الشذر، النفيس من الجوهر، ويقتصر الاسم على المعادن التالية: الماس diamond، والزمرّد emerald، والمَهْو aquamarine، واللَّعْل ruby، والسُّحار sapphire. يتميّز كلّ معدن منها، ببريقه، وندرته، وصلابته، ورَوْقه، ولونه أو مَهائه، وعدم فعّاليته الكيميائية، وخلوه من العيوب، وقابليته للحمل بسهولة، وتشتيته للضوء، ومَتانته، إلى غير ذلك، وأهم هذه الخصائص كلّها ندرته، تعتبر القِطَع الكبيرة ذات الجودة العالية أكثر ندرة من القِطَع الصغيرة، لذلك فإنّ حجر الياقوت الذي يزن خمسة قَرارِط، أغلى من قطعة الماس التي هي بالوزن نفسه، واللَّعْل الذي هو الياقوت الأحمر، والماس، والزمرّد، أحجار نادرة، بالإضافة إلى كونها جميلة وتعيش طويلا، فهي تقدّر بأثمان غالية جدّا. كلّ الشذر صلب، تتراوح صلابته بين 7,5 و10 درجات على مقياس الصلابة النسبي، بينما تتراوح صلابة الخرائد بين 7 و8 درجة، لذلك لا تكون أنصلتها قابلة للخدش العارض، ولا لتخشّل حافاتها أو قُرَنها، ويستثنى من ذلك الطُّهاش opal، الذي يكون رِخوا وهشّا مقارنة بالأحجار الأخرى (الصلابة من 5 إلى 6,5) ويأتي تقدير الطهاش من تألّقه الذي يعرف بالطهشنة (opalescence)، ويظهر مجموعة من الألوان المختلفة، مثل: الأخضر، والأزرق، والألوان الحمراء. يُعزى جمال الأحجار الكريمة عادة إلى لونها وبريقها، ولا يُعجَب بالأحجار المعتمة كاللازورد والفيروزج إلّا لجمال ألوانها، وبعضها الآخر للتلألأ الناتج عن انعكاس الضوء من بعض الشوائب التي تحتوي عليها، لكن أغلب الأحجار مُشِفّة ولها بريق متألّق، ولهذا البريق علاقة بمعامل الانكسار العالي للضوء على سطحها، كما أنّ الكثير من الضوء الذي يدخل إلى الحَجَر ينعكس في داخله ويخرج مرّة أخرى من أنصلته العليا. تحتاج الأحجار الكريمة لإظهار صفاتها الكامنة وإبراز خصائصها اللونية والبصرية على أحسن ما يكون، أن تُقطَع بطريقة دقيقة فنّية غاية في المهارة، والغريب أنّ عملية قطع الجوهر وصقله فنّ حديث، ويرجع قطع الماس إلى 200 أو 300 سنة قبل اكتشاف أنّ الماس لا يقطعه إلاّ حُباب الماس. كانت تصقل الأحجار الكريمة قديما بحيث يكون جزؤها العلوي مستديرا بينما تكون قاعدتها مسطّحة.
الماس diamond
يتكوّن الماس من السُّخام النقي في حالته العنصرية وليس مركّبا، له التركيب الكيميائي نفسه للسُّجال (الغرافيت)، إلاّ أنّه من المفروض أنّ بلّورات السجال قد تكوّنت تحت ضغط شديد، حيث إنّ الوزن النوعي للسجال هو 2,2 فقط، إذا ما قورن بالوزن النوعي للماس المرتفع نسبيا، وهو 3,52. يعتبر الماس أكثر الشذر شيوعا وأغلاها ثمنا، وأكثرها ثباتا تحت الظروف العادية، وهو ناقل جيّد للحرارة، وإذا سُخّن إلى 900مْ فإنّه يتلاشى، ويتحوّل إلى مُهاج ثنائي ذَرَب السخام، ويتحوّل إلى سُجَال إذا ما سُخّن إلى 1000مْ. نتيجة لمعامل انكساره فائق الارتفاع الذي يصل إلى 2,417 وتشتيته العالي للضوء (مقارنة بمعامل انكسار الزجاج 1,5)، تتميّز قطعه بالتألّق المثالي والتأجّج القوي بين جميع الشذر، في حين أنّ قوّة تحليله الفائقة للضوء وتشتيته، هي السبب في ومضاته اللامعة من الألوان في شَذَرة جيّدة القطع، ومعامل انكسار الضوء الأحمر فيه (2,407) يختلف كثيرا عن معامل انكسار الضوء الفَوْخزي (2,465)، لهذا فإنّ الضوء الأبيض العادي يتحلّل إلى شريط طيفي أكثر اتّساعا منه في أي مَحاط آخر. القَطْع الذي يُظهر اللمعان، يستغلّ هذه الميزة، وهو مصمّم ليكون معظم الضوء المنعكس من أنصلته الجانبية على السطح الأعلى ملوّنا. الماس أصلب مادّة معروفة إلى الآن، سواء أكان طبيعيا أم صناعيا، تبلغ درجة صلابته 10 على المقياس النسبي، والفرق بين صلابته وصلابة الياقوت الذي يليه في الصلابة (درجته 9)، يزيد كثيرا على أي فاصل آخر بين المعادن يوجد في مقياس الصلابة النسبي، وفيما عدا قيمته كحجر كريم، فإنّ للماس استعمالات مهمّة في الصناعة، مثل قطع الفلزّات الصلبة وثقبها، ومطل الأسلاك. أحسن أنواع الماس الذي يميل لونه إلى الزرقة الخفيفة، يليه النوع الأمهى (عديم اللون) تماما، في حين أنّ أي مسحة من اللون الأصفر تعتبر عيبا فادحا.
