معجم المصطلحات الكبير
كَشْف الظُّنون
اللغة والأدب

كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون، هو مرجع من أوسع المراجع الكَتْبَنِية، ألّفه باللغة العربية مصطفى بن عبد الله الملقّب بكاتب جلبي، والمعروف بحاجّي خليفة، وهو عالم تركي، له الكثير من المؤلّفات، وُلد سنة 1017، وتوفي سنة 1067. أمضى عشرين سنة في تأليفه، وأطّلع في خلال هذه السنوات على المخطوطات في بلده استنبول، وزار حلب واطّلع على مخطوطاتها، وأفاد ممّن سبقه، مثل كتاب طاش كبري زاده الذي توفّي سنة 968، والمُعلون «بمفتاح السعادة ومصباح السيادة»، عالج فيه موضوعات العلوم على الخصوص. وقد توُفّي حاجّي خليفة ولم يكمل تبييضه، ووصل في ذلك إلى حرف الدال، ثمّ اُعتني به من بعده، فأُخرِج وطُبع في مجلّدين ضخمين. ولشموله اعتمد عليه كثير من المشتغلين بالتراث، عرب ومستشرقين، وما زالت له هذه الأهمّية على الرغم من مضي نحو أربعة قرون على تأليفه.

رتّبه صاحبه وَفْق علاوين الكتب، معتدّا بالحرف الأوّل فالثاني فالثالث، وأدخل فيه التعريف بالعلوم في مواضعها من الحروف، فعلم النحو في النون، وعلم الفقه في الفاء، وعلم الحديث في الحاء. زاد عدد العلوم التي ذكرها على مئتين، واحتوى على نحو خمسة عشر ألفا من أسماء الكتب والرسائل العربية. أدخل فيها كتبا بالتركية والفارسية في موضوعات إسلامية، واحتوى على عشرة آلاف مؤلِّف، وقدّم للكتاب بدراسات ضافية في أحوال العلوم والتعريف بها وأقسامها وأنواعها وفضلها، وذكر منشأها وبدء تدوينها وتأليفها. ويذكر مع اسم المؤلّف ولادته ووفاته، وشيئا من حياته وآثاره، وموضوع الكتاب وأجزاءه وأبوابه وفصوله، ويهتمّ ببيان تلخيصاته وشروحه وحواشيه، وذيوله، فحين يرغب أحدهم أن يكشف عن شرح كتاب سيبويه، لأبي سعيد السيرافي على سبيل المثال، يجده في كتاب سيبويه حيث ذكر شروحه كلّها.

أهمّ ما يميّز هذا الكتاب ذكره أوّل المخطوطة، وأحيانا آخرها، وقد أعانه على رصد ذلك أنّه كان يتفحّص المخطوطات بنفسه، ويفيد هذا الاقتطاف في توثيق الكتاب ونسبته إلى مؤلّفه، لا سيّما عند فقد صفحة العلوان، ومن ميزاته الأخرى التي استعملها المؤلّف، الإحالات، فحين يذكر كتابا بمناسبة ما يحيل فيها إلى الموضع الأصلي الذي ذكر فيه الكتاب. لكن ما يؤخذ عن مؤلِّف الكتاب، أنّ حديثه عن المؤلّفات متفاوت جدّا، يذكر بعضها ذكرا عابرا لا تفصيل فيه، ويطيل في بعضها الآخر، كما أنّه لم يستقصِ علوم المغرب واليمن، وذكر نحو 500 مخطوطة ولم يذكر مؤلّفيها، لأنّهم مجهولون أو غير مذكورين في النسخ التي اطّلع عليها، ثمّ إنّه أخطأ في بعض سنوات الوفيات، وترك بعضها فارغا من دون إكمال.

تعليق

عاش مع حاجي خليفة كاتب آخر في عصره وفي مدينته استنبول، وهو عبد اللطيف بن محمد رياضي زاده، ألّف كتابا قبله في الموضوع نفسه، باسم «أسماء الكتب»، والظاهر أنّ حاجي خليفة لم يطّلع عليه، لأنّه لم يشر إلى مؤلّفه من بين المؤلّفات التي ذكرها علما أنّه كتب عن أبيه. وقد انتهج فيه رياضي زاده منهجا يخالف قليلا منهج حاجي خليفة، حيث لم يكتف رياضي زاده بتبويب الكتب، بل عرّف بالمؤلّف، وعدّد أهمّ مؤلّفاته وذكر سنة وفاته، وأحيانا سنة ميلاده، وقد اشتمل على الكثير من الكتب لم ترد في كشف الظنون، ولا في إيضاح المكنون، ولا في هداية العارفين، وهذا ممّا زاد في أهمّيته. والكتاب على صغر حجمه، فهو شديد الأهمّية لأنّه يضع بين أيدينا أسماء الكتب المعروفة حتّى عصر المصنّف، ويعطي صورة علمية ثمينة عن اهتمام بعض المؤلّفين، ثمّ هو من كتب التراجم عن العرب والأعاجم، وهو كتاب متمّم لكتب الفهارس التي يعتمد عليها المشتغلون بالأدب والمكتبات والأعلام، لا سيّما إذا علمنا أنّه ضمّ 1542 اسم كتاب وعرّف بمؤلّفيها. وقد حقّقه الربيز: محمد التونجي، عن جذينة بخطّ المؤلّف، ونشر سنة 1978م.

مراجع

  • أدوات تحقيق النصوص، المصادر العامّة. عصام محمد الشنطي. مكتبة الإمام البخاري، الطبعة الثانية، 1434. القاهرة، مصر.