هي الممارسة الصحافية التي تقوم على وضع الصحافيين تحت قيادة عسكرية لجهة معيّنة خلال نزاع مسلّح، حيث يُلحق المراسلون الصحافيون والمصوّرون بالوحدات العسكرية الخاصّة، والسماح لهم بمرافقة الجنود إلى مناطق القتال، بشرط موافقتهم على مجموعة من القوانين التي تجبرهم على المكوث مع الوحدة التي أُدرجوا فيها والتي تضمن حمايتهم. الأهداف التي تجنيها الحكومات من استخدام الصحافيين المفوّضين واضحة، هي تقوية المساندة الشعبية للسياسات الحكومية أو لمعركة عسكرية أو أية استجابات معيّنة. ظاهرة الصحافيين الملحقين بالقوات المسلّحة قديمة، ولكنّ الجديد فيها هو اتّساع نطاقها لا سيّما في الحرب على العراق سنة 2003م، حيث دُمِج زهاء 600 صحافي في القوات الأمريكية والبريطانية، بعد أن وقّعوا على وثيقة تلزمهم بعدّة أمور، منها السماح لقادة الوحدات العسكرية الأمريكية بفرض قيود على استعمال أجهزة الإرسال لأسباب أمنية، وكذلك تجنّب أي فعل من شأنه كشف موقع هذه الوحدة، أو تعريض أمنها للخطر بأي حال من الأحوال، ومقابل ذلك أُعطوا حقّ الوصول إلى مواقع الأحداث العسكرية، واستعمال الإقامة ووسائل النقل، كما وُعدوا بالحماية من نيران العدو، وأعطوا الحق في الوصول إلى مناطق الصراع بطريقة غير مسبوقة. من حسنات هذا النوع من الصحافة أنّ الصحافي الملحق يستطيع أن يراقب مجريات الأحداث بشكل مباشر حينما يقبع في الصفوف الأمامية للوحدات القتالية، إلاّ أنّ من عيوبها أنّ الحيودة تنتفي عنده، لأنّه لا يلحّص الحدث إلاّ من زاوية واحدة، فيُعطي بذلك شعورا عميقا لمتابعي رَناته بأنّ العدو الذي يجب أن يهزم يوجد في الجهة الأخرى، كما أنّ بعض الصداقات قد تنشأ بينه وبين الجنود الذين يلازمهم طوال الوقت، وهذا ما يجعله متّهما أيضا من الجانب الآخر بالتعاون مع العدو، لهذا شعر بعض الصحافيين في الحرب على العراق بضرورة إخبار متابعيهم بأنّهم ينقلون لهم فقط ما يسمح الجيش بروايته.

تناول «كريس هيدجز» Chris Hedges كيفية تقديم صورة لما يجري في هذه الحرب تخالف الحقيقة وتناقض ما يدور ميدانيا، ويكشف عمّا جرى في حرب الخليج من ترتيب عملية إحكام السيطرة على المراسلين لكي ينقلوا للحرب الصورة التي يريدون لها أن تصل إلى الأمريكيين في بلادهم، وحتّى يمكن للرأي العام أن يتقبّل الحرب ويتبنّاها، كما كانت صارات الرَّنَوات (كاميرات التليفزيونات) تلتقط الصور بالشكل الذي يخدم جهود العسكريين والدولة في الدعاية، فهناك فريق من الصحافيين يتحركون في مجموعات بإرشاد من العسكريين ويكتبون عمّا يعانيه الجنود في الميدان وما يقومون به من بطولات ويتعرّضون للهجمات في أسوأ الظروف، وكلّ التحقيقات التي تكتب والصور التي تُذاع تهدف إلى وجود شعور طيّب تجاه السياسة الأمريكية، وعندما يزول تأثير الوهم ووقع الأسطورة يكون قد مرّ جيل ويكتشف الجيل التالي أنّه دفع ثمنا باهظا لخضوعه لهذا الاعتقاد، وفي هذا الصدد استعان «هيدجز» بمقولة الكاتب «فيليب كابوتو» من كتاب «شائعات الحرب» حول حرب فيتنام: «لقد اعتقدنا أنّنا كنّا هناك نحارب من أجل هدف أخلاقي سامٍ لكن بشكل ما ضاعت مثاليتنا وخرّبت أخلاقيتنا وأصبح الهدف منسيا». جهاد عودة: النظام الأمريكي الاجتماعي والإستراتيجي المأزوم.