يتطلّب تكوّن الماس ضغطا عاليا جدّا، زهاء 50.000 مرّة ضعف الضغط الجوّي، أي على عمق يزيد عن 150 إقاس من سطح القشرة الأرضية. ثمّ ينقل إلى السطح محمولا في صخور بركانية فَوْقَطية ultramafic هي نفسها أحدث من الماس في التكوّن تُسمّى بالجَهَش kimberlite، تتألّف هذه الصخور بشكل أساسي من الزُّتان olivine، كما تضمّ أيضا الخُثام phlogopite، والنكاص serpentine، والكُلاس calcite، تتّخذ في الغالب شكل الأعمدة أو المداخن المخروطية تسمّى بأنابيب الجهش، في الواقع ينشأ الجهش عميقا جدّا في الصعيد، ثمّ يصعد مهله في جدّات ليتهشّم عند السطح، يشتمل على عُجَر nodules الزَّبَر peridotite التي هي في الأصل عيّنات صخرية حُجالية. عندما تتعرّض صخور الجهش الحاملة للماس لعوامل التجوية، فإنّ الماس نظرا لكثافته العالية يتجمّع في أماكن معيّنة، لا سيّما في الرَّغامات وقرب المصبّات، ويفصل عن رُساباته بطريقة التصويل panning، أو بطريقة قينيائية، أو بخصيصة التصاقه بالشحم، حيث تمرّر الرسابات المصوّلة على سيور أو ألواح مغطّاة بطبقة شحمية فيلتصق بها حُباب الماس من دون المعادن الأخرى المصاحبة لها، ثمّ يُجمع حبابه من الشحم، وترجع خصيصة التصاق الماس بالشحم إلى طبيعة تركيب الماس والشحم غير القطبية. توجد في الوقت الحالي صخور فوقطية مماثلة، تحتوي على كمّية أقلّ من الماس في مناطق أخرى من العالم، ولكن ليس لها أهمّية تنافسية كبيرة، والجدير بالذكر، أنّ ماسات مجهرية وُجدت في الزُّجال (النيازك) الحجري، وحسبما هو معروف اليوم، فهذان هما المصدران الأصليان الوحيدان لوجود الماس، وفيما عدا أنّ السخام ينتمي إلى الصخور النارية فإنّ مصدره غير معروف.
كانت الهند لأكثر من 25 قرنا المصدر الوحيد للماس، الذي كان يستخرج من الرُّسابات النهرية القديمة والحديثة، واُكتشف في البرازيل سنة 1725م، فانخفضت أسعاره نتيجة الزيادة السريعة في إنتاجه، ولكن سرعان ما قامت الحكومة في التحكّم في الإنتاج وفرض الضرائب عليه، ثمّ عادت الهند في هذا القرن إلى المركز الأوّل بسبب هبوط إنتاجه، وبعد ذلك بمئة عام، اُكتشفت أوّل ماسة في جنوب إفريقيا سنة 1866م، وتتابعت اكتشافات كبيرة وضعت الهند في المرتبة الثانية مرّة أخرى. تكمن أهمّية اكتشافات جنوب إفريقيا أنّها قدّمت الدليل على منشأ الماس، فمصادر الإنتاج الهندي والبرازيلي ثانوية ومرتبطة بالرُّسابات النهرية، حيث تحتوي صخور القَرَش conglomerate على الأحجار، والتي يُعتقد أنّها صخور قديمة جدّا تعود إلى ما قبل عصر «الكمبري» وعلى ذلك يظلّ المصدر الأوّل والأصلي للأحجار مجهولا. أصبحت روسيا في الوقت الحالي أكبر منتج عالمي للماس، ثم بوتسوانا، ثمّ استراليا (2021م). من أهمّ مصادره الإفريقية الأخرى: الزائير، وغانا، وسيراليون، وتنزانيا، وأنغولا. كما يوجد الماس في فنزويلا، والصين أيضا. يبلغ متوسّط الإنتاج العالمي زهاء 121,7 بَلْف قُرَّط.
