معجم المصطلحات الكبير
مَجْمَع لُغَوي
الاصطلاح

مؤسّسة علمية بحثية تهتمّ بشؤون اللغة في جميع مجالات المعرفة، وبوضع المصطلحات والعناية بشؤون الترجمة وتجديد الأساليب اللغوية. مثل مجمع اللغة العربية في القاهرة، ومجمع اللغة العربية في دمشق. اعتبر بعض الباحثين أنّ أوّل مجمع لغوي عربي هو الذي أنشأه الأمير الأموي خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، المتوفّى سنة 85 في دمشق، وذلك لترجمة الكتب الكيميائية ونحوها من اليونانية إلى العربية، وفي العهد العبّاسي عُنِي الخليفة المنصور عناية خاصّة بالترجمة والتأليف في مختلف العلوم كالطبّ والفلسفة والمنطق والنجوم، وغير هذا من العلوم الفقهية واللغوية، والظاهر أنّ بيت الحكمة الذي ارتبط اسمه باسم الخليفة هارون الرشيد وبلغ قمّة ازدهاره زمن المأمون يُمثّل في واقع الأمر أوّل مجمع للّغة العربية على المفهوم الذي نضعه اليوم لمجامعنا اللغوية، فقد كان مؤسّسة تضمّ علماء من مختلف التخصّصات، وكانت العربية الفتية تتعامل مع حصيلة ما وصلت إليه المعرفة الإنسانية في ذلك العصر من خلال اللغات المترجم منها مثل اليونانية والسريانية والفارسية واللاتينية.

أمّا في الغرب المسيحي فإنّ الروايات التي بين أيدينا تشير إلى أنّ أقدم مجمع عرفته أوروبا كان مجمع فلورنسا للشعر في إيطاليا وقد تأسّس سنة 1270 ميلادية، مثله في فرنسا مجمع المناظرات في تولوز الذي تأسّس سنة 1323 ميلادية، وبداية النهضة الأوروبية يعني بداية تراجع الحضارة العربية الإسلامية وتشتّتها، وتغلّب اللغات الأجنبية على مؤسّسات الدولة كالتركية في بداية الأمر ثمّ الفرنسية والكلزية زمن الفترة الاستعمارية، فتراجعت العربية وعادت إلى حصونها الأولى في المساجد والمحاضر. وقد كان اتّصال العربية باللغات الأجنبية في أوّل تجربة لها لاستيعاب المعرفة الإنسانية كانت تمثّل لغة الدعوة الإسلامية المظفّرة والدولة المهيمنة الغالبة، في حين أنّ تجربتها في العصر الحديث ارتبطت بالنضال الدامي الذي خاضته هذه الأمّة من أجل التحرّر سياسيا واقتصاديا وثقافيا، وكان أصحابها يرزحون تحت هجمات الاستعمار التي يشنّها بوجوهها وأشكالها المختلفة، فتأسّست المجامع اللغوية العربية في ظلّ هذه الأجواء التي أثّرت فيها، وقد كان للمجامع الغربية، ولا سيما الدَّيْوَنِية (الأكاديمية) الفرنسية آثار واضحة في قوانين المجامع اللغوية العربية الحديثة وأنظمتها.

المجامع اللغوية في العالم العربي كثيرة العدد، وقد تجاوزت بعددها المؤسّسات اللغوية الفرنسية في فرنسا وكندا وبلجيكا وسويسرا، على الرغم من هذه الكثرة إلاّ أنّ قراراتها غالبا ما لا يُعتدّ بها، ويرجع ذلك إلى أنّها لا تدرك الواقع إدراكا صحيحا، فالمجمعيون يعيشون في عالم الكتب حيث تجمّد الزمن عندهم في القرون الأولى من الإسلام، وقد اتّخذت هذه المجامع قرارات في غاية الخطورة أضرّت باللغة العربية وبمستقبلها، من بينها:

(1) منع الصياغة اللغوية على أوزان الأسامي في العربية، فلا يجوز عندها صياغة مادّة لغوية عربية على وزن خمر وتمر أو علانية ورفاهية، إذا كان العرب لم يفعلوا ذلك،

(2) ثمّ إنّها أقرّت الأبْلاف من المصطلحات العلمية الغربية في اللغة العربية بحجّة عالميتها،

(3) ولم تستطع أنّ تنشئ تَسْمانيات لتضبط بها أسماء الأشياء الداخلة تحت صنف واحد، مثل أسماء النباتات والحيوانات والعناصر الكيميائية ومركباتها المعدنية والعضوية، ووحدات القياس، الخ. ممّا جعل العربية تغرق في سيل جارف من الألفاظ الأعجمية.

الغريب المدهش أنّ اللغة الكَلَزِية التي تعتبر اليوم اللغة الوحيدة التي اكتسحت الميادين العلمية كلّها وأصبحت القناة الوحيدة للاتصالات العالمية لا تمتلك مجمعا لغويا، فمقنّني «الكَلَزِية الصحيحة» هم شبكة غير رسمية تتألّف من مصحّحي المطابع، ولجان الاستعمالات في هيئات تحرير المعاجم، ومؤلّفي كتب الأساليب، ومؤلّفي الكتب المدرسية، ومعلّمي اللغة الكلزية، والصحافيين، وكتّاب الأعمدة الصحافية، والعلماء المدقّقين pundits، وقد قال ستيفن بِنْكَر (1994م) Steven Pinker في هذا الشأن: «نحن نعلم أنّه لا يوجد مجمع لغوي للكلزية، وهذا أمر محمود، ذلك أنّنا نجد أن وظيفة المجمع اللغوي الفرنسي لا تزيد عن كونها مصدرا لإثارة دهشة الصحافيين الأجانب، بقرارات يتوصّل إليها المجمعيون عن طريق الجدال العنيف، ويتجاهلها الفرنسيون عن طيب خاطر».

لغة كلزية

language academy
لغة فرنسية

académie linguistique
مراجع

  • اللغة العربية والتعريب في العصر الحديث: الأستاذ الربيز: عبد الكريم خليفة، رئيس مجمع اللغة العربية الأردني. منشورات مجمع اللغة العربية الأردني، الطبعة الثانية 1408-1988م. عمان، الأردن.
  • الغريزة اللغوية: كيف يبدع العقل اللغة. ستيفن بِنْكَر، ترجمة الربيز: حمزة بن قبلان المزيني. مكتبة المرّيخ، 2000م. الرياض. المملكة العربية السعودية.