معجم المصطلحات الكبير
شَظاة
الفلك

الشَّظاة، نوع خاص من الزُّجال الساطع –كُنارة– غالبا ما يكون مصحوبا بأصوات عالية نتيجة تفكّك الزجالة أثناء مرورها في السُّكاك. تلك الأصوات، التي تشمل دوي انفجارات صوتية أو أصواتا مشابهة للرعد، تنتج عندما يصل الجسم الزجالي إلى ارتفاعات منخفضة نسبيا (زهاء 30 إقاسا) قبل أن ينفجر ويتفكّك. يتأخّر سماع هذه الأصوات عادة لبضع دقائق بسبب الفرق بين سرعة الضوء وسرعة الصوت. ما يميّز الشظاة عن الشِّهاب هو إمكانية أنّ يكون الجسم الشَّظَوِي كبيرا بما يكفي لبقائه سليما جزئيا على الرغم من التفكّك الذي يحدث له في السكاك، وهذا يسمح للقطع المتشظّية بالوصول إلى سطح الأرض على شكل زُجال. أحد أشهر الأمثلة على الشظوات هو زُجالة «ألليندي» Allende meteorite التي سقطت في المكسيك في عام 1969م. هذه الزجالة تُعتبر من أغنى الزجال بالسُّخام، وحدث انفجار عظيم لها في السكاك، ممّا تسبّب في انتشار شظاياها على مساحة واسعة. إضافة إلى الأصوات، بعض الشظوات تُحدِث ظواهر ضوئية مذهلة، حيث يمكن أن يتسبّب التفكّك في توهّج الجسم بشكل أكبر من المعتاد، مما يجعله مرئيا على مدى واسع. العديد من الشظوات تأتي من أحزمة الأفالك، مثل حزام الأفالك الرئيس بين المريخ والمشتري. ومع ذلك، يمكن أن تأتي أيضا من مناطق أخرى مثل السحب الكونية أو المذنّبات التي تدور حول الشمس. تعتبر الشهب المتفجّرة مثل الشظوات جزءا من عملية مستمرّة للنقل الفضائي بين الأرض والأجرام السماوية الأخرى، فهي تحمل معها معلومات عن تاريخ النظام الشمسي، مما يجعلها موضوعا مهما لدراسة العلماء المتخصّصين في علم الفلك والإحاثة.

في 21 يناير 2020م، في منتجع مدينة بودي الساحلية، شمال شرق كورنوال، إنكلترا، في الساعة 24:23 بالتوقيت العالمي المنسّق، سقط جسم غريب على الأرض، ممّا تسبب في ظهور سلسلة من الأضواء الساطعة عبر السماء. كان الوميض العابر عبارة عن كُنارة fireball، عُرِّفت على أنها زُجالة meteor أكثر سطوعا من كوكب الزُّهَرة. يحدث مثل هذا الزُّجال الساطع عندما تصطدم الأفالك asteroids الصغيرة بسكاك الأرض، فتحترق بالكامل أو تقريبا بالكامل بسبب الاحتكاك، وأحيانا تنفجر فجأة. يصل إلى الأرض يوميا ما يقرب من 54 طنّا من الموادّ الفضائية، بما في ذلك الغُبار البَنْكَبي interplanetary dust والكُسوف meteoroids والأفالك. ومن المقدّر أن تضرب الكُنارات مثل هذه الأرض مئات المرّات كلّ عام، ولكن لا تُصوّر جميعا أو لا تبلغ في تألّقها قدرا كبيرا من السطوع. ومن خلال سطوع هذه الكُنارة، في وقت قريب من اكتمال القمر، استنتج الخبراء أنّ حجم الجسم الأصلي ربّما يتراوح بين عشرات القَوْسات (السنتيمترات) إلى قاس واحد، وذلك اعتمادا على سرعة دخولها وتكوينها وخصائصها الأخرى.

فوق منطقة تشيليابينسك Chelyabinsk في روسيا في 15 فبراير 2013، دخلت زُجالة سُكاك الأرض كانت عبارة عن جسم فضائي كبير بحجم 20 قاسا ووزنه زهاء 13.000 طن، دخلت السكاك بسرعة تقارب 19 إقاسا في الثانية. عند دخولها، تفكّكت وانفجرت في الجوّ على ارتفاع زهاء 30 إقاسا، منتجةً موجة انفجارية قوية تسبّبت في أضرار واسعة على الأرض، وأدّت إلى إصابة أكثر من 1.500 شخص (غالبا بسبب تحطّم الزجاج الناتج عن الموجة الانفجارية). يُعتبر كِسْف تشيليابينسك شظاةً، لأنّه لم يكن مجرّد كُنارة عادية، بل انفجر في الجوّ محدثا موجة صوتية عالية جدّا. وقد أنتج شظايا زُجالية سقطت على الأرض.

إنّ معرفة تركيبة الشهب أو الكُنارات تعتمد على عدّة عوامل، من أبرزها لون التألّق. عندما يدخل جسم فضائي سُكاك الأرض، فإنه يتعرّض لحرارة شديدة تؤدّي إلى احتراقه وإصدار الضوء. ويتمّ تحديد تركيب الشهب، عن طريق، (1) التحليل الطيفي: باستعمال صِنْعات التحليل الطيفي، يمكن للعلماء دراسة الضوء المنبعث من الشهب. كلّ عنصر في الطبيعة يُنتج طيفا خاصّا به عندما يُسخّن، ممّا يساعد على تحديد العناصر المكوّنة للجسم. (2) لون التألق: الألوان المختلفة تشير إلى وجود عناصر معينة: اللُّغاس؛ يمكن أن يظهر بلون أخضر أو أزرق فاتح. القُلان؛ يظهر بلون أصفر. الحديد؛ يعطي ضوءا أبيض أو أرمد. (3) الدراسات المخبرية: بعض الزُّجال يُجمع ويُحلّل بعد سقوطه على الأرض، ممّا يساعد أيضا في تحديد مكوناته.

