معجم المصطلحات الكبير
مُجْتَمع مَدَني
الاجتماع

المجتمع المدني هو مجموع التنظيمات التطوّعية المستقلّة ذاتيا خارج حكم الدولة المباشر أو الروابط العائلية، والتي تملأ المجال العام بين الفرد والدولة، وهي غير ربحية ولا مقحمة في العمل السياسي، تسعى إلى تحقيق منافع أو مصالح للمجتمع ككلّ، أو لبعض فئاته المهمّشة، أو لتحقيق مصالح أفرادها، ملتزمة بقيم ومعايير الاحترام والتراضي، والإدارة السلمية للاختلافات والتسامح وقبول الآخر. يشير مصطلح المجتمع المدني إلى نظام ملتزم بتأمين حكم القانون في صالح الخير العام، كتوفير الحقوق الأساسية، والسلامة العامّة، والتعليم، ونظم الاتصال والطرق، والحدائق الوطنية والمساحات الخضراء، إلى غير ذلك، هناك تنوّع في فئات المجتمع المدني كلّ منها مكرّس للمحافظة على قيم معيّنة وتحقيق غايات خاصّة، وتنظيم الحياة الجماعية المحصورة بين الحكومة الوطنية والفرد. تقول الكاتبة جين بيثك إلشتاين Jean Bethke Elshtain، إنّ مجتمعا مدنيا يشير إلى أشكال عديدة ومختلفة من الجمعيات، غالبا ما يُطلق عليها جماعات طوعية أو مؤسّسات ثانوية، مثل: الأسر، والمؤسّسات الدينية، والنقابات، وجماعات المساعدة الذاتية، والجمعيات الخيرية، ومؤسّسات الأحياء، والنوادي، والمؤسّسات الخاصّة، إلخ. وهذه المؤسّسات التي توجد خارج الهياكل الرسمية لسلطة الدولة، تشير إلى مجال منفصل يتوافر فيه للأفراد حرّية مزاولة عدد متنوّع من خبرات الحياة التي تتيحها الجمعيات المتنوّعة التي يستطيع الناس الانضمام إليها.

يرتبط المجتمع المدني بالحرّية السياسية والاستقلال والتنظيم الذاتي للمواطنين، وبالمجتمعات الحيوية الحرّة التي يعبّر فيها المواطنون عن اهتماماتهم ومشاغلهم وتنظيمها بحرّية وبما يتوافق مع معتقداتهم ومصالحهم، وتفحّص النخبة السياسية ونقدها، والمشاركة في الحياة العامّة، لأنّ الأنظمة الجِبَرية (الدكتاتورية) المستبدّة لا تترك مجالا للمبادرات الخاصّة، حيث تُقمع الحقوق المدنية والحرّيات. هناك ظاهرة حديثة برزت استجابة إلى الانتشار الهائل للمنظّمات غير الحكومية التي تعمل على الصعيد العالمي، وللموقف السياسي المتغيّر بعد انتهاء الحرب الباردة، ويرى بعضهم أنّ عولمة الأسواق الحرّة قد تنحسر عن «مجتمع مدني عالمي» مسالم، يُصوَّر غالبا على أنّه الوعي العام العالمي، فالشركات الكبرى ومؤسّسات الأعمال التي تعدّ قدرتها على الهيمنة على الأسواق وتأثيرها على الحكومات هائلة وحاسمة، فهذه الشركات الكبرى تتمتّع بقوّة إملاء كثير من الشروط على حياة عمّالها، والمجتمع المدني يقاوم هذه النزعة، بالعمل كمِصدّ ضدّ قوّة الشركات الكبرى، تماما مثلما يعمل كمصدّ ضدّ قوّة الحكومات المركزية، وقد أصبح نشوء مثل هذا المجتمع ممكنا بواسطة وسائل الاتصال الحديثة: يحتجّ المواطنون من جميع أنحاء العالم ضدّ الحرب، مثلما حدث في الحرب على العراق سنة 2003م، أو يقومون بالتبرّع لضحايا الكوارث الطبيعية، أو يسعون للتخفيف من حدّة الفقر، مثل حركة «احتلوا وول ستريت» التي كان لها صدى عالمي، أو التصدّي للتمييز العنصري كما في مثل قضية «جورج فلويد»، أو متابعة قضايا البيئة، ويوضّح هذا أنّ الكُراضة أصبحت مكانا صغيرا بالفعل، حيث تتجاوز مشاعر التضامن مستوى المجتمعات المحلّية.

تعليق

يُعرف المجتمع المدني بأسماء مختلفة أخرى لها الدّلالة نفسها، منها: المُجتمع الأهلي، المنظّمات التطوّعية، القطاع المُستقِلّ، القطاع الثالث. (يعارض بعض علماء العرب، وأبرزهم دارم البصام في أطروحته المهمّة للمؤتمر العربي الثاني للمنظّمات الأهلية، عام 1997م، استعمال مفهوم «الأهلي»، سواء كسمة لقطاع من المنظّمات العربية التطوّعية، أو للقطاع الثالث ككلّ، وهو يرى في هذا السياق أنّ مفهوم أو مصطلح «الأهلي» يغلّب ثقافة تستند على العصبية والقبلية والعائلية، وهي ثقافة تتعارض مع مفهوم المجتمع المدني الذي يؤكّد على التعدّدية، وقبول الآخر، والحوار، والانفتاح الديمقراطي). الموسوعة العربية للمجتمع المدني.

مصطلح قريب

لغة كلزية

civil society
لغة فرنسية

société civile
مراجع

  • الموسوعة العربية للمجتمع المدني. الربيزة: أماني قنديل. الهيئة المصرية العامّة للكتاب، 2008م. القاهرة، مصر.
  • العولمة، المفاهيم الأساسية. تحرير: أنابيل موني، وبيتسي إيفانز، ترجمة: آسيا دسوقي. الشبكة العربية للأبحاث والنشر، الطبعة الأولى، 2009م. بيروت، لبنان.
  • التفكير السياسي والنظرية السياسية والمجتمع المدني. ستيفين ديلو وتيموثي ديل. ترجمة وتقديم: ربيع وهبه. المركز القومي للترجمة، 2010م. القاهرة، مصر.