۞ مؤتمر تمّ على إثر الحرب الأممية الثانية في بريتون وودز، أدّى إلى توقيع اتّفاقية أُنشئ بموجبها النظام النقدي الدولي بإقامة عدّة مؤسّسات نقدية، وهي: صندوق النقد الدولي (F.M.I)، والحاز الدولي للتعمير والإنشاء، أو ما يعرف باسم البنك العالمي، والغرض منه، مساعدة الدول الأوروبية التي دمّرتها الحرب، ثمّ مساعدة الدول الأخرى على التنمية الاقتصادية. بالإضافة إلى المؤسّستين السابقتين، فقد انبثقت عن المؤتمر فكرة إنشاء منظمة التجارة العالمية، ولكن لم تنفّذ مباشرة، وإنّما ابتدأت بما يعرف بالغات GATT سنة 1947م. وقد وقّع على هذه الاتفاقية أكثر من 130 دولة. أمّا الغاية الأساسية لهذه الاتفاقية فهي تنظيم مختلف المبادلات التجارية الدولية بالاعتماد على الدولار كعملة أساسية، وقد أُدخل تحوير أوّل على القانون الأساسي لهذه الاتفاقية سنة 1971م بعدما أعلن الرئيس نيكسون عن تخلّيه عن تغطية الدولار بالذهب. أمّا التحوير الثاني فقد أُدخل في أوّل من أفريل سنة 1978م، وقد أدّى هذا التحوير الثاني عمليا إلى التخلّي عن الصيغة الأساسية لنظام بريتون وودز، ومن الجدير بالذكر أنّ صندوق النقد الدولي الذي يشرف على تطبيق هذه الاتّفاقية أصبح يعتمد على حقّ السحب الخاص (D.T.S)، بدل الدولار على إثر مؤتمر الجماييك سنة 1976م، وهو نظام من الأصول الاحتياطية الحقيقية.

۞ أصبح النظام الذي وضعه كينز ووايت يُسمّى بريتون وودز، نسبة إلى اسم بلدة في مدينة نيوهامشير، التقى فيها كينز ووايت ومسؤولون آخرون من أربع وأربعين دولة في يوليو سنة 1944م في مؤتمر لعمل مُسَوَّدة للقواعد الجديدة. كانت اتفاقية بريتون وودز عملا مذهلا في الهندسة التأسيسية؛ ففي غضون نحو ثلاثة أسابيع، قدّم كينز ووايت لاقتصاد العالم فلسفة جديدة وأنشآ منظّمتين دوليتين جديدتين: صندوق النقد الدولي، والحاز الدولي. كانت الاتفاقية التي عُقدت في بريتون وودز ستحكم اقتصاد العالم طوال العقود الثلاثة التي أعقبت الحرب الأممية الثانية، وبعد فترة طويلة من حلّ النظام خلال سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين، سيضلّ مصطلح بريتون وودز تذكيرا شجيا بما يمكن أن تحقّقه المداولات الجماعية على المستوى العالمي. (معضلة العولمة. داني رودريك).