يتكوّن الطاسيلي ناجر من كتلة صخرية واحدة، طولها زهاء 700 إقاس، وعرضها 100 إقاس، وارتفاعها يصل إلى 2000 قاس، ترتفع في الزاوية الجنوبية الشرقية للجزائر، في قلب الصحراء الكبرى بشمال إفريقيا. تسبّبت الرياح الدائمة الهبوب على إجفال الصخور الغَضارية الرهيشة، تاركة وراءها تشكيلات غير عادية من التضاريس الغريبة، الرائعة في حِياوتها وحِتاكتها، تذكّرنا بالماضي الذي كانت فيه هذه الصحراء القاحلة جنّات خضراء، إلى جانب هذا فإنّ الطاسيلي يحتوي على موقع سِهاوي غنّي جدّا باللاحات الداسرية (ما قبل التاريخ)، يوجد على سَهاها أكثر من 15000 لاحة ونقش، وبقايا أثرية أخرى. اكتشف الإسانيون -العلماء الذين يدرسون بقايا الحضارات الماضية- أن الناس قد عاشوا في هذا الجزء من منطقة الصحراء لأكثر من 7000 عام. على مرّ القرون، كان على السكان التكيّف مع مناخ يزداد جفافا بمرور الزمن، ومع تغيّر الظروف تغير أسلوب حياة الناس أيضا. توجد عدة أنماط مختلفة من اللاحات في الطاسيلي، كل منها أُنجِز في فترة زمنية مختلفة.
- الفترة الواقعية realistic period. وتمثّل أقدم اللاحات التي أُنشئت حول فترة الكائنات ذات الرؤوس المستديرة. تظهر هذه اللاحات، التي غالبا ما تكون صغيرة جدا أو كبيرة جدا، كائنات ذات رؤوس مستديرة ومبالغ فيها. وغير معروف ما إذا كانوا يمثلون الناس أو الأرواح أو كليهما معا. يعود تاريخها إلى زهاء 6000 إلى 4000 سنة قبل الميلاد.
- فترة رعاة الماشية cattle herdsmen period. معظم اللاحات في طاسيلي ناجر هي من هذا النمط، واستعملت خلال الفترة الممتدّة من 4000 إلى 1200 سنة قبل الميلاد. هناك العديد من صور الماشية والأغنام وأشخاص يقومون بالأعمال اليومية.
- فترة الحصان horse period. استمرت هذه الفترة من 1200 سنة قبل الميلاد، حتى نهاية العصر قبل الميلادي. تتميز هذه الحقبة بمناظر للمركبات التي تجرها الخيول ولأشخاص يمتطون صهوات الجياد. يمكن تفسير ذلك من خلال اتصالات السكان بمصر وثقافات شمال إفريقيا الأخرى المطلة على البحر الأبيض المتوسط.
- فترة الجمل camel period. من 300م حتى الوقت الحاضر. بدأ الفنانون في صنع هذا النوع من الرسم في وقت بدأ فيه استعمال الجِمال بدلا من الخيول. إلى جانب اللاحات، توجد كلمات مكتوبة بحروف التيفيناغ، وهو شكل من الكتابة لا يزال يستعمله الطوارق الحاليون في المنطقة.
تمتد منطقة طاسيلي ناجر بشكل طبيعي عبر الحدود الجزائرية إلى جنوب غرب ليبيا. هناك، في تادرارت أكاكوس Tadrart Acacus، كتلة جبلية صخرية تبلغ مساحتها أكثر من 250 إقاس مربّع. هناك أيضًا الآلاف من النقوش واللاحات الصخرية. بعضها أقدم من تلك الموجودة في طاسيلي ناجر، ويعود تاريخها إلى 12000 سنة قبل الميلاد. الأساليب المستعملة مختلفة جدا. اعتمادا على زمن إنجازها، قسّم الخبراء هذا الفن في تادرارت أكاكوس إلى الفترات نفسها التي ميّزت اللاحات في طاسيلي ناجر: واقعية (ربما من 12000 إلى 7000 سنة قبل الميلاد)، كائنات مستديرة الرأس (من 7000 إلى 4000 سنة قبل الميلاد)، الماشية (4000 إلى 1200 سنة قبل الميلاد)، الحصان (1200 سنة قبل الميلاد إلى القرن الأول الميلادي)، ولا توجد فترة الجمل. تم رسم النقوش الأخيرة في تادرارت أكاكوس قبل استعمال الإبل بشكل شائع في تلك المنطقة. تكشف اللاحات عن التغيرات الكبيرة في الحياة النباتية والحيوانية في المنطقة عبر القرون. كما أنها تعكس طرق الحياة المختلفة التي كان يمارسها السكان المختلفون.