الياقوت corundum : اللَّعْل، السُّحار
أكثر المعادن صلابة بعد الماس، درجته 9، يتكوّن كيميائيا من ذرب الزهاف (هف2ك3) وهو النوع الشائع للزَّنْهَف alumina لا سيّما الجُحاس emery الذي يحتوي على الحديد، يستعمل مادّة كشط، ويستعاض عنه في الوقت الحالي في كثير من الأغراض بمادّة الجُلاح carborundum (كثب السخام) الصناعية الرخيصة والأكثر صلابة، إلاّ أنّها قَصِفة أي سهلة التكسّر، والياقوت أمْهى (عديم اللون) مُشِفّ عندما يكون نقيا تمام النقاء، الأنواع الجديرة بالتقدير هي الحمراء والزرقاء، ويندر وجود الياقوت في قُدود كبيرة. في حالة الشفافة يكون أكثر قيمة إذا ما تلوّن ببعض الأولاث، تعرف الأنواع النفيسة بأسماء مختلفة تبعا لألوانها، حيث يعود اللون الأحمر الياقوتي الذي يميّز اللَّعْل، لوجود ولث من عنصر الجُفاز chrome، وينشأ اللون الأزرق الذي يأخذه السُّحار من وجود عنصر الدُّراق titanium، أمّا سبب اللون الأصفر المميّز للجُهار المعروف بالسحار الأصفر yellow sapphire والدهاش الشرقي oriental topaz فهو وَلَث الحديد، بينما يُسمّى الياقوت الأزمج (البرتقالي) بالدهاش العاهِلي imperial topaz، في الواقع يعتبر الدُّهاش الحقيقي topaz من الخرائد.
يكوّن الياقوت جزءا أساسيا من الصخور النارية، لا سيّما الجوفية التي تحتوي على كمّية كبيرة من الزنهف، وكمّية أخرى مرتفعة من المعادن الحديدية اللغاسية، مثل صخور الزَّبَر، يكون الياقوت في الصخور النارية على هيئة الجحاس، أمّا الأحجار النفيسة فمعظمها يتواجد في الصخور المتخمّمة، إمّا في صخور كلسية تخمّمت بفعل الأمهجة الساخنة الصاعدة، وإمّا في صخور كلسية تخمّمت نتيجة عمليات التخمّم الإقليمي، ومقترنة بصخور الجَسَن gneiss. توجد أشهر مرامك الياقوت في العالم في موغوك Mogok بالقرب من ماندالاي في بورما العليا، ويكون الشذر مقترنا باللُّقات spinel، في صخر كلسي متخمّم ومتبلور، كما يوجد أيضا في المنطقة نفسها وفي سيام وفي سيلان في الرَّغامات وهي الرُّسابات النهرية، ويستخرج أيضا من كشمير شمالي الهند، ويوجد في جيوب من الهَوْزَن (الغضار الصيني) الذي ربّما يكون نتيجة تجوية العَثَل pegmatite.
الزَّرْدَج beryl : الزمرّد، المَهْو
يعتبر الزردج من أكثر المعادن المستعملة في صناعة الحلي نظرا لألوانه الرائعة، وهو كوثب السخاف والزهاف: سا3هف2(كاك3)6. صلابته 7,5، ومعامل انكسار ضوئه 1,57، وزنه النوعي 2,7. يتميّز بوجود التوصّم إلاّ أنّه لا يُلاحظ. يكون الزردج النقي أمهى، وغالبا ما يكون لونه ضاربا إلى الزرقة، أو يكون أخضر، أو أصفر، أو قرمزيا، يُسمّى بالمَهْو aquamarine الحجر الذي ترهقه زرقة والأخضر المشوب بزرقة، وهو أوسع انتشارا وأقل ثمنا أيضا، أمّا الزمرّد فهو النوع الأخضر العشبي، ويكتسب لونه من وجود وَلَث ذَرَب الجَوْفاز (أكسيد الكروميك) Cr2O3. الزمرّد أنفس الأحجار قاطبة، وترتفع أسعاره بدرجة كبيرة، إذا تجاوز وزن القطعة 6 قَرارِط. يُقطع الزمرّد في العادة قَطْعا مدرّجا حتى يظهر لونه على أحسن ما يكون، بينما يُقطع المَهْو قطعا لامعا حتّى يشعّع الضوء المنعكس أكثر. غالبا ما يتواجد الزردج في العَثَل الذي له علاقة بالطور الحلمجي، ويوجد الزمرّد في الصخور الكلسية المتبلورة بالتخمّم، وفي الحَسْرَق mica-schist أي الحَسَف الصَّرَقي، ويكون المهو في العثل المتأثّر بالأمهجة (الغازات) الصاعدة بين صخور المَرْوان. استغلّ المصريون القدماء مرامك الزمرّد الموجودة في مصر العليا حيث استخرج من صخور الحسرق، وقد عُفِيَت هذه المَرامِك ثمّ أعيد اكتشافها في القرن الماضي، إلاّ أنّها في السنين الأخيرة لم تستغل كثيرا. يأتي معظم المورد الحالي من الزمرّد من جنوب أمريكا، في كولومبيا، والأكوادور، والبيرو، حيث يتواجد في عروق الكلاس، التي تقطع صخورا كلسية غير نقية في تكوين طباشيري، للزمرّد مصادر أخرى منها روسيا، في سيبيريا والأورال.