قوانين العِثار هي مجموعة من الأفكار البديهية المتعلّقة بما يسبب من عِثار للأعمال التي يقوم بها الإنسان في حياته العامّة أو المِهْنِية، أو ما يصادفه في حياته من منغِّصات وعوائق تحول بينه وبين تحقيق مراده وتسهيل أعماله، وهي في الواقع غير صحيحة كلّها، وربّما هي صحيحة كلّها في بعض المواقف. وقد قام الكثير من الناس، بصياغتها في شكل عبارات قصيرة تنطوي على شيء من الدعابة. ولمّا كان الغربيون هم دائما الذين يضعون المصطلحات للأمور العظيمة وغير العظيمة ويخلعون عليها معانيها، فإنّ هذه الجزئية البسيطة قد سُمّيت عندهم «بقانون مورفي» ونصّه: «إذا كان هناك احتمال لحدوث خطأ ما فسوف يحدث» وهي عبارة قالها المهندس «إدوارد مورفي» نقيب في القوّات الجوية الأمريكية سنة 1949م، فنسبت إليه، وذلك عقب ظهور سَتَلة من الأخطاء والمشكلات في أحد مواقع الصواريخ بقاعدة إدوارد الجوّية في كليفورنيا، واكتشف زملاؤه أنّ المشكلة كانت في المُوصّلات. ثمّ انتشرت هذه العبارة بين العاملين الذين أعلنوا فيما بعد، أنّ هذه العبارة كانت السبب الرئيس في رفع معدّل السلامة لديهم خلال إنجاز المشروع. هناك من يُشكّك في وجود شخصية مورفي أصلا، كما أنّ لهذه المقولة أسماء أخرى، مثل: قانون سود، وقانون فينيغل، ولها صيغ أخرى أيضا. وقد وُلِد «قانون مورفي» في مَحاط العمل، لذلك ارتبطت الكثير من عباراته بمجال العمل، وهذه بعض أمثلتها التي صاغها آخرون:
- كل عمل سيأخذ وقتا أكثر مما تتوقع.
- إذا كانت الأمور تبدو كأنّها تسير على ما يُرام، فقد أغفلت شيئا ما.
- كل حلّ سيؤدّي الى اكتشاف مشكلات جديدة.
- إذا تُركت الأمور على ما هي عليه، فسوف تسير من سيء إلى أسوأ.
- متى ما جلست لإنهاء عمل ما، سيكون هناك ما يجب إنجازه أوّلا.
- إذا ما حاولت إسعاد الجميع، فإنّ هناك من ستخيِّب أمله.
- لا يقع الحادث إلاّ على النحو الذي يسبّب الضرر الأكبر.
- لا تحاول أن تمسك شيئا وهو يسقط، أتركه فسيلقى ضررا أقلّ.
- ينساق دُخَان السِّجارة إلى من لا يدخّن.
- لا يكون المسمار الذي تمسكه بيدك، إلاّ على الجهة التي لا تصلح للدقّ.
- يتزاحم الأغبياء على المكان الذي لا يزدحم فيه إلاّ الأغبياء.
- إنّ أولئك الذين يقدّمون النصائح للناس، هم في الغالب أحوج الناس إليها.
مقولة «مورفي» غير صحيحة طبعا، لأنّها تشترط من طرف خفي أنّ احتمال وقوع خطأ ما هو دائما بنسبة 100%، ولكن على الرغم من خطئها فإنّها تدعو إلى المزيد من توخّي الحذر في الأعمال، والحرص على زيادة السلامة، وأي تصميم لنظام ما فإنّه يأخذ قانون العثار كما لو كان قانونا صحيحا، فالوسائل والمُعدَّات يجب أن لا تكون مقاومة للحوادث المحتملة فحسب، بل كذلك لطريقة المُستعمِل الأكثر غباءً. لذلك يُسوّغ هذا القانون مبادئ السلامة التي تدعو إلى التخطيط منذ البداية للقضاء على كلّ احتمالات سوء الاستعمال.
لا شكّ أنّ كلّ أحد من الناس قد لحقه العِثار في تحقيق بعض الأمور، فحدث له في يوم ما أنّ تأخّر عن عمل مهمّ أو موعد كان سيُحدّد مساره المهني بسبب حادث في الطريق، كتشرّم حِفاف العجلة على سبيل المثال، كما قد يحدث أن يذهب أحدهم إلى طبيب الأسنان، وحينما يحين دوره، يتوقّف ألم الضرس، وربّما لاحظ أحدهم أيضا أنّ ألم الضرس لا يكون إلاّ في الليل أو أيام العطل، أو قد يحدث في الكثير من المرّات أن لا يهطل المطر إلاّ عندما نغسل سيّاراتنا، والواقع أنّ ألم الضرس لا يعلم بمواعد الطبيب، كما أنّ هطول المطر لا علاقة له بغسل السيّارات، وهي كلّها من أقوال المتشائمين، وربّما يجد فيها الواقعيون استنتاجات أخرى، مثال ذلك:
- أي سلك تقطعه حسب طول معين، هو دائما أقصر من اللازم
[قد يكون أحيانا أطول من اللازم]
- كل شيء سيأخذ وقتا أكثر مما تتوقع
[إذا، اِبدأ عملك مبكّرا]
- تخفي الطبيعة دائما جوانبها السلبية
[غالبا ما تكون الحيوانات السامّة في الطبيعة باللون الأحمر]
- إذا كان ممكنا لشيء أن يكون غير صحيح فسوف يكون
[بالمقابل، إذا كان ممكنا لشيء أن يكون صحيحا فسوف يكون]
- متى ما غسلتُ سيّارتي يهطل المطر
[سيّارتك مباركة، أكثِر من غسلها لتنال الزروعُ مزيدا من السقي]
ويجدر أن يُسمّى هذا القانون بقانون المَعرّي، فقد صاغه من قبل أبو الأعلى المعرّي في بيتين، يشكو فيهما إلى الله جلّ جلاله خيبة أمله في الأحلام التي يراها كلّ ليلة، فإن كانت هذه الأحلام تدلّ على الشرّ فهي لا محالة ستتحقّق، أمّا إذا كان معناها يؤول إلى الخير فهي إذن أضغاث أحلام، وقد قال:
إلى الله أشكو أنّني كلّ ليلةٍ ⁂ إذا نمت لا أُعْدم خواطر أوهام
فإن كان شرّا فهو لا بدّ واقع ⁂ وإن كان خيرا فهو أضغاث أحلام
يقول في هذا الشأن الشيخ محمد الغزالي (1917-1996) في كتابه ركائز الإيمان: «تصرّف في نطاق الواقع الذي لا يمكن تغييره، فإنّ إعادة الفلك الدوّار كي تبلغ ما تتمنّى مستحيل... عش في الواقع، فإذا لم يكن ما تريد فأرد ما يكون». أمّا ويليام آرثر وارد (1921-1994) فيقول: «يشكو المتشائم من الريح، ويأمل المتفائل أن تسكن، أمّا الواقعي فيعدّل قِلاع سفينته».