معجم المصطلحات الكبير
نَظَرِية نِسْوِية
اللغة والأدب

ما يوحِّد مختلف الاتجاهات في النظرية الأدبية النسوية، ليس صِنْعَة نقدية technique of criticism معيّنة أو أسلوبا موحّدا في التحليل، بل الهدف المشترك المتمثّل في رفع الوعي بأدوار النساء في جميع أبعاد العملية الأدبية، سواء ككاتبات، أو كشخصيات داخل النصوص، أو كمُتلقِّيات\قارئات، أو كمشاركات في الفعل الثقافي عموما. كما تسعى هذه النظرية إلى تفكيك الهيمنة الأَبْلَكِية patriarchal domination على بِنْية الأدب وإنتاجه وتأويله. وعلى الرغم من أنّ نضال النساء ضدّ السيطرة الأبوية يمتدّ عبر التاريخ، فإنّ مصطلح النسوية،لم يكتسب دلالته الاصطلاحية الراهنة إلّا مع نهايات القرن العشرين، وتحديدا في تسعينياته ضمن الحقل الكلزي. وقد ركّز النقد النسوي على إظهار أنّ النقد الأدبي والنظرية الأدبية نفسها قد خضعا إلى منطق المركزية الذكورية phallocentrism، حيث تمّ وضع مفاهيم وتقاليد التأويل تحت هيمنة التصوّرات التي تُعلي من شأن الذكر، وتُقصي الأنوثة بوصفها ذاتية أو عاطفية أو غير عقلانية. وبالنسبة لكثير من المنظِّرات النسويات، فقد تمّ النظر إلى النظرية ذاتها بوصفها امتدادا للبِنَى الذكورية، لما تنطوي عليه من ثنائيات ضدّية تقليدية binary oppositions مثل: ذكر\أنثى، عقل\عاطفة، موضوعية\ذاتية، نظام\فوضى، وهي ثنائيات عادة ما تُسقِط على المرأة القطب السالب أو الغير. وتُجمع أغلب الكاتبات والباحثات على أنّ النظرية الأدبية النسوية قد مرّت بمرحلتين مركزيتين تُعرفان في الخطاب المعاصر باسم الموجة الأولى، والموجة الثانية.

• الموجة الأولى – نشأت في أواخر القرن التاسع عشر واستمرّت حتّى منتصف القرن العشرين، وكانت متأثّرة بشكل كبير بالحركات الاجتماعية والسياسية التي نادت بمنح النساء حقّ الاقتراع، والمساواة القانونية. وقد برزت في هذه المرحلة أسماء مثل فرجينيا وولف Virginia Woolf التي دعت إلى استقلال المرأة الاقتصادي والمعرفي، وسيمون دي بوفوار Simone de Beauvoir التي قدّمت في كتابها الجنس الثاني Le Deuxième Sexe, 1949 تحليلاً فلسفيًا واجتماعيا لوضع المرأة، مؤكّدة أنّ المرأة لا تولد امرأة، بل تُصبح كذلك، في إشارة إلى أن النَّوْجَس gender هو بناء اجتماعي أكثر من كونه قدرا حِياويا sex؛

• الموجة الثانية – انبثقت في ستينيات وسبعينيات القرن العشرين، وتفاعلت مع الحركات التحرّرية في الولايات المتّحدة وأوروبا. وتمحور الاهتمام في هذه المرحلة حول مسألة الفروق الجنسيّة sexual difference انتقدت منظّرات هذه المرحلة الفكرة القائلة بأنّ النساء أقل شأنا لأنّهن مختلفات حِياويا، كما دافعت بعضهن عن إيجابية هذا الاختلاف، واعتبرنه مصدرا لقيم جديدة يمكن أن تثري الثقافة والفنّ والأدب من منظور نسائي. وظهرت في هذه المرحلة أيضا نقاشات حول التقاطعية intersectionality، لاسيّما حول الفروق بين تجارب النساء البيض والسود، ومدى تأثّر التصوّرات الثقافية والاجتماعية بالعِرق والطبقة إلى جانب النوع. كما طُرح سؤال مهم: هل توجد لغة أنثوية؟، أي: هل تمتلك النساء أسلوبا لغويا خاصّا ومختلفا عن أسلوب الذكور؟ نشأ هذا التساؤل من ملاحظة أنّ أحد أسس الهيمنة الذكورية يكمن في السيطرة على اللغة ذاتها. واستجابت بعض الكاتبات النسويات لهذا التحدّي عبر الاحتفاء بما يُعَدُّ نقيضا للذكورة: فكلّ ما هو غير عقلاني، متمرّد، مفكّك، فوضوي، جُعل إيجابيا بوصفه أنثويا ومبدعا، مقابل البِنَى الذكورية التي تحتفي بالنظام والانضباط والصرامة والتعقّل.

ختاما، فإنّ النظرية النسوية الأدبية ليست مدرسة واحدة أو اتجاها موحّدا، بل فضاء نظري متنوّع، يتقاطع مع علم اجتماع الأدب sociology of literature، والليغياء النوجسية gender linguistics، والفلسفة الوجودية، والنقد الثقافي، وهو مجال ما يزال يتطوّر باستمرار لاحتواء التجارب المتنوّعة للنساء حول العالم.

لغة كلزية

feminist theory
لغة فرنسية

théorie féministe
مراجع

  • النظرية الأدبية. ديفيد كارتر. ترجمة الربيز: باسل المسالمة. دار التكوين، الطبعة الأولى، 2010م. دمشق، سوريا.