نوع من المعاجم المتخصّصة غير اللغوية، يهتمّ بإيراد أسماء الأعلام البشرية والأعيان فيرتّبها على نسق معيّن، على حروف الهجاء أو وَفْق ترتيب زمني أو في طبقات ومراتب، فيذكر حياتهم في فترة زمنية محدّدة، ويقيّد تاريخ موالدهم ووفياتهم، وأنسابهم، ورحلاتهم، وشيوخهم، وتلاميذهم، وإنتاجهم الفكري والعلمي أو إنجازاتهم في حقل من الحقول المختلفة؛ في العلوم، أو السياسة، أو الفتوح، أو غير ذلك، ولمّا كانت الأعلام البشرية كثيرة وتتبّعها وإحصاؤها أمرا صعبا جدّا، أصبح من اللازم أن تركّز هذه المعاجم على الأعلام البارزين في بلد محدّد أو في مجال واحد أو موضوع علمي متخصّص، كالأعلام في التربية، أو في القانون، أو أعلام السياسة، أو أعلام العصر العبّاسي، أو أعلام النهضة، أو أسماء رجال الحديث، أو الفقه، أو الأدباء، أو الشعراء، إلخ. مثال ذلك عند القدماء معجم الأدباء لياقوت الحموي، ووفيات الأعيان لابن خلكّان (608-681)، فقد ترجما لمعظم أهل العلم والأدب، وإذا كان ياقوت قد اعتمد مبدأ الكتابة والتأليف في اختيار الأديب، فإن ابن خلكان اختار أساس الشهرة للفرد، ومكانته في المجتمع، وعند المحدثين نجد: الأعلام، لخير الدين الزركلي (1893- 1972م)؛ ومعجم المؤلّفين، لعمر رضا كحالة. يعتبر هذا النمط من التأليف مصدرا من المصادر الأساسية في التأريخ للحياة الثقافية والعلمية والسياسية والاجتماعية في مجتمع معيّن، كما أنّها مصادر تعجّ بالكثير من القضايا العلمية والمسائل الخلافية، واحتوت على الكثير من الشواهد التاريخية والأخبار والروايات التي لا يستغني عنها المؤرّخ للعلوم والباحث في القضايا المختلفة.

من بين الأسباب التي أدّت إلى بروز هذا اللون من التأليف في العالم الإسلامي، (1) ترسّخ الممارسات العلمية، فأدّى ذلك إلى تدوين الذاكرة التاريخية لها ولعلمائها، (2) وكذلك الخلافات الفكرية والمذهبية، حيث يذكر في هذا الشأن أنّ المبرِّد ألّف كتابا مستقلا جعله خاصّا بتراجم نحاة البصرة وحدهم (طبقات النحويين البصريين) وكان ذلك بتأثير خلافه العلمي مع أبي العبّاس ثعلب الكوفي، والذي ردّ عليه بكتاب على المنوال نفسه؛ (3) أو لرغبة أحد الأمراء الشخصية في معرفة رجالات علم من العلوم أو فنّ من الفنون فيأمر من له القدرة على التأليف أن يؤلّف له معجما في الموضوع، مثلما كان من أمر الحكم المستنصر بالله للزبيدي بتأليف كتاب يشتمل على ذكر من سلف من النحويين واللغويين في صدر الإسلام ومَن جاء مِن خلفهم، فوضع له كتاب طبقات النحويين واللغويين؛ (4) وكذلك التعريف بالعلماء لتجنّب الخلط بينهم، فالكثير منهم يحمل الاسم نفسه أو الكنية نفسها أو يلقّب بمهنته أو مهنة أبيه وهي مهنة واحدة مارسوها جميعا، فقد يحكون مسألة عن الأحمر، ولا يدرون أهو الأحمر الكوفي أم الأحمر البصري، ويقولون قال الأخفش، ولا يفرّقون بين أبي الخطّاب الأخفش، وأبي سعيد بن مسعدة الأخفش البصري، وبين أبي الحسن علي بن المبارك الأخفش الكوفي، وهلّم جرجرة؛ (5) من الأسباب الأخرى التي دعت إلى ظهور معاجم التراجم، كثرة الوضع والتلفيق كما في الحديث والنحو، من ذلك ما رواه أبو الطيّب اللغوي عن أحد كتّاب التراجم، عندما روى مناظرة جرت بين ابن الأعرابي والأصمعي، وهما ما اجتمعا قطّ.

تعتبر كتب الطبقات من معاجم التراجم، وهي تشتمل على ذكر الشيوخ وأحوالهم، ورواياتهم، طبقة بعد طبقة إلى زمن المؤلّف، ككتاب الطبقات لمسلم بن الحجاج، ولأبي عبد الرحمن النسائي، وكذلك الطبقات الكبرى لأبي عبد الله محمد بن سعد بن منيع الهاشمي، مولاهم، البصري الحافظ، نزيل بغداد المعروف بكاتب الواقدي، صحبه زمانا وكتب له فعرف به، (المتوفى ببغداد سنة 230 أو 235)، جمع فيها الصحابة والتابعين فمن بعدهم إلى وقته، فأجاد وأحسن، في نحو خمسة عشر مجلّدا. وطبقات التابعين لأبي حاتم محمد بن إدريس بن المنذر الرازي الحَنْظَلي، الحافظ المشهور، من أقران البخاري ومسلم، (توفي بالري سنة 275 أو 277)؛ طبقات النسّاك لأبي سعيد بن الأعرابي، طبقات الرواة لأبي عمرو خليفة بن خيّاط بن خليفة الشيباني العُصْفُري (توفي سنة 246)؛ طبقات الهمدانيين لأبي الفضل صالح بن أحمد بن محمّد بن أحمد بن صالح بن عبد الله بن قيس التميمي الهمداني (توفي سنة 384)؛ طبقات القرّاء لأبي عمرو عثمان بن سعيد بن عثمان بن سعيد بن عمر الأموي، مولاهم، القرطبي الداني، (المتوفّى بدانية سنة 444)؛ طبقات الصوفية، لأبي عبد الرحمن السُّلَمي. منها أيضا طبقات الخطّاطين التي تضمّ ترجمات لمشاهير الخطّاطين مع تقويم لمستويات إبداعهم، وقد درج كثير من هذه المعاجم على ربط بعضهم ببعض في نسق تاريخي موّحد ضمن سَتَلة تبدأ بابن مُقلة وتنتهي بخطّاطي زمن تأليفها.