تدرس الرِّهاصة تطوّر التراكيب أو البِنى الحِتاكية الكبرى لا سيّما المرتبطة بالتجبّل orogenesis، ومصدر القُوى التي تُنشئها وعلاقتها بالترسيب وسياقاته، كما تسعى إلى الكشف عن المراحل التطورية للبِنى الحِتاكية، لذلك تعتمد على الحِتاكة التاريخية. توجد علاقة وطيدة بين الرِّهاصة والحِتاكة البِنيوية structural geology، فكلاهما يدرسان تطوّر الأرض، من جهة التحرُّفات deformations التي ينجم عنها تكوّن بِنى حتاكية مختلفة الأحجام. يختلف هذان الفرعان المهمّان عن بعضهما بعضا من زاوية أخرى، فالرهاصة تهتم بدراسة التحرّفات (التشوهات) أو البِنى الحتاكية في بُعدها الإقليمي وتتوسع إلى أن تصل إلى البُعد العالمي، أمّا الحِتاكة البِنوية فتتناول دراسة البنى الحتاكية من المقياس المجهري إلى المقياس الإقليمي. إجمالا يمكن القول إنّ الرهاصة والحتاكة البنوية تجمعهما آصرة واحدة، فكلاهما يصبّان في رافد واحد، هو دراسة عمليات التحرّف في القشرة الأرضية أو الصعيد lithosphere ولا غنى لأي منهما عن الآخر، فلا يمكن وضع حدّ فاصل دقيق بينهما، فالتعرّف على الوضع الرِّهاصي العام للأرض لا يتأتّى إلاّ من خلال دراسة البِنى الحِتاكية من المقياس المجهري إلى المقياس الإقليمي، كما أنّ التعرّف على قيِنِيائية (ميكانيكية) نشأة هذه البِنى الصغيرة لا يتمّ إلاّ بربطها بالوضع الرهاصي العام في منطقة معيّنة أو على مستوى الكرة الأرضية.

الرِّهاصة من الرَّهْص وهو تأسيس البنيان، لأنّ التغمّل والكَثْح يؤدّيان إلى تردّؤ القارّات، وتعرية التضاريس وتسويتها، بينما يعمل الترهّص tectonogenesis على العكس من ذلك، حيث ينجم عنه بناء الأشكال الأرضية وبروز التضاريس وصعود الجبال، ومن هناء جاءت العلاقة بين الرهاصة وتأسيس البنيان. تجدر الإشارة إلى أنّ الرِّهاصة قد شهدت تطوّرا كبيرا منذ الستينيات من القرن العشرين الميلادي، بوصول الحتاكيون بصفة عامّة، والحتاكيون البِنويون والرهاصيون بصفة خاصّة إلى مرحلة التيقّن من معطيات نظرية «رِهاصة الصفائح» plate tectonics والتثبّت من نتائجها؛ وهي النظرية التي غيّرت الكثير من مفاهيمنا عن الأرض ونشأتها وتطوّرها، وقد استفادت الرهاصة كثيرا من التطور الهائل في صِنْعات الاستشعار عند بعد، وعلوم الفضاء، ونظم المعلومات الموقعية GIS، ومن البيانات الحِيزيائية geophysics، كما استفادت من الدراسات الصخريائية petrology والحيكيائية (الجيوكيميائية)، التي أماطت اللثام عن الضغوط والحرورات في باطن الأرض، والفترات الزمنية التي حدثت فيها عمليات التحرّف والتخمّم في الصخور.