهارة مرّة أخرى، فيتهدّم عندما تنخفض الحرورة ويكوّن بلّورات الفُناع (الهورنبلند)، وهذا بدوره يتلاشى ويُستبدل بالقُشاف. مع ستلة المعادن اللحاسية هذه، توجد ستلة أخرى بجانبها تشتمل على معادن شُلانية أي شُراقية قُلانية calco-sodiques، فتتبلور فيها أوّلا معادن البرجد القِمْطي، ثمّ معادن البرجد المختلط، وأخيرا معادن البرجد الحمضي، والملاحظ في هذه الستلة أنّها متواصلة، ولا تمثّل سوى تركيبا واحدا محدّدا للمُهاق البرجدي فحسب، غير أنّ الصخور المهلية تحتوي على هذه المعادن بتركيب كيميائي يقع ضمن النهايتين بين الشُّهاف والقُهاف، حيث إنّ البراجِد المتشكّلة أوّلا لا تتخرّب، فهي تُغلّف وتُحمى بأخرى أكثر حمضية تشكّلت فيما بعد، فالبرجد يتشكّل حينئذ من مجموعة من الأغلفة المتراكزة أي المتّحدة المركز، وتزداد غنى بالقهاف بقدر ما تكون خارجية، ويُسمّى حينئذ هذا البَرْجَد بالمتنطّق plagioclases zonés. لا يوجد تتابع حقيقي تفاعلي متعلّق بالمعادن البُثانية، فهي لا تشتمل إلاّ على معدن الفُصام، حيث يتّحد القلان والزهاف مع الكثاب لتكوين المُهاق البُثاني feldspaths potassique، كما أنّ البَلَق يمكن أن يتكوّن في هذه المرحلة إذا ما كان الضغط المائي عاليا بما فيه الكفاية. أمّا التبلور الأخير الذي يمكن أن يحدث فهو تبلور الخُراز، لأنّه يمثّل الفَضْلة الزائدة من الكنثب التي لم تتمكّن من الدخول في تركيب الكَوْثبات أوّل مرّة.

 

207.jpg

 

ستلة التفاعل للتغيرات المعدنية أثناء تبريد صهارة مُهلية مشبعة بالكنثب.

 

بشكل عام، عندما تنخفض الحرورة من الأعلى إلى الأسفل في الرِّسْبان (رسم بياني) تتوازى مراحل التبلور في الستلتين، فالبلّورات التي توجد على خطّ أفقي واحد، تتبلور تقريبا في الحرورة نفسها وفي الوقت نفسه، فالبرجد الغني بالشراق يتبلور مع الزتان، في حين يتبلور الأنديزين مع الفُناع، ويتحدّد المعدن الذي يتبلور أوّلا بالتركيب الأوّلي للصهارات المهلية، فالصُّهارة الغنية بالحديد واللغاس تؤدّي إلى ظهور بلّورات الزُّتان، بينما يتبلور البرجد القِمْطي من الصهارة الغنية بالشراق. لذلك نجد الصخور التي تحتوي على الزتان والشران والخُلاب تحتوي بشكل دائم تقريبا على البرجد القِمْطي وهو الغني بالشراق. بالمقابل فإنّ الصخور التي تحتوي على الخُراز تحتوي أيضا بشكل دائم تقريبا على المُهاق القلوي. لهذه الأسباب يمكن تقسيم الصخور الانبثاقية roches éruptives إلى صنفين رئيسين، هما: صنف قِمْطي فقير من الكنثب، إلاّ أنّه غني باللغاس والحديد والشراق، وصنف آخر حمضي، غني بالكنثب والزَنْهف والقِلاء. يجب التأكيد في هذا المقام على أنّ سَتَلة التفاعل المهلي لا تتحقّق بحذافيرها إلاّ عندما تبرد الصُّهارة المهلية ببطء، وذلك ليتمكّن التوازن الكيميائي من أن يتحقّق تِباعا، كما أنّ على المعادن المتشكّلة أن تظلّ في مَحاط التبلور وألاّ يتعرّض المُهل لظاهرة التمايز. عندما تهبط الحرورة بمرّة واحدة، فإنّ معادن الحرورة المرتفعة يمكن أن تبقى بشكل دائم ولا تتلاشى بالتفاعل، المثال التقليدي المتعلّق بهذه النقطة هو الزتان، نوع ثابت في الصخور الشديدة القِمْطية، إلاّ أنّه قد يتواجد أحيانا على نحو متآكل حتّى في صخور حمضية إلى حدّ ما كالتراكيت مثلا، إنّ التحليل الكيميائي لهذه الصخور يؤكّد على أنّ الزتان ما كان ليتواجد لو أنّ التوازن قد استتبّ في أوّل مرّة.

الجدير بالذكر أّن في الستلة المتقطّعة يزداد تعقيد ترابط الكوثب من الأعلى إلى الأسفل، وتزداد في الوقت نفسه نسبة الكنثب، فالزتان يتألّف من أركتة منفردة ومنفصلة، بينما يتألّف الشران من سلسلة منفردة من الأركتة الكوثبية، والخلاب من سلسلة مزدوجة، أمّا القُشاف فيكون على شكل صفيحي، كما يزداد أيضا حجم البَناة التي هي وحدة الخلية البنائية، ففي اللُّتان (الحدّ اللغاسي للزتان) تبلغ 291ںْ وفي الحُدال (الديوبسيد) 434ںْ والفُناع 925ںْ والقشاف 973ںْ، ثمّ إنّ المستطارات تزداد نسبة تركيزها مع استمرار التبلور، ففي الحرورة المنخفضة يتّصف الفناع والقشاف بوجود شاردة الدُّجار وشاردة الهاروب (هيدروكسيل) في تركيبهما، والملاحظة نفسها تصحّ أيضا على القُشاف في احتوائه على البُثان. كما يزداد اقتيال الكثاب بالزهاف في الستلة المتقطّعة بانخفاض الحرورة، وتزداد نسبة (ق+ب)\هف حيث تبدأ من الصفر في الزتان والفُصام لتصل إلى نسبة واحد في القشاف والقُهاف، وبسبب اغتناء الزتان المتبلور مبكّرا باللغاس واغتناء البرجد في أوّل التبلور بالشراق، فإنّ ستلة التفاعل توفّر تفسيرا للازدياد التدريجي في نسب ح\ل وكا\شر في الصخور الناتجة عن التبلور المجزّأ لصُهارة مهلية قِمْطية. من ناحية أخرى، فإنّ كلّ معدن في الستلة المتقطّعة هو مجموعة معدنية تُظهر محلولا جامدا.

التتابع التفاعلي في حالة المهل المُسْغَب من الكنثب

في حالة فقر المهل من الكنثب فإنّ المعادن اللحاسية هي لوحدها التي تتأثّر بهذا التقنين، فالتفاعل بين الزبردج والكنثب لن يعود له أي دور، فالمعادن التي تبقى ثابتة حتّى نهاية التبلور هي المعادن الأولى المرتبطة بالحرورة العالية، مع العلم أنّ الخراز لن يتشكّل في نهاية المطاف، ولهذا السبب يُعتبر الزتان والخراز من المعادن المتغالسة أي غير المتلازمة minéraux incompatibles. أمّا إذا كان النقص من الكنثب فادحا، فإنّ ذلك سيؤدّي إلى بقاء الزُّتان والنُّتار feldspathoïde في نهاية التبلور، أو ظهور النتار لوحده وقد يُرافقه المُهاق القلوي. وتلخيصا لما سبق يمكن القول إنّ الستلات التفاعلية تُبيّن أنّ تواجد المعادن بعضها مع بعض مرتبط بتكوين البيئة الأوّلية، فلا يوجد خليط عشوائي من المعادن، بل هناك ترابط تحكمه قواعد صارمة للتشكّل والظهور.

تعليق

بعض المصطلحات العربية وما يقابلها في الفرنسية.

سَتَلة : série

تتابع : suite

تَوال : séquence

تسلسل : enchaînement

صخر فَوْلَحي: من فوق ول: لغاس وح: حديد. roche ultramafique

صخر لُحاسي: من لغاس وحديد. roche mafique

صخر خُلاطي : الصخر المهلي الذي يحتوي على 52 إلى 63% في الوزن من كاك2. roche intermédiaire

لغة كلزية

Bowen’s reaction series
لغة فرنسية

série de réactions de Bowen
مراجع

  • موجز البتروغرافيا أو علم الصخور، الربيز: يوسف الخوري. كلية العلوم، جامعة دمشق. سوريا.
  • الجيوكيمياء، علم كيمياء الأرض. تأليف الربيز: سالم محمود عبد الله الدبّاغ. الدار النموذجية للطباعة والنشر، الطبعة الأولى، 1432، 2011م. صيدا، بيروت، لبنان.
  • Précis de pétrographie, roches sédimentaires, métamorphiques, et éruptives. Jean Jung. Masson 1977. Paris, France.