تعليق

الشَّظاة، من التشظّي، وهو التفرّق والتطاير شظايا، لأنّ الشظاة، هي من العِظَم بحيث تستغرق وقتا طويلا لتحترق كلّها. لذلك تقترب كثيرا من سطح الأرض، وتضيء بسطوع كبير ينير المنطقة كلّها. ويكون احتراقها بانطلاق أمهجة ساخنة. في بعض الأحيان وأثناء العبور، تتسبّب هذه الأمهجة في انفجار الكِسْف الذي يسقط بعد ذلك على الجَدالة على شكل شظايا تُسمّى بالزُّجال météorites أو النيازك، فتُحدِث حفرا في الأرض تتجاوز أحجامها الحقيقية، وذلك بفعل الأمهجة الساخنة التي تصدر منها.

حسب التأثيل الغربي، تعود كلمة bolide إلى bolis اللاتينية، وهي بدورها مشتقّة من اليونانية (βολίς (bolís، التي تعني «قذيفة» أو «سهم» أو أي شيء يُرمى بسرعة كبيرة في الهواء. انتقلت bolis من اللاتينية إلى الفرنسية والإيطالية على شكل bolide ولكن بمعنى الجسم السماوي اللامع الذي يظهر ككرة نارية ويُحدث انفجارا عند دخوله السكاك. اُعتمدت كلمة bolide في معظم اللغات الأوروبية، بما في ذلك الكلزية، لوصف الزُّجال الكبير أو الكُنار المضيء الذي يحدث انفجارات مدوّية. لكن حسب قواعد الاستفان تعود كلمة bolide إلى الكلمة العربية «مريض»، الحرف «b» يُبدل على قاعدة لا تكاد تخيب في القياس من «m»، والحرف «l» يبدل بدوره على قاعدة صحيحة من «r»، فصيغة bolide الأصلية هي moride، ولمّا كانت الفتحة في العربية تنقلب إلى ضمّة في اللغات الغربية مثل mosquée أصلها مَسجد، تعود بذلك كلمة moride إلى أصل عربي صحيح، هو maride أي «مريض»، أيضا كلمة comet بمعنى مذنّب أصلها حُمّى، الحرف «c» يُبدل من حاء في العربية مثل: cable أصلها حبل، collier أصلها حُلي، comma أصلها في العربية حُمّة وهي شوكة العقرب، لأنّها تُشبّه بها في شكلها.

في الثقافة الأوروبية القديمة، كان هناك ارتباط وثيق بين الظواهر السماوية، مثل الشهب والمذنّبات، وبين الأمراض والأوبئة والطواعين. من العصور الوسطى إلى القرن الثامن عشر، كانت الظواهر الفلكية غالبا ما تُعتبر نذير شؤم، وفي بعض الأحيان كانت تُعزى إلى غضب إلهي أو إلى كارثة وشيكة الوقوع. من الأمثلة عن ذلك: مذنّب هالي، كان يُعتبر في العصور الوسطى في أوروبا رمزا للنحس. على سبيل المثال، أثناء ظهوره في عام 1665م، ربطه الناس مباشرة بوباء الطاعون العظيم الذي اجتاح لندن في ذلك العام. خلال العصور القديمة، كانت هناك اعتقادات بأنّ ظهور المذنّبات والشهب يشير إلى الكوارث، مثل الأوبئة أو المجاعات. المذنب الذي ظهر عام 1664م كان يُعتقد أنّه سبّب الطاعون العظيم في أوروبا.

رُبطت بعض الأحداث السماوية مثل سقوط الزُّجال بانتشار الأمراض. في بعض الأحيان كان يُعتقد أن الزجال يحمل «هواءً سامّا» يتسبّب في تفشي الأوبئة والطواعين. في القرن السادس عشر، كان يُعتقد أنّ مرور الشهب والزجال يؤثّر على الهواء، مسببا «تلوث الهواء» أو «فساد الأجواء»، ممّا يؤدّي إلى انتشار الأمراض. في العديد من الثقافات، بما في ذلك الأوروبية، كان يُعتقد أنّ الشهب أو المذنّبات كانت إشارات إلى حدوث كوارث كبرى مثل الموت الجماعي أو حتى الحروب. ولأنّ الأوبئة غالبا ما كانت تتزامن مع هذه الظواهر، ترسخ هذا الاعتقاد الشعبي.

لغة كلزية

bolide
لغة فرنسية

bolide
مراجع

  • Encyclopedia of Astronomy and Astrophysics. Paul Murdin. Institure of Physics Publishing, 2001. CRC Press

شظاة غنية باللغاس، التقط هذه الصورة المذهلة المصوّر: كريس سمول Chris Smal في منتجع مدينة بودي الساحلية، شمال شرق كورنوال، إنكلترا، في الساعة 24:23 بالتوقيت العالمي المنسق. مصدر الصورة: esa.int