معجم المصطلحات الكبير
أبْجدِية
الكِتابة

حروف العربية على النسق العروبي القديم وقد جُمعت في كلمات حتّى يسهل حفظ ترتيبها، والأبجدية مأخوذة من أولى هذه الكلمات الثمانية وهي : أبْجد، هوّز، حُطِّي، كَلمُن، صعْفض، قرست، ثخْذ، ظغْش. يُخالف المشارقة في ترتيب الكلمات التي تأتي بعد كلمن، فيجعلونها: سعفص، قرشت، ثخذ، ضظغ، وتُسمّى حروف الكلمتين «ثخذ، ضظغ» الروادف بمعنى اللواحق. ربّما لأنّ أصواتها لم تكن موجودة في اللغات العروبية فألحقها العرب لتمثيل هذه الأصوات، وكان الأجدر بهم أن يخترعوا حروفا خاصّة بها، وهذا الترتيب يوافق الترتيب العبري والآرامي، أما المغربي فيبدو أنّه يقرب من الترتيب الروماني الذي أخذه الرومان من اليونانيين عن طريق الأُتْرور وذلك في: (ABCD, KLMN, QRST)، ولعلّه من بقايا الصَّيْدن في شمال إفريقيا، كما أنّ الترتيب المغربي يوافق الترتيب الحبشي فيما لو أُقيم على نسق الأبجدية.

وقد أُحدثت ترتيبات كثيرة خلال التاريخ الإسلامي، كانت من وضع علماء اللغة وفقهائها، منها ما استعمله الخليل بن أحمد في كتابه العين، وقد اعتمد في ترتيبه مخارج الحروف مبتدئا بأبعدها والأقرب فالأقرب حتى انتهى إلى أدناها مخرجا ثم اختتمها بحروف العلة، فجاءت الحروف في ترتيبه على هذا النحو: (ع، غ، ح، هـ، خ، ق، ج، ش، ض، ص، س، ز، ط، د، ت، ظ، ث، ذ، ر، ل، ن، ف، ب، م، و، ا، ى، هـ، ء) واستعمل سبط المارديني في كتابه «دقائق الحقائق في حساب الدرج والدقائق» ترتيبا آخر مع المحافظة على قيم الحروف العددية كما جاءت في حساب الجمّل، وهو: ايقش، بكر، جلس، دمت، هنث، وصخ، زعذ، حفظ، طضغ، في هذا الترتيب توافق بدايات الكلمات الآحاد، والحروف الثانية العشرات، والثالثة المئات، والحرف الرابع الوحيد في ايقش وهو الشين قيمة الألْف. أمّا الأبتثية المشرقية فقد وضعها نصر بن عاصم الليثي، ويحيى بن يعمر العدواني تلميذا أبي الأسود الدؤلي (سنة 89).

اُستعملت الأبجدية اليوم لتسمية الصواتم أو الأعداد المُصتّمة التي تتجاوز الألف والمعروفة بالمليون والمليار والتريليون.. الخ، واستعمال الأبجدية لهذا الغرض ينفي عن العربية خبث الاقتراض من اللغات الأجنبية، ويُنمّيها بما يُناسب طبيعتها الاشتقاقية وعبقريتها الفذة، فالاقتراض من دون ردّ يعني الغرق في الديون. لم يكن العرب أوّل أمرهم أمّة حساب، فالعشرة كانت عندهم جمع كثرة، وكانت المعدودات عندهم قليلة، فيقولون: اشتريت ثوبا خمسا في أربع. والغني عندهم من ملك مئة بعير، وكانت دية الملوك ألف بعير، وقد اتّخذوا قديما حروف العربية للأرقام، وأعطوها قيما عددية، فكانت تسعة حروف للآحاد، ومثلها للعشرات، ومثلها للمئات وحرف واحد للألوف، وهي الحروف الثمانية والعشرون التي بُنيت عليها التواريخ الشعرية، ولتسمية الأعداد التي تتجاوز الألْف اُتخذت كلمة ألْف أساسا لهذه التسمية، حيث تُوظّف الحروف العربية وفق ترتيبها في الأبجدية، وذلك بتعويض الحرف الأوّل من كلمة «ألْف» وهو الألِف بحرف من الحروف الأخرى، وترتيب هذا الحرف في الأبجدية هو الذي يحدّد القيمة العددية للكلمة المستحدثة، فتكون الصواتم على النحو التالي:

الألْف: عشر مئات/ البلْف: ألف ألف/ الجلْف: ألف بلف/ الدلْف: ألف جلف/ الهلْف: ألف دلف.../ الشلْف: ألف غلف، وهو العدد الذي يُرمز إليه بواحد ثم أربعة وثمانين صفرا (8410).

وتُقاس الأجزاء من هذه الأعداد على كلمة معشار التي تدلّ على الجزء من الألف، فيُقال المبلاف للجزء من البلف، والمجلاف للجزء من الجلف، والمشلاف الجزء من الشلف. أمّا الأعداد التي تتجاوز الشلْف فيكون وضعها بالاشتقاق الكبير، وهو القلب المكاني للحروف، فالصاتِمة التي تلي الشلف هي الأفل، ثمّ البفل، ثمّ الجفْل حتّى الشفل، وتكون أجزاؤها، المِئْفال والمِبْفال والمجفال.. الخ، ويُستثنى من ذلك المولاف والموْفال، حيث تُفتح فيهما الميم، وذلك لتجنّب الإعلال، فلا يُقال في المِوْفال الميفال، لأنّ الميفال والميلاف تعنيان الجزء من اليفل والجزء من اليلف، وهما غير الجزء من الوفل أو الولف.

مراجع

  • معجم الكتابة، خضير شعبان. الطبعة الأولى، 1419. دار اللسان العربي، الجزائر.