معجم المصطلحات الكبير
الاتِّحاد الأُورُوبي
العلوم السياسية

۞ منظّمة اتّحادية دُوَلية ذات طابع اقتصادي سياسي، منحصرة في القارّة الأوروبية تضمّ 28 دولة، بعدد سكّان يبلغ زهاء 447,2 بلف نسمة (2023م)، كانت آخرها انضماما إليها دولة كرواتيا، في أوّل من يوليو سنة 2013م. تأسّس الاتّحاد الأوروبي سنة 1993م في أعقاب قرار معاهدة ماستريخت الموقّعة في سنة 1992م. ترجع معظم أفكار التكامل الأوروبي تاريخيا إلى جهود إعادة التعمير بعد 1945م عندما بحث القادة السياسيون عن طرق للتغلّب على الأزمات القومية المعادية، وقبل كلّ شيء المصالحة بين فرنسا وألمانيا، ولضمان الاستقرار والرخاء في أوروبا، واستعادة القوّة السياسية أيضا. في سنة 1957م وبتوقيع معاهدة روما تأسّست هذه البنيات التي تميّز الاتّحاد الأوروبي إلى اليوم، أي محكمة العدل والجمعية العمومية (منذ عام 1987م: المَناب الأوروبي) ولجنة وزراء ومجلسه. من أهمّ مبادئه نقل صلاحيات الدول القومية إلى المؤسّسات الاتّحادية، ولكن تظلّ هذه المؤسّسات محكومة بمقدار الصلاحيات الممنوحة لها من كلّ دولة على حدة، لهذا لا يمكن اعتبار هذا الاتحاد على أنّه فدرالي فهو يتفرّد بنظام سياسي لا نظير له في العالم. في العقود التالية اتّسم التكامل الأوروبي بالتطوّر التدريجي تجاه السوق المشتركة، بشكل أساسي: مع سياسات الدول الأعضاء أو الحلول محلّها، والتوفيق بين التشريع ومدّ النشاط إلى مجالات جديدة من الخبرة، ومع الأبواب المفتوحة أمام أعضاء جدد من القارّة الأوروبية، انضمّت المملكة المتّحدة وإيرلندا والدنمارك سنة 1973م، واليونان سنة 1981م، وإسبانيا والبرتغال سنة 1986م، ومع نهاية الحرب الباردة دخلت الاتحاد الأوروبي ثماني دول من الكتلة السوفياتية مع مالطا وقبرص، سنة 2004م، فازداد بهذا عمقه وتوسّع، وأدّى الاصلاح المؤسّسي في هذه الدول إلى بروز سمات تشبه سمات دولة من الاتحاد الأوروبي.

يتميّز هذا الاتّحاد بنشاطات عديدة، أهمّها السوق المشتركة التي تكفل لدول الاتحاد الانتشار الحرّ للسلع والأشخاص والخدمات ورؤوس الأموال، وكذلك السياسة التجارية المشتركة، حيث يتمّ التعامل فيها بعملة واحدة، هي اليورو، تبّنت استعماله 19 دولة من أصل 28 دولة، يمتلك سياسة زراعية مشتركة، وسياسة صيد بحري موّحدة، وله خبرة إضافية في عدد من السياسات من التعليم، والتعاون الشُّرَطي أو السياسة الاجتماعية، بالتالي بلغ ناتجه المحلي 16,6 دَلْف دولار أمريكي سنة 2022م. وقد اعتمد أسلوب التنسيق المفتوح الذي يتيح للدول الأعضاء في الاتّحاد تبادل المعلومات وأفضل الممارسات من دون استعمال التشريعات. اُحتفل في مارس 2007م بمرور 50 عاما على إنشاء الاتّحاد بتوقيع اتّفاقية روما، وحصل في 12 أكتوبر سنة 2012م على جائزة نوبل للسلام لمساهمته في تعزيز السلام والمصالحة الديمقراطية وحقوق الإنسان في أوروبا. قرّرت المملكة المتّحدة الانفصال عنه في يوم 23 يونيو 2016م عبر استفتاء الخروج من الاتحاد الأوروبي، لتصبح أوّل دولة تقوم بذلك، وخرجت منه رسميا بتاريخ 31 يناير 2020. كان الدافع الأساسي لقيام الاتحاد الأوروبي هو السلام الدائم في القارّة الأوروبية، وقد قطع شوطا بعيدا في مسعاه منذ انطلاق عملية إقامته بإعلان روبرت شومان عام 1950م؛ وزير الخارجية الفرنسي حين دشّن مشروع «الجماعة الأوروبية للفحم والصلب»، الذي قال فيه: «إنّ أي حرب بين فرنسا وألمانيا أصبحت غير واردة، بل ومستحيلة واقعيا». وجسّد ذلك فوز الاتحاد الأوروبي بجائزة نوبل للسلام، إذ صارت الحرب فعلا أمرا غير وارد بين دول الأعضاء، التي تشمل الآن معظم البلدان الأوروبية، وقد اُستحدثت مؤسّسات وسياسات للتعامل مع مسائل خارج متناول حكومات الدول منفردة. ومنذ التسعينيات من القرن العشرين يطوّر الاتّحاد الأوروبي سياسة خارجية وأمنية مشتركة، ومع ذلك فإنّ العديد من سياساته وإطارها المؤسّسي في حالة من التغيير وإعادة التفاوض.

