العاهِل، الملك الأعظم الذي يوازي الخليفة عند المسلمين، وهو الاسم العربي الذي يقابل كلمة إمبراطور، وقد حمل هذا اللقب عدد من عَهَلة الرومان، وتشير الدراسات إلى أنّ أوّل من وُصف به هو أكتافيوس، ويدل على حكم الفرد الذي يمتدّ على مساحات إراضية شاسعة، ويدخل تحت حكمه مجموعات عرقية مختلفة في لغاتها وأصولها وعاداتها وثقافاتها. وقد كان وراء توسّع العاهليات قديما، مجموعة من العوامل، أهمّها الرغبة في توسيع دائرة السيطرة والنفوذ والتجارة، ودعم الاقتصاد، وكثرة الجباية، ونشر الأديان، وإذا كانت الدولة في مفهومها الدستوري تعني الشرعية والاحتكام إلى القانون في بُعْدها المحلّي والدولي، فإنّ العاهلية تعني التوسّع والهيمنة العسكرية، والقوّة المسيطرة. ظهرت في تاريخ الإنسانية الطويل، مجموعة من العاهليات الكبيرة في أماكن كثيرة من العالم؛ مثل: الأكّادية، والفرعونية، المايوية، والفارسية، والرومانية، والمغولية، والعبّاسية، والمرابطية، والموحّدية، والعثمانية، والفرنسية، والبريطانية، والروسية، والألمانية، إلخ.
أمّا اليوم في عصر العولمة فقد تغيّر مفهوم العاهلية، ولم يعد يقصد به عادة عاهليات العصر الاستعماري، وأصبح يتّصل استعماله بالجدل حول الإمبريالية الثقافية والاستغلال الرأسمالي، وهو نوع من العاهلية ظهر مع الدولة القومية. جاء هذا المفهوم بالتحديد في كتاب لهاردت ونيغري Hardt and Negri, (2000)، فبالنسبة لهذين الكاتبين تعدّ العاهلية نظاما اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا عالميا وجديدا، فهي واحدة لا مركز لحكمها، فبينما يتقبّلان قوّة الولايات المتّحدة على سبيل المثال، يشيران كذلك إلى المؤسّسات العالمية، والأمم والكيانات متعدّدة الجنسيات، وكأنّها تحتلّ قوّة في هذا النظام الجديد، فلا تُعدّ العاهلية نظاما سينهض، ولكن يُعدّانها عاهلية وصفية، ولا يعني هذا أنّه لا توجد إشارات ضمنية، أو دعاوى للنشاط في المستقبل. على الرغم من أنّ الرأسمالية المعاصرة تبدو صامدة أمام التحدّيات، إلاّ أنّها معرضّة للتغيير الثوري والتحرير، فالجماهير تعتبر قوّة تشبه فكرة «الطبقة العاملة» في الماركسية والتي يعتقد البعض أنّها قد اندثرت.