معجم المصطلحات الكبير
إسانة
أسماء العلوم

البحث عن آثار الحضارات القديمة ودراستها والحفاظ على ما بقي منها. تُعتبر الإسانة السبيل الوحيد إلى استنطاق الآثار المادية لمعرفة أوجه الحياة في المجتمعات التي وُجدت قبل اختراع الكتابة أي منذ ما يقرب من خمسة آلاف سنة، كما أنّ بحوثها تُشكّل رافدا مهمّا في إغناء معلوماتنا عن الحضارات التي تركت سجلاّت مكتوبة، وفي بعض الدول الأمريكية تعتبر الإسانة جزءا من الإناسة، لأنّها تُعنى بدراسة الجنس البشري وتراثه الفكري والمادّي، ويرى بعضهم في القارة الأوروبية أنّ عملهم هذا يرتبط ارتباطا وثيقا بميدان التاريخ، بينما يرى الإناسي الأمريكي «والتر تايلور»: «أن الإسانة ليست التاريخ ولا الإناسة بل هي علم مستقلّ بذاته يعتمد على طريقة معيّنة ومجموعة من الصِنْعات المتخصّصة لجمع المعلومات الثقافية وتوليدها».

هناك حقيقتان متعلّقتان بما يصنعه الإنسان، الأولى أنّ أي عمل يقوم به الإنسان هو انعكاس لنفسه ومظهر للحضارة التي عاش إبّانها، والأخرى أنّ الإنسان ينشد في حياته الاستقرار فهو لا يحب التغيير كثيرا، فقد يكون ما يفعله نسخة وفيّة لما صنعه أسلافه مع بعض الاختلافات في الحذق والقليلة أحيانا. وعلى هاتين الحقيقتين ارتكز الإساني لمعرفة ماضي البشرية الموغل في ظلمات العصور واستقصائه، والكشف عن الحضارات التي ظهرت قبل بداية التاريخ، فالإسانيون يتحَرَّون حياة الشعوب القديمة، وطرائق عيشهم وعاداتهم وتفاصيل حياتهم اليومية، وذلك من خلال دراسة بقاياهم في المآسِن التي كانوا يعيشون فيها، مثل المباني والقطع النقدية والأدوات والعظام والخزف، كما يحتاج بعضها إلى مهارة وحذق كبيرين فالأدلّة الإسانية ليست دائما ظاهرة بيّنة، فالعمود الخشبي قد يبلى إلا أنه يترك في مكانه فجوّة يُمكن استنساخها بملاط من الجبس، والحصير قد يندثر إلاّ أنّه يترك أثرا منطبعا على الأرض يُمكن تصويره، وفي أحيانا أخرى تكون لبعض الظروف الطبيعية التي تنشأ من أحوال الجو أثرا طيّبا في الحفاظ على مخلفات الإنسان حفظا جيّدا مثل إنسان تُولَنْد (وُجد في مستنقع بالدانمارك محفوظا على نحو واف)، واستنادا على أثر وُجد على تربة جافّة لخَطّارة (قيثارة) من الخشب بليت وزالت كلّ أجزائها استطاع ليونارد وُولّي أن يُعيد تركيب هذه الآلة الموسيقية التي استعملها موسيقيو القصر في شومر منذ 3000 سنة بما في ذلك أدّق التفاصيل.

تقوم الإسانة على مبدأ طَبَقي ينصّ على أنّ الجزء الأقدم في المَأسن هو دائما الذي يوجد في الأسفل، بينما مخلّفات العصور الأحدث توجد في الطبقات العليا، ومن ثمّ يُمكن للإساني أن يقتفي أثر تطوّر الأنماط المختلفة للشيء بالحفر عليه من أعلى إلى أسفل مميّزا بين أنماطه الأكثر تطورا وتلك التي تُعتبر أكثرا بدائية، وتُعرف هذه الدراسة بالنِّمْطِياء.

للإسانيين طرائق مختلفة في تحديد أعمار مكتشفاتهم أهمّها الِحفازة النسبية relative chronology، والحفازة المطلقة absolute chronology. الحفازة النسبية تعتمد على الأشياء المكتشفة ومقارنة بعضها ببعض لمعرفة أيها أقدم، فالعثور على شقف رومانية في بقايا حصن كَلَزي تبيّن أن الحصن أقيم قبل العصر الروماني، كما أنّ اكتشاف تمثال مصري صغير تاريخه معروف وسط بقايا آثار مينوية تحت قصر كنوسوس Cnossos مكّن الحفّارين من تحديد عمرها مقارنة مع عمر التمثال، وليس هذا فحسب بل أمكن أيضا من تأريخ آثار أخرى وجدت بعيدة جدا عن القصر. للحفازة المطلقة طرائق عديدة، وتحديد استعمال طريقة ما يرتكز على نوعية المادّة التي يراد تأريخها، وتُعتبر الحفازة بالسُّخام المشعّ الأكثر استعمالا لبقايا النباتات القديمة أو الحيوانات أو الكائنات البشرية، فالكائنات الحيّة تتبادل بينها وبين المَحاط الطبيعي باستمرار نوعين من ذرّات السخام وتستوعبها، وهما السخام 12 والسخام 14، وعند موت الكائن الحي يتوقّف هذا التبادل، ثم يبدأ تناقص ذرّات السخام 14 المشع بدرجة محدّدة لتصل إلى نسبة معيّنة، حيث يستطيع العلماء حساب عمر عيّنة ما عن طريق قياس كمّيات السخام 12 والسخام 14 المتبقية فيها. وتستطيع هذه الطريقة تحديد عمر عيّنة تعود إلى 50000 سنة. كما أنّ استعمال الستانة يُعطي نتائج دقيقة جدا، وهي التأريخ بحلقات الأشجار، وتقوم هذه الصنعة على احتساب حلقات النمو السنوية الظاهرة على المقاطع العرضية للأشجار المقطوعة ودراستها، ثمّ مقارنتها بنموذج لحلقات قديمة وُضعت على شكل متسلسل تُغطّي آلاف السنين تصل إلى 8300 سنة تقريبا قبل الميلاد.

تعليق

الإسانة العِلْم الذي يهتم بدراسة الإنسان منذ زمنه الأوّل إلى العصر الحاضر من خلال بقاياه المادّية. مأخوذة من الآسان والإسان وهي الآثار القديمة. العالم بها إساني والجمع إسانيون والمؤنّث إسانية الجمع إسانيات. المأْسَن الموقع الأثري.

لغة كلزية

archeology
لغة فرنسية

archéologie
مراجع

  • الموسوعة الأثرية العالمية، الهيئة المصرية العامّة. سلسلة الألف كتاب الثاني. الإشراف ليونارد كوتريل، تأليف نخبة من العلماء، ترجمة د. محمد عبد القادر محمد ود. زكي إسكندر. مرجعة د. عبد المنعم أبو بكر. الطبعة الثانية. 1997م.