المنظّمة الخيرية، هي جمعية أو مؤسّسة خيرية تخضع لنظام تأسيسي، وغير هادفة للربح، تسعى لتوفير الإغاثة والمساعدة للفئات الضعيفة والمحرومة في المجتمع وتلبية حاجاتها، أو أي غرض آخر لا تغطّيه النهاجِل الحكومية، فالقائمون عليها هم جماعة من الشخوص لا تبغي تحقيق أي مردود مادّي أو معنوي من وراء مجهوداتها، كما لا تسعى لتحقيق أهداف سياسية أو طائفية أو عرقية أو دينية، إنّما يحكم عملها القانون الأساسي الذي آمنت به ووضعته لتسيير شؤونها، ولا يقلّ عدد أعضائها عن عدد أعضاء الهيئة الإدارية الواردة في قانونها الأساسي. يختلف التعريف القانوني للجمعيات الخيرية اختلافا كبيرا من بلد إلى آخر ففي بعض البلدان تُحدَّد معايير دقيقة يجب على الجمعيات التقيّد بها والتحقّق منها؛ وفي بلدان أخرى، لا توجد فكرة الجمعية الخيرية ذاتها، فإن الجمعيات هي نفسها التي تعلن نفسها بأنها خيرية.

إن الاختلاف في التعريف القانوني يؤدّي بالضرورة إلى الاختلاف في النظم التي تحكم المنظمة الخيرية، وفي المعالجة الضريبية لمصادر الاستثمارات وإيراداتها التي تقوم بها المنظمات الخيرية. لكن على الرغم من هذه الاختلافات في التعريف وفي مقاربة المنظمات الخيرية، فإنّ تتبّع ما كُتب عنها في الأدبيات الخاصّة بها مكّن من استنتاج تشابهها من حيث الهدف الأساسي، الذي تسعى لتحقيقه وهو تقديم المساعدة من دون مقابل، أي أنّها فعلا منظّمات لا تسعى لتحقيق الربح لذاتها وإنّما توزّع الصدقات التي تجمعها أو الإيرادات التي تحقّقها للأغراض التي أُنشئت من أجلها كمساعدة الفقراء وتخفيف حدة الفقر، أو مساعدة المرضى، أو بناء وتمويل المدارس وتعزيز التعليم، أو إنشاء البيوت للفقراء والمشرّدين، أو بناء المستشفيات والملاجئ، أو الاعتناء بأماكن العبادة والنهوض بالدين، أو مساعدة عابري السبيل... إلخ، حيث يمكن أن تكون أحْواز (بنوك) الطعام، ومنظّمات المنح الدراسية، والمنظّمات الإرسالية، ومراكز الأزمات، وملاجئ الحيوانات جمعيات خيرية.

يُعتبر مصطلح الجمعية الخيرية مترادفا للمنظّمة الخيرية، إلاّ أنّ هناك اختلافا ملاحظا بينهما، يكمن في أنّ الجمعية الخيرية لها نشاط قطري، وقد يكون في الولاية الواحدة أو المقاطعة أو ربّما في الحي الواحد، إلاّ أنّ المنظّمة لها بُعد دولي، وربّما يمتدّ نشاطها عبر العالم، مثلما نجده في المنظّمات الخيرية التي تتركّز في الكثير من الدول الإفريقية. نجد أصل الجمعيات الخيرية في المجتمعات المسلمة في الوقف، الذي هو: «حَبْسُ أصْلٍ وتسبيلُ منفعتِه»، وليس في الزكاة، لأنّها إحسان إلزامي محدّدة المصارف من قبل الشارِع. عكس الوقف الذي تعدّ مصارفه أكثر تنوعا وأوسع نطاقا لعدم وجود ما يقيّدها كما هو شأن الزكاة، لأنّها مرتبطة بشرط الواقف. كما أنّ الصدقة عمل خيري أيضا له فضله الدنيوي وأجره الأخروي، غير أن الوقف زيادة على ذلك، فهو صدقة جارية لا تنقطع بالوفاة بل تستمر لتؤتي ثمارها التي ينتفع بها العباد وينال بها الواقف خير الدعاء والجزاء. ارتبطت نشأة المؤسسات الخيرية في المجتمعات الغربية بسياق ديني وحركية مجتمعية خاصّة مختلفة عن سياق نشأة وتطور نظام الوقف الإسلامي. والعمل الخيري في مضمونه مظهر للتعايش والتآزر الذي تحثّ عليه مختلف الديانات السماوية، ولا جرم أن نجد تأثيرا للديانة المسيحية من خلال الدور التاريخي للكنيسة على القوانين التي سادت في أوروبا، إلّا أنّ العلاقة بين المؤسّسات الخيرية الغربية والكنيسة أوثق وأمتن، إلى الحد الذي جعل العمل الخيري رسالة تحملتها الكنيسة عبر قرون، ومهمّة خاصة احتكرتها لوحدها في العصور الوسطى.