يعدّ الاتحاد الأوروبي أبرز التكتّلات الإقليمية التي مرّت بمسيرة حافلة من التعاون، وأصبح نموذجا للتكامل الاقتصادي والأمني، وعلى الرغم من ذلك يشهد هذا الاتحاد العديد من المشاكل، وقد وُجّهت إليه جملة من الانتقادات من ممثّلي المجتمع المدني، حيث تعدّ أنشطته واتّجاهات سياسته غير مُشفّة بالنسبة إلى أغلبية السكّان، وتدعو الناس إلى التساؤل عن شرعيتها، مع بروز سوء التوجّه والاضطراب الناتجان عن التغيّرات الهائلة التي ولّدها هذا التكامل، وهناك الكثير من الجدل حول نموذج التحوّل من الديمقراطية القومية إلى المستوى الأوروبي، ليس من أجل مشكلة الحجم فقط، ولكن من أجل تكرار مساوئ القومية على مستوى أعلى أيضا. من جانب آخر، فإنّ فتح الحدود أمام حرّية انتقال السلع ورؤوس الأموال بين الدول الأعضاء أثّر سلبا على التوازنات الاقتصادية المحلّية لبعض الدول، لا سيّما الضعيفة الإنتاجية، كما أنّ الدول القوية اقتصاديا مثل ألمانيا تتحمّل خسائر بسبب ارتباط اقتصادها باقتصاد دول لا تحقّق نموا كافيا. من بين التحدّيات الأخرى التي تواجه الاتحاد الأوروبي، بروز النزعة القومية المتشدّدة والمتمثّلة في اليمين المتطرّف، والذي يُنظر إليه على أنّه تهديد للقيم التي قام على أساسها هذا الاتحاد، ولا يتمثّل هذا التهديد فقط في إمكانية وصول هذا التيّار إلى الحكم، بل في الذهنياء التي يبثّها في المجتمع، وقدرته الهائلة في التأثير على القرارات الحكومية.

۞ الاتحاد الأوربي؛ هو اسم المنظّمة التي تجمع العدد المتزايد من الدول الأعضاء في أوروبا الغربية التي قرّرت أن تتعاون في عدد كبير من المجالات، من السوق الواحدة إلى السياسة الأجنبية، ومن الاعتراف المتبادل بالشهادات المدرسية إلى تبادل السجلّات الإجرامية. يتخذ هذا التعاون أشكالا متعدّدة يشار إليها رسميا بالركائز الثلاثة: اللجان الأوروبية (الفَوْقَمِية)، السياسة الأجنبية والأمنية المشتركة (حكومية بينية)، التعاون في حقلي العدل والشؤون المحلية (حكومية بينية). نشأ الاتحاد الأوروبي بوصفه منظّمة شاملة في تشرين الثاني\ نوفمبر 1993م، بعد المصادقة على معاهدة ماستريخت Maastricht، ويتألّف الاتحاد الأوروبي حاليا من 15 دولة، بعد أن كان يقتصر في البداية على 6 دول هي الدول الأعضاء المؤسِّسة: بلجيكا، ألمانيا، فرنسا، إيطاليا، لوكسمبورغ، وهولندا. وقد انضم إلى الاتحاد عام 1973م كلّ من الدانمارك والجمهورية الإيرلندية والمملكة المتّحدة. كما أصبحت اليونان عضوا فيه عام 1981م، والبرتغال وإسبانيا عام 1986م، وتوسّع الاتحاد الأوروبي عام 1995م ليشمل النمسا وفنلندا والسويد، وتجري محادثات لاحتمال قبول بولندا وهنغاريا وجمهورية التشيك وسلوفاكيا ودول أخرى ربما في وقت لاحق. لقد تطوّر التعاون الأوروبي الذي أدّى إلى تأسيس الاتحاد الأوروبي خلال المرحلة التي تلت العام 1945م، وظهر من خلال توقيع معاهدات أساسية لتعزيز المزيد من التكامل:

- معاهدة روما (1948) : حدّد هذا الاتفاق الأوّلي أساسيات مبدأ حرّية حركة البضائع والأشخاص والخدمات ورأس المال، كما وُضِعت الآليات المؤسّسية الأساسية، كمحكمة العدل الأوروبية، ومجلس الوزراء، واللجنة الأوروبية، والاتحاد الأوروبي. إنه اتفاق فوقمي أكثر منه اتفاق حكومي بيني، إذ يحدد موجبات قانونية قابلة للانفاذ؛

- القانون الأوروبي الواحد (1987م) : هو عبارة عن مجهود لإتمام السوق المتكاملة من خلال السعي إلى جعل التنظيمات متناغمة من دون تجاهل الخدمات المالية والضمانات والتأمين والاتصالات السلكية واللاسلكية، وسلامة المنتجات والمعايير التقنية؛

- معاهدة ماستريخت (1992م) : تمثّل هذه المعاهدة تثبيتا للتكامل بما فيه وحدة النقد والسياسات الاجتماعية كظروف العمل، (على الرغم من أنّه يجب أن تتمّ الموافقة بالإجماