تأسّست هذه المنظّمة سنة 1993م وفقا للقانون الألماني، وقد عُقد مؤتمرها التأسيسي في برلين تحت شعار: الاتّحاد العالمي ضدّ الفساد، وتُعتبر هذه المنظمة من المؤسّسات الدُّوَلِية غير الحكومية التي اكتسبت شهرة في عمل استطلاعات الفساد، وتضمّ حاليا فروعا في تسعين دولة وأمانتها العامّة في برلين في ألمانيا. تُعنى هذه المنظّمة بمراقبة الفساد والحثّ على محاربته وتُصدر تقريرا سنويا عن الفساد في العالم، بناء على معلومات تقوم بتجميعها من رجال أعمال وباحثين دَيْونِيين (أكاديميين) وموظّفين في القطاع العام في كلّ دولة من خلال تجربتها في التعاملات اليومية، ثمّ تقوم بتحليل تلك المعلومات والبيانات وتلخيصها في تقرير سنوي، ولا تتعرّض للفساد في القطاع الخاص. وقد ارتكز عمل هذه المنظمة على جملة من المبادئ والقواعد كان أهمّها (مطر، 2011م):

1- اعتبار الحركة ضدّ الفساد حركة عالمية، تتجاوز النظم السياسية والاجتماعية والاقتصادية داخل الدولة.

2- الاهتمام بمبادئ الديموقراطية والمشاركة واللامركزية والشفافة والمساءلة على المستوى المحلّي، وتجاوز الانتماءات الحزبية الضيّقة في الإدارة والحكم.

3- التسليم بوجود أسباب مادّية وأخلاقية تقف وراء ظاهرة الفساد.

4- إدراك أنّ مخاطر الفساد تنطوي على طبيعة عالمية متعدّية الحدود الإقليمية لكلّ دولة، فيجب مكافحتها بوسائل تأخذ طبيعة تلك الظاهرة نفسها.

5- اختراق جدار الصمت الذي يحيط بالفساد.

6- إدراك واقع الفساد إدراكا مشتركا وتعريفه، والكشف عن أوجه النقص في الإجراءات التي تُتّخذ ضدّه على الصعيدين القومي والدوَلي.

وقد سعت المنظّمة منذ مؤتمرها السنوي الأوّل (سنة 1994م) إلى إيجاد المناخ الملائم من أجل التعاون الذي يتّسم بالشفافة، ولم يكن من مهامّ المنظّمة الكشف عن الفضائح والتشهير بها، فتلك مهمّة الصحافة والقضاء، أمّا مهمّة المنظّمة فهي تحليل الحالات التي يكشف النقاب عنها، وتطوير أنظمة تمكّن من منع الفساد في المستقبل، ممّا جعلها في موقف يمكّنها من الحديث مع جميع الأطراف (الراشين والمرتشين والسلطات المتخصّصة)، وفي عام 1995م نشرت المنظمة لائحة للفساد متدرّجة تبعا للمراتب تقدّم فيها الدول التي كانت مصابة بالفساد، وفي 1999م أصدرت فهرس الراشين، بتسلسل مراتب البلدان التي تعدّ شركاتها مستعدّة لدفع الرِّشا في البلدان النامية، وفي سنة 2001م أصدرت المنظّمة التقرير العالمي عن الفساد الذي يضمّ مواقع الفساد على النطاق العالمي، وتقوم منظّمة الشفافة العالمية بإصدار هذا التقرير بصفة دورية منذ عام 2001م حتّى الآن، وتركّز في كلّ عام على قطاع حيوي مهمّ من قطاعات الدولة (مطر، 2011م)، وقد أنشأت على مرّ السنين سلسلة من الطرائق يأتي في مقدّمتها الميثاق الخاصّ بالاستقامة ومبادئ العمل والتجارة من أجل مواجهة الرشوة، نوجز هذه المبادئ فيما يلي (مطر، 2011م):

1- لن يقبل ممثّل رسمي للسلطة مباشرة، ولا عن طريق الوسطاء أي نوع من الرشوة بالمال أو الهدايا أو الجميل أو أي مزايا أخرى، لنفسه أو لأي فرد أو منظّمة أو طرف ثالث، ممّن لهم علاقة بتقديم العطاء أو يطلبه أو يتيح لنفسه، في مقابل ذلك مزايا معيّنة في إطار عملية تقديم العروض.

2- ستتولّى الجهة المتخصّصة جعل جميع المعلومات الصِنْعِية والقانونية والإدارية الضرورية والملائمة، حول المشروع الجاري تنفيذه، أو المشروع المطروح في المناقصة، مكشوفة للناس جميعا.

3- لن يدع أي ممثّل للجهة الرسمية المعلومات السرّية تصل إلى أيدي مقدّمي العروض أو أطراف العقد، أي المعلومات التي تتيح لمقدّم العرض أو أحد أطراف العرض مزيّة غير مشروعة في إطار عملية المناقصة أو تنفيذ الصفقة أو عقدها.

4- كلّ ممثلي الجهة الرسمية الذين لهم علاقة بعملية مقدّم العرض أو تدقيقه، وإتمام العقد سوف يكشفون عن كلّ تنازع بين المصالح في إطار توزيع التكليف. وإنّه لمن المرغوب فيه إلى أقصى الحدود أن تظلّ مكشوفة، بالطريقة ذاتها، قيم ثرواتهم، مثلما تظلّ مكشوفة قيم ثروات أفراد أسرهم.