معجم المصطلحات الكبير
مَرْكَمية
اللغة والأدب

إن المَرْكمِية (مركزية الكلمة) هي المصطلح الذي استعمله جاك دريدا وغيره من دعاة التفكيكية للإشارة إلى الرغبة في إيجاد مركز أو ضمان أصلي لكلّ المعاني، وهو المصطلح الذي ميّز الفلسفة الغربية منذ أفلاطون في نظر دريدا. إن الكلمة اليونانية «لوغوس» يمكن أن تعني ببساطة «كلمة»، ولكن في الفلسفة فإنّها تشير غالبا إلى مبدأ نهائي للحقيقة أو العقل، بينما تشير في اللاهوت المسيحي إلى كلمة الله باعتبارها أصل وأساس كلّ الأشياء. إنّ نقد دريدا للتفكير المركمي logocentric thinking يظهر كيف يحاول قمع الاختلاف difference لصالح الهوية identity والحضور: إنّ «غِيبِياء الحضور» metaphysics of presence الفلسفية تتوق إلى «دلالة متعالية» أو معنى مكتفٍ ذاتيا في نهاية المطاف (على سبيل المثال الله، الإنسان، الحقيقة). إنّ الحالة الأكثر أهمّية للمركمية هي المركصية (مركزية الصوت) phonocentrism الدائمة التي تمنح الأولوية للكلام على الكتابة لأنّ الكلام يُعتَقَد أنّه يضمن «الحضور» الكامل وسلامة المعنى. (معجم أوكسفورد الموجز للمصطلحات الأدبية. كريس بالديك).

تعليق

مَرْكَمية، كلمة منحوتة من مركزية وكلمة، أي مركزية الكلمة، ومثلها المركصية، من مركزية وصوت، بمعنى مركزية الصوت. يمكن توضيح فكرة «غيبياء الحضور» من خلال ثلاثة أمثلة: في الكوجيتو الديكارتي «أنا أفكّر إذن أنا موجود»، تعدّ الأنا خارج مجال الشكّ؛ لأنّها حاضرة بنفسها في فعل التفكير، إذا مقولة «أنا موجود» كما يقول ديكارت صحيحة بالضرورة، كلّما لفظت، أو تصوّرت في العقل، المثال الثاني؛ فكرة «اللحظة الراهنة» هي ما هو موجود، المستقبل حضور متوقّع، والماضي حضور سابق، أمّا المثال الثالث، فهو «فكرة المعنى»، عندما يخاطب بعضنا بعضا، فالمعنى أمر حاضر، من وعي المتكلّم، يعبّر عنه بعد ذلك بواسطة الرموز والإشارات اللغوية، المعنى ما هو موجود في الذهن في اللحظة الحاسمة. أمّا «المدلول المتعالي» فهو الشيء الذي يتمتّع بوجود مستقلّ عن الكلمة التي تصفه، لأنّ البِنيوية تؤمن بإمكان وجود أصل ثابت أو معنى مستقرّ، ويرى دريدا أنّ المعنى من المحال أن يكون مغلقا إغلاقا تامّا على هذا النحو، لأنّه مجرّد أثر ناجم عن اللغة، تنتجه سَتَلات من دوالّ (كلمات) تتحرّك في حرّية من دون وجود أي مرجعية ثابتة.

«يعدّ عمل دريدا نوعا من الثورة على اليقينية المطلقة للفكر الغربي، وثورة على سكونيته، المتمثّلة في هيمنة القياس المنطقي المتمثّل في المركمية (التمركز العقلي، أو التمركز حول الكلمة) فقد تحيّزت الغيبياء الغربية بدءا من أفلاطون بالخضوع لسلطان التمركز حول العقل المستند في حقيقته إلى المركصية (التمركز حول الصوت)، أي العناية بالكلام على حساب الكتابة، ومن هنا وجّه دريدا جلّ اهتمامه لتفكيك هذا التمركز، وتقويض الأصل الثابت، ورأى أنّ اللغة تمثّل بِنية من الإحالات المتلانية (اللانهائية) التي يشير فيها كلّ نصّ إلى نصوص أخرى، وكلّ علامة إلى علامات أخرى، إذ تنتقل المركصية (المركزية الصوتية) من التركيز على الصوت إلى التركيز على صاحب الصوت، غير الحاضر، ولا الموجود، فاتّهام دريدا الفكر الأوروبي بالمركصية إنّما هو جوهر التفكيك، لأنّ البَحْدَثة (ما بعد الحداثة) تمثّل القطيعة مع المركزية. من خلال نقده وعمله على تقويض المركز وجّه نقده لسوسير، على أساس أنّه وقع في اتّجاه المركمية، وذلك من خلال الثنائيات، وأسس الحضور في الكلمة، فإذا كان الفاعل الحقيقي عند سوسير هو المتكلّم، فإنّه عند دريدا هو الكاتب، وبتحطيم المركز يتحوّل كلّ شيء إلى خطاب، وتذوب الدلالة المركزية أو الأصلية المفترضة، وينفتح الخطاب على أفق المستقبل دونما ضوابط مسبقة، وتتحوّل قوّة الحضور بفعل الاختلاف إلى غياب الدلالة المتعالية، وإلى تخصيب للدلالة المحتملة» (الادب الهامشي، محمد طه جواد الساعدي، آسيا عبد القادر عمراني).

مترادف

مركزية الكلمة

مركزية العقل

مركزية اللوغوس

لوغوسية

لغة كلزية

logocentrism
مراجع

  • الادب الهامشي – مقاربة نقدية في الأصول والمقولات. الربيز: محمد طه جواد الساعدي، الأستاذة: آسيا عبد القادر عمراني. دار الخليج، 2020. عمّان، الأردن.
  • The Concise Oxford Dictionary of Literary Terms. Chris Baldick. Oxford University Press, 2001. England