معجم المصطلحات الكبير
أسْطُرْلاب
أشْتات مجتمعات

آلة قديمة كانت تُستعمل في تحديد الوقت فلكيا وتحديد الإحداثيات الإراضية وذلك بقياس ارتفاع النجم فوق الأفق، وقد عوض الأسطرلابُ الحلقةَ الفلكية وسبق الربعية في الاستعمال، وكان شائعا في الرحلات البحرية الاستكشافية في القرن 15 الميلادي. هو الأسْطُرْلاب والأصْطُرْلاب، فقد ذكر المعجم الوسيط أنّ مجمع اللغة العربية بالقاهرة قد وافق على الأسطرلاب أو الأصطرلاب. وقيل في تسميته إنّ رجلا اسمه لاب صنعه ووضع أسطره فقال الناس: أسطر لاب، وتقول المصادر الغربية إنّ الأسطرلاب كلمة يونانية، وهي مركّبة في لسانهم من أسطرون ومعناها نجم ومن الفعل لامْبانِين بمعنى أخذ، والمراد أخْذ أو تحديد مواقع النجوم، وقيل من أسطرون ولابون أي مرآة. والصواب أنّ أسطرلاب كلمة عروبية قديمة ولعلّها صَيْدَنية أي فينيقية، الحرفان السين والراء فيها مُلتّبان أي مزيدان زيادة قياسية، فصيغتها الأصلية a(s)t(r)olabe أي atolabe بمعنى الدولاب، وكلمة الدُّولاب مركّبة من كلمتين دَوْل بمعنى دلو وآب بالمعنى الماء أي دلو الماء، والصواب فيها كما جاء في المعاجم العربية الدَّوْلاب بالفتح، وقد تكون الظَّلام atalame، لأنّ الحرف «m» يبدل من «b»، إشارة إلى النجوم التي تظهر في الليل حين يطبق الظلام.

كانت الأسطرلابات الأولى بسيطة جدا في صنعها، تتألّف من دائرة مقسّمة عمديا وصابة للتّحديد. لم يُبيّن التاريخ أوّل من اخترعه، فقد نُسب إلى عالم مدرسة الإسكندرية واسمه أرستاركس الذي عاش حوالي 300 سنة قبل الميلاد، كما يُقال إنّ أوّل من صنعه هو هِبّارْخُوس زهاء 240 سنة قبل الميلاد، ومهما يكن فإنّ العرب اهتمّوا بهذه الآلة كثيرا لحاجتهم إليها وطوّروها، وعنهم أُخذت متقدّمة وعُرفت في العالم، وقد أوصلوها درجة كبيرة في الدّقة والتعقيد، ونوّعوا استعمالها بعد أن كانت محدودة بدائية تقتصر على قياس ارتفاع النجوم والبروج، فاستعملوا الأسطرلاب لاستخراج ارتفاع النجوم، وتعيين أوقات الصلاة واتّجاه القبلة، وتعيين المواقع لقياس مساحة الأرض واستخراج عمق الآبار، وإيجاد محيط الكرة الأرضية، ومعرفة درجات الطول والعرض وحساب الشهور والتواريخ، كما اُستعمل في الملاحة. وكان الأسطرلاب يُعلّق أو يُمسك باليد اليمنى متدليا مستقبلا الشمس بقرصه في جهة الشرق، ثمّ تحرّك العضادة حتى يدخل شعاع الشمس في ثقب الهدفة العليا ويخرج من ثقب الهدفة السفلى، ويصير ظلّها ساترا لجميع العضادة، فما وقع عليه طرف العضادة من الأجزاء فهو الارتفاع.

كان أوّل من أنشأ هذه الآلة عند العرب هو العالم محمد بن إبراهيم الفزاري في القرن الثاني (توفي عام 180 في بغداد)، ومما كتبه عنه أمكن معرفة صنعه، وقد ألّف فيه من المسلمين عمر بن عبد الرحمن الصوفي وأبو الريحان البيروني، والحبّاك (867) محمد بن أحمد بن أبي يحيى، فلكي من أهل تلمسان. أمّا الذين أجادوا صناعته فمنهم حامد بن محمد الأصفهاني وولداه محمد ومسعود، وقد عاش حامد في إيران وتوفي سنة 147، واشتهر على الخصوص بالحذق في تشكيل الفلزّ، وتميّزت أسطرلاباته بوضوح كتابتها وهي مزوّدة بأسهم في صورة خناجر تشير إلى النجوم، كما نجد أبا جعفر أحمد بن حسين بن باسو توفي سنة 709 وهو من أشهر الفلكيين في غرناطة عمل وقّاتا في جامع غرناطة الكبير، وأحكم صناعة الآلات العلمية الدقيقة وبرز فيها حتى تفرّد بها في عصره، وأسطرلاباته ذات خطوط مغربية جميلة، واتّزان كامل في تصميمها ولها دقّة كبيرة في تحديد مواقع النجوم، وقد تنافس الناس في عصره في شرائها، وتوجد اليوم أربعة منها في متاحف العالم عليها توقيعه وسنة صنعها، منها واحد في متحف الفن الإسلامي القطري.

تنوّع الأسطرلابات يعود إلى المجدّدين فيه أو لمواصفاته، فكان الأسطرلاب المسطّح وذو الحلقة (أو ذات الحلق) والآلة الشاملة والصفيحة الزورقية والعقربي والمسرطن والأسّي والقوسي والمغني والجامعة والجنوبي والشمالي وحُقّ القمر والكبرى، أمّا الأسطرلاب الموشوري الحديث فيُحدّد به الوقت وخط العرض بقياس لحظة عبور النجم على ارتفاع 60°. يتألّف الأسطرلاب المسطح أو ذو الصفائح وهو أوّل أنواع الأسطرلابات المعروفة، من قرص فلزي قطره يتراوح بين 10 و20 مئقاس (معشار القاس)، وله عروة تسمّى الحبْس، يتّصل بحلقة أو عِلاق يُعلّق به ليبقى في وضع عمدي، أمّا أجزاؤه فهي:

الأمّ : وهي الصفيحة السفلى التي تركّب عليها الصفائح الأخرى أي الأقراص المستديرة وتحتويها، وقد رُسمت عليها خطوط الطول أو السُّمُوت وخطوط العرض أو المقنطرات وكذلك مدارات القبّة السماوية المنظورة بطريقة حسابية دقيقة، وهي الطريقة عينها التي اُستعملت في رسم خريطة العالم الكروية على مساحة مسطّحة، وتسمح هذه الطريقة بتحويل الدوائر الكروية إلى أشكال مسطّحة من دون أي تغيير في القيمة الحقيقية للزاوية.

الشبكة أو العنكبوت : صفيحة فوق صفائح أخرى تتألّف من شرائط معدنية مثقبة قُطعت على شكل فنّي، تنتهي بأطراف عديدة تُشير إلى مواقع النجوم، ويُسمّى الطرف شظيّة أو شطبة.

الكرسي : وهو الجزء البارز من المحيط.

العضادة : المسطرة التي تدور حول الظهر منطبقة عليه ومثبّتة في المركز، لها ذراعان ينتهي كلّ منهما بشطبة يؤخذ منها ارتفاع الشمس، ورُسمت بجانب الصفائح خطوط المقنطرات، وخطوط الساعات، وخط الاستواء.

الهدفتان : صنجتان صغيرتان قائمتان على العضادة بزاوية قائمة، في كلّ منهما ثقب يُقابل الثقب الآخر.

منطقة البروج : دائرة مقسّمة إلى اثني عشر قسما غير متساو، مكتوب بينها أسماء البروج.

المجزّأة : قوس الارتفاع يُرسم على الظهر.

لغة كلزية

astrolabe
لغة فرنسية

astrolabe
مراجع

  • موسوعة عباقرة الإسلام في الفلك والعلوم البحرية وعلم النبات وعلم الميكانيكا، الربيز: محمد أمين فرشوخ. دار الفكر العربي، 1995. بيروت، لبنان.
  • الموسوعة العربية الميسّرة. بإشراف محمد شفيق غربال. مؤسّسة فرانكلين للطباعة والنشر. صورة طبق الأصل من طبعة 1965. دار الشعب 1972. القاهرة.
  • الموسوعة العربية العالمية. مؤسّسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع. الطبعة الثانية 1419. المملكة العربية السعودية.
  • موسوعة هشيت، (1425). (Encyclopédie Hachette Multimédia (2005.

أسطرلاب صنعه محمّد بن جعفر بن عمر الأسطرلابي الملقّب بِحلال أو جلال، سنة 830. مصدر الصورة: davidmus.dk