معجم المصطلحات الكبير
مُماكِن
الكيمياء

المماكنات، هى ذرات تحتوى أنويتها على عدد الوجابين protons نفسه وتختلف فيما بينها فى عدد العدالين neutrons. بعبارة أخرى هي ضروب من عنصر واحد، متّفقة في عدد الوجابين في نواة الذرّة، ومختلفة في عدد العدالين، ذلك لأنّ الوزن الذري أو العدد الكتلي هو أساس الاختلاف بينها. يُعرف عدد البراقين electrons أو عدد الوجابين في الذرّة باسم العدد الذرّي، ومجموع عدد الوجابين والعدالين في النواة هو العدد الكتلي، فالمماكنات إذن هي ذرّات لها العدد الذرّي للعنصر نفسه، وتختلف عنه في العدد الكتلي. غالبا ما يُستعمل العدد الكتلي للذرّة في تصنيف المماكنات المختلفة للعنصر الكيميائي نفسه، على سبيل المثال، ذرّة السُّخام 12، هي الشكل الطبيعي للسخام، تحتوي على 6 وجابين، و6 عدالين في نواتها، بينما هناك أيضا مماكنات أخرى مثل السخام 13، والسخام 14، تختلف فيما بينها بعدد العدالين في أنويتها. الذرّة المتعادلة كهربيا هي التي يكون عدد الوجابين فيها مساويا لعدد البراقين، وبذلك يمكن استعمال العدد الذرّي لمعرفة عدد البراقين الموجودة في الذرّة، فالعدد الذرّي للدجار fluorine على سبيل المثال يساوي تسعة، ممّا يعني أنّ ذرّة الدجار تحتوي على تسعة وجابين وتسعة براقين، ويعني هذا أيضا أنّ أي ذرّة في الكون تحتوي على تسعة وجابين هي ذرّة عنصر الدجار.

 

767.jpg 

بعض مماكنات الكُثار والزُّعات والسُّخام.

 

بما أنّ لمماكنات العنصر كلّها العدد نفسه من الوجابين، فلها إذن العدد نفسه من البراقين، ويعني هذا أنّ خصائصها الكيميائية ستكون واحدة، لأنّ المماكنات تنتج من تغيّرات تطرأ على الذرّة على مستوى النواة، بينما الخصائص الكيميائية تتحدّد من خلال تشكيلتها البرقونية، وهذه لا تتغيّر في العنصر ومماكناته، الاستثناء الأساسي يكمن في كتلتها، فالمماكنات الثقيلة تميل لأن تتفاعل بصورة أبطأ من المماكنات الأخفّ للعنصر نفسه. على الرغم من أنّ المماكنات لها تقريبا الخصائص البرقونية والكيميائية نفسها، إلاّ أنّ خصائصها الريزيائية والنووية قد تتغيّر، فمستويات الطاقة البرقونية، على سبيل المثال، تعتمد على كتلة النواة، وهذا يجعل مستويات الطاقّة الذرّية لمماكن ما منزاحة قليلا بالنسبة إلى مستويات طاقة مماكن آخر. كما أنّ سلوكها الجزيئي يكون مختلفا تماما. تتكوّن النواة الذرّية من وجابين وعدالين مرتبطة معا بالتقاثر (قُوى التآثر القوي)، ونظرا لأنّ الوجابين لها شحنة موجبة، فإنّ ذلك يجعل بعضها يدفع بعضا، وتقوم العدالين بعمل بعض الفصل بين الشحنات الموجبة، ممّا يقلّل من التنافر الكَهْسَني (الكهروستاتيكي) وتساعد على ثبات النواة، وبزيادة عدد الوجابين تزداد الحاجة إلى عدالين أكثر لثبات النواة، وفي حالة وجود عدالين أقل أو أكثر من المفترض، فإنّ النواة تضطرب ويحدث لها الازدهاق النووي.

لا تمثّل العدالين هذه الجسيمات المتعادلة الشحنة فارقا على الاطلاق بالنسبة للشحنة داخل الذرّة، لكنّها تغيّر من كتلتها بصورة جذرية، فالفرق بين عدلون واحد وعدلونين اثنين داخل نواة ذرّة الهبان كافٍ ليجعل الجليد ينغمر في الماء العادي. للهبان ثلاثة مماكنات طبيعية أساسية، هي: الأُهان protium، كتلته الذرية 1,007825، وهو الهُبان الشائع ولا تضمّ نواتُه إلاّ وَجْبونا واحدا من دون عَدْلون، ثمّ البُهان deuterium، كتلته الذرية 2,01410 وهو نادر حيث تضمّ نواته عدلونا واحدا زيادة على وَجْبون، ثمّ الجُهان tritium، كتلته الذرية 3,01605 وتضمّ نواته وَجْبونا وعَدْلونين، وهو مشعّ ويتواجد في الطبيعة على شكل وَلَث (آثار)، فذرّات البهان تفعل تماما ما تفعله ذرّات الهبان العادية، فإنّ ذرّتين من البهان تتّحدان مع ذرّة واحدة من الكُثار لتكوين الماء، والذي يُسمّى في هذه الحال «بالماء الثقيل» لأنّه يحتوي على عدالين زائدة، أو كما يسمّونه باسمه العلمي: ذَرَب البُهان deuterium oxide، فالماء الثقيل الذي يُجمّد في قوالب على شكل مكعّبات، يغطس حينما يوضع في كوب ماء، بينما تطفو قطعة جليد الماء العادي، وهذا هو الفارق الذي يصنعه جسيم تَحْذَري.

في كثير من الأحيان ما يقترن وصف المماكنات بالإشعاع، لذلك قد يكون هناك ميل إلى الافتراض بأنّ جميع المماكنات مشعّة، ولكنّها ليست كذلك، هناك مماكن للهبان غير مشعّ كما رأينا آنفا، وهو البُهان، وبعبارة أخرى، مماكن مستقرّ، وبالمثل، توجد مماكنات مستقرّة للسخام، والكثار، والعناصر الأخرى الطبيعية، حيث لا يزيد عدد العدالين في أنويتها إلاّ قليلا، ويستثنى من ذلك بعض المماكنات، مثل: الحديد (ح-56)، والرصاص (ص-208)، وقد وُجد أنّ عدد المماكنات المستقرّة في القشرة الأرضية يصل إلى 280 مماكن. أمّا المماكنات المزدهقة أو المشعّة فهي التي تكون نسبة عدد العدالين إلى الوجابين في أنويتها كبيرة، لذلك تزدهق أي تتفكّك ذرّاتها وتتحلّل، والنتيجة أنّ عددها الذرّي يتغيّر، ويمكن أن تصبح عناصر مختلفة. تزدهق جميع العناصر المشعّة بمعدّلات مختلفة، فالسخام-14، هو شكل من أشكال السخام له 14 عدلونا بدلا من 12، كما هو معتاد، وهو آمن للاستعمال من دون احتياطات خاصّة، يستغرق تحلّل ذرّاته 5700 عام كي تتفكّك زهاء نصف ذرّاته، وهذا القياس للزمن هو معدّل الازدهاق ويُسمّى النِّصْحاة half-life، وعلى النقيض، فإنّ نصحاة الصُّراد-214 هو أقلّ من واحد على ألف من الثان، الجاسوس الروسي السابق ألكسندر ليتفينينكو Alexander Litvinenko والزعيم الفلسطيني ياسر عرفات، قُتِلا بمماكن الصراد أكثر استقرارا، بحيث يزدهق خلال أيّام بدلا عن الثواني، بشكل لا يقاوم داخل جسم الإنسان، والإشعاع يصدر عن تفكّك نواة الصراد-210 عبر الخلايا، ويسبّب ذلك الألم والمرض وانهيار الجهاز المناعي، وأثناء التحقيقات في هذه القضايا يبحث العلماء عن نواتج التحلّل لأنّ الصراد-210 بحدّ ذاته لم يعد له وجود.

حينما يتفكّك المماكن المشع فإنّه يصدر إشعاعا ألفاويا، يتكوّن من وَجْبُونين وعدلونين، بما يعادل نواة الهُفات الذرّي، فهو ضعيف ويمكن إيقافه بورقة، ثمّ الإشعاع الباوي، وهو براقين سريعة الحركة تخترق الجلد، أمّا الإشعاع الجاوي أو الجيمي، فهو طاقة كَوْدلية (كهرومغناطيسية)، مثل الضوء، لا يمكن إيقافه إلاّ باستعمال طبقة سميكة من الرصاص، وآثار الإشعاع الجاوي مدمّرة، لذلك تُستعمل لتدمير الخلايا السرطانية. فيما عدا مماكنات الهبان الثلاثة التي أعطيت لها أسماء خاصّة، فإنّ تسمية مماكنات باقي العناصر المعروفة تكون نسبة إلى عدد كتلة المماكن، فمثلا تُسمّى مماكنات الثماج (اليورانيوم) لفظيا كالتالي: ثُماج مئتان وخمسة وثلاثون (ثم-235)، وثماج مئتان وثمانية وثلاثون (ثم-238). تستعمل المماكنات، لا سيما المشعّة كمؤشّرات لدراسة قينيائية التفاعلات الكيميائية والحِياوية، وكذلك في معدَّات التشخيص الطبّي. يُستعمل الثماج وقودا في المفاعلات النووية لتوليد الكهرب، بينما يُستعمل السخام-14 في التأريخ.

تعليق

تُرجِع الكثير من المصادر العربية بعض المصطلحات العربية إلى أصول لاتينية ويونانية، مثل مصطلح الاتصال، حيث تقول: إنّ كلمة اتصال مشتقّة من الأصل اللاتيني communis بمعنى عام أو شائع، أو يذيع عن طريق المشاركة، ومثل هذا كلمة نظير أيضا، التي تعود حسب هذه المصادر إلى أصل يوناني بمعنى «المكان نفسه». وهذا كلّه لا يصحّ، فكلمة اتصال العربية لا علاقة لها بالأصل اللاتيني، وكلمة نظير لا علاقة لها بالأصل اليوناني، وتُعتبر هذه الإحالات والاشتقاقات هَنَة من هنوات المصادر العربية، ويعود السبب في ذلك إلى استعمال المؤلّفين العرب للمصادر الغربية من دون وعي أو تحقيق. كلمة نظير لا تصحّ في معنى isotope، فمعناها هو: الشبيه والمثل، وأحسن منها اصطلاحا كلمة مُماكِن، على صيغة مفاعل التي تدل على الاشتراك في الفعل، ومن الجذر مكن الذي هو أصل كلمة مكان على التوهّم قيل مُماكن، والمعنى: الذي يشغل المكان نفسه لعنصره في جدول العناصر الدوري أي يشاركه مكانه. جذر كلمة مكان، كون، وهي على مَفْعل، وتوهّم أصالة الفعل يسمح لنا باشتقاق كلمة مماكن من مكن بدل كون، وجاء في العربية من هذا التوهّم في هذا الفعل، قولهم: تمكّن، وأمكن بمعنى ثبت واستقرّ. ومثل هذا عند العرب قديما، تمسكن وتمذهب وتمنطق، وأصلها من سكن وذهب ونطق، اُنظر، مصطلح: مبدأ توهم أصالة الحرف.

مترادف

نظير

مصطلح قريب

لغة كلزية

isotope
لغة فرنسية

isotope
مراجع

  • الكيمياء والبيئة. الربيز: أحمد اسماعيل هاشم. دار الكتب، 2018م. القاهرة، مصر.
  • 50 فكرة يجب أن تعرفها عن الكيمياء. هيالي بريتش. المجموعة العربية للتدريب والنشر، 2019م. القاهرة، مصر.
  • الدليل في الكيمياء، الكيمياء النووية. محمد إسماعيل علي الدرملي. دار العلم والإيمان، 2019م. مدينة دسوق، محافظة كفر الشيخ، مصر.
  • الدليل في الكيمياء: الكيمياء العامة، ماهيتها، عناصرها. محمد إسماعيل علي الدرملي. دار العلم والإيمان، 2019م. مدينة دسوق، محافظة كفر الشيخ، مصر.
  • معجم مصطلحات علم الكيمياء. الربيز: مصطفى حسن مشهور. نبلاء ناشرون وموزعون، دار أسامة للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، 2014م. عمّان، الأردن.