معجم المصطلحات الكبير
هِجاء
اللغة والأدب

يُقدّم ليلاند ريكن Leland Ryken تعريفا ممتازا للهجاء: الهجاء هو فضح، من خلال استهزاء أو توبيخ، لرذيلة أو حماقة بشرية. يُصبح ذا طبيعة أدبية عندما يكون القصد الحاكم للهجوم مصحوبا بأسلوب أدبي، مثل: القصّة، أو اللغة التصويرية، أو التشبيه الاستعاري. يمكن أن يظهر الهجاء في مختلف الأجناس الأدبية (مثل: الشعر الغنائي، السرد القصصي، الاستعبار)، وقد يُشكّل جزءًا صغيرا من العمل أو يشكّل الفكرة الرئيسة في العمل كلّه. على الرغم من أنّ الهجاء به موضوع أساسي في الهجوم، فإنّ أعمال الهجاء كثيرا ما تقوم بعدد من الوخزات في اتّجاهات مختلفة، وهي سمة يمكن أن نسمّيها تموّجات الهجاء. من أعراف الهجاء أن كاتبي هذا الأسلوب يشعرون بحرّية في استعمال المبالغة والمغالاة، وأحيانا التبسيط المخلّ حتّى يخدموا الهدف من الهجاء. الهجاء هو شكل تجريبي، فهو يهاجم الأسس العميقة لفكرنا، وأهدافنا، ويجعلنا غير مرتاحين، فهو يشكّك في الوضع الحالي ويزعزع ميل الناس في التفكير بأن سلوكهم جيّد في جوهره.

أمّا الهجاء عند العرب، فهو فنّ من فنون الشعر الغنائي، يعبّر به الشاعر عن عاطفة الغضب أو الاحتقار أو الاستهزاء أو الاستخفاف، بواسطة الذمّ والسبّ وتعديد المعايب، وسلب الصفات الحميدة عن المهجوِّ، ووصمه بأضدادها، حيث نجد في القصيدة الهجائية صِفاتا؛ كالغدر والبخل والكذب والجبن والجهل والقبح، وهذا يناقض الوفاء والجود والصدق والشجاعة والعلم والجمال، وأبلغه ما مسّ المزايا النفسية، كأن يصف الشاعر خصمه بالجبن والبخل، ونحو ذلك، وكان الهجاء بالعيوب الجسدية مكروها عند العرب، فأكثره إيلاما وقسوة ما اصطلحوا على تسميته بالهجاء المقذع على نحو ما سمّاه به الخليفة الراشد عمر بن الخطّاب رضي الله عنه، يقول فيه خلف الأحمر (توفي 180): أشدّ الهجاء أعفّه وأصدقه. يوجّه الهجاء نحو الأفراد أو الجماعات أو المذاهب، أو غير ذلك، كأنّ يسبّ الشاعر الهجّاء الدهر، ويذمّ الزمان، أو المدن، أو نفسه، أو وزوجه، أو ولده، أو حتّى ماله.

يقوم الهجاء على الحطّ من قدر المهجوّ والتقليل من مكانته، على أساس وجود مثل أعلى يفترضه الشاعر أو يشير إليه. الغاية الأولى من الهجاء هو الإيذاء، وقد تكون غايات أخرى مصاحبة له، كالإصلاح، حين يكون التعرّض للئيم بقصد إصلاحه، وربما طلب الشهرة، حينما يتعرّض بعضهم بالهجاء إلى شاعر مشهور على غرار ما كان من بعض الشعراء في هجائهم للفرزدق أو المتنبي. يمكن اختصار معنى الهجاء باعتباره حربا وتنازعا وعداءً مخفية في إطار فنّي، تصريحا وتعريضا. على أنّ الذوق العربي كان ينأى عن الفحش في القول، وكان أفضل الهجاء كما قال أبو عمرو بن العلاء (154): الذي تنشده العذراء في خدرها فلا يقبح بمثلها. وكان جرير مع إفراطه في الهجاء، يعفّ عن ذكر النساء. الحصيلة التي انتهى إليها القدماء في هذا الباب، إنّ الهجاء ينبغي أن يصيب غايته من الإيذاء والإيلام، وأن تكون رسالته مفهومة وواضحة وصريحة على مقدار قابلية المهجوّ الذهنية، وترك الهجاء بالعيوب الجسدية.

لغة كلزية

satire
لغة فرنسية

satire
مراجع

  • التفسير الكتابي، اتّباع نهج تكاملي. دبليو، راندولف تاتي. ترجمة الربيز: عادل زكري. مكتبة دار الكلمة، 2017م. القاهرة، مصر.
  • اتجاهات شعر الهجاء في العراق- في أواسط القرن الخامس الهجري حتى نهاية الدولة العباسية. الأستاذ الربيز: صالح أحمد رشيد. دار الخليج، 2021م. عمّان، الأردن.