معجم المصطلحات الكبير
فَقْر مُطْلَق
الاجتماع

الفقر المطلق المعروف أيضا باسم فقر الكفاف subsistence poverty، هو فكرة عن الفقر مستمدّة من الحدّ الأدنى من متطلّبات العيش، وما يجب أن يمتلكه الشخص من نفقة الكفاف ليعيش ويكسب لقمة عيشه. وخطّ أو عَتَبَة الفقر المطلق absolute poverty line، هي الحدّ الأدنى من الدخل الواجب توفرّه من أجل سداد الحاجات الأساسية غير الغذائية للفرد والأسرة، كالملابس، والأحذية، والصحّة، والإسكان، والتعليم، والنقل، ثمّ الوقود، ويختلف المبلغ الذي يساوي هذا الخطّ من مجتمع إلى مجتمع آخر، ومن زمن إلى زمن آخر، داخل المجتمع الواحد، ومن إقليم إلى إقليم آخر. تُحدّد هذه العتبة وَفْقا لتكلفة سلّة الاستهلاك الأساسية في منطقة معينة، وتتأثّر بمتوسّط الدخل والتضخّم، إلخ.

تعليق

يقرّ علماء الاجتماع بوجود مفهومين أساسيين للفقر: الفقر المطلق، والفقر النسبي. يعتمد الفقر المطلق على فكرة البقاء المادّي: الأوضاع الأساسية التي يجب تلبيتها لتحافظ على وجود صحي معقول. فالناس الفاقدون للطعام الكافي والملجأ للسكن واللباس، ينظر إليهم على أنهم يعيشون في فقر مطلق. اعتمادا على هذا التعريف، فإن بلدانا نامية كثيرة ما يزال لديها عدد كبير من سكانها يعيش في الفقر المطلق. إن أكثر من ثلث الناس في بنغلادش وموزامبيق وناميبيا وزهاء الثلثين من السكان في رواندا و70% في نيجيريا، يمكن القول عنهم إنهم يعيشون في فقر مطلق. مع ذلك، فوجود معيار عالمي للفقر المطلق هو أمر محل جدل لأن تعريفات الحاجة تختلف ثقافيا. يستعمل معظم علماء الاجتماع اليوم الفقر النسبي كمفهوم بديل. يربط هذا البديل الفقر بالمستوى العام للعيش في المجتمع، والسبب الرئيس في هذا الاختيار يرجع إلى أنه يُعتقد بطريقة واسعة أن تعريف الفقر تحدّده الثقافة ولا يُستطاع قياسه وفقا لمعيار عالمي. فالأشياء التي يُنظر إليها كأمور أساسية في مجتمع ما، ربّما تعتبر كماليات في مجتمع آخر، ففي البلدان المتقدّمة يعتبر وجود سِجام (حنفية) الماء الجاري ومراحيض الماء الدافق والاستهلاك بانتظام للفواكه والخَضار ضروريات أساسّية. مع ذلك، ففي بلدان كثيرة نامية، إن تلك الأشياء ليست جزءا من الحياة العادية وإن استعمال غيابها لقياس الفقر أمر غير صحيح، فحتى تعريفات الفقر «المطلق» قد تغيّرت عبر الزمن بسبب تحسّن معرفتنا، لذلك فحتى الفقر المطلق أمر «نسبّي».

إن مفهوم الفقر النسبي ليس دواء لجميع الأمراض، فعندما تنمو المجتمعات ينمو بالمثل فهمها للفقر، إذ يقع تعديل المعايير برفعها نحو الأعلى. ففي زمن في الماضي، كانت تعتبر الثلّاجات والتدفئة المركزية والهواتف سلع رفاهة، ولكن ينظر إليها معظم الناس اليوم كضروريات. يرى آخرون أن مفهوم الفقر النسبي يزيغ بالانتباه بعيدا من واقع أن أفقر أعضاء المجتمع أفضل حالا اليوم مما كان عليه في الأزمنة السابقة، ما يثير تساؤلا بالنسبة إلى إمكان وجود الفقر «الحقيقي» حتى في المجتمعات الغنّية. فالمجموعات الاجتماعية المرشحة أكثر للعيش في الفقر تشمل الأطفال وكبار السّن والنساء وبعض الأقليات الإثنية، لا سيّما أنّ الناس المحرومين أو المعرّضين إلى التمييز السلبي ضدّهم في ملامح أخرى من الحياة لديهم حظوظ أكبر ليكونوا فقراء. تركّزت تفسيرات الفقر إمّا على الفرد وإمّا على تنظيم المجتمع، غالبا ما يشار إلى تلك التفسيرات بنظريات «لوم الضحية» و«لوم النظام» على التوالي. فجعل الفقراء مسؤولين عن حالاتهم أمر له تاريخ طويل. تبّين منازل الفقراء في القرن التاسع عشر الفكرة العامّة في تلك الفترة، والمتمثّلة في أن هؤلاء الذين هم أهل للنجاح قد نجحوا فعلا، بينما هؤلاء الذين كانوا أقلّ قدرة باؤوا بالفشل. على الرغم من تراجع تلك الأفكار لاحقا، إلّا أنّها بُعثِت من جديد في ستينيات القرن العشرين، عندما فسّرت الأفكارُ الليبرالية السياسية الجديدة، الفقرَ بواسطة أساليب حياة الناس الفقراء أنفسهم ومواقفهم. رأى عالم الاجتماع الأميركي تشارلز موراي أن ظهور طبقة دنيا من المجتمع underclass جديدة حمّالة لثقافة الاتكالية، يعود إلى الاعتماد في العيش على منافع نظام الرفاه وتحاشي دخول العمل.

ينظر التفسير الثاني إلى العمليات الاجتماعية التي تؤدي إلى أوضاع الفقر. اعتمادا على هذه الرؤية، فإن قُوى بِنيوية مثل ضغوط الطبقة الاجتماعية والنوع الجنسي والإثنية وموقع العمل ومستوى التعليم... إلخ، تشكّل كلّها الطريقة التي من خلالها تتوزّع الموارد. وعلى هذا الأساس، إن أي فقدان ظاهري للطموح قد يكون حصيلة لموقع الناس الاجتماعي، وليس سببا له. يعود هذا إلى الثلاثينيات من القرن العشرين عندما نظر آر. إتش تاوني Tawney H.R. إلى أنّ الفقر في واقع الأمر ملمح من اللامساواة الاجتماعية التي قادت إلى التضادّ الحادّ بين قطبي الثروة والفقر. فالمفتاح لمعالجة الفقر كان يتمثل، إذا، في تخفيف اللامساواة الاجتماعية وليس في لوم الأفراد. إنّ تخفيف الفقر ليس مجرّد عمل لمصلحة تغيير الرؤى الفردية، ولكن يتطلّب سياسات توزع الدخل والموارد بمساواة أكثر. فالدفعات المالية لمصلحة رعاية الأطفال والحصول على حدّ أدنى وطني للأجور وعلى مستوى دخل أسري مضمون، هي أمثلة على سياسات تخفيف الفقر. يمكن لإعادة الهيكلة الاقتصادية أيضا أن تؤدّي إلى مستويات صاعدة من الفقر، فتراجع صناعات المعامل في الثمانينيات من القرن العشرين، وتحول التشغيل صوب ضواحي العواصم والمدن suburbanization وازدياد قطاع الخدمات الضعيفة الأجر، أنقصت من فرص العمل. في الخلاصة، ينبغي تفسير مستويات الفقر من خلال الرجوع إلى التغييرات في بنية المجتمع. (مفاهيم أساسية في علم الاجتماع. أنتوني غيدنز، فيليب صاتن).

مترادف

فَقْر الكَفاف

فَقْر مُدْقِع

لغة كلزية

absolute poverty
لغة فرنسية

pauvreté absolue
مراجع

  • مفاهيم أساسية في علم الاجتماع. أنتوني غيدنز، فيليب صاتن؛ ترجمة محمود الذوادي. سَتَلة ترجمان. المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2018م، الظعاين، قطر.
  • The Sage Dictionary of Sociology Steve Bruce and Steven Yearley. SAGE Publications, 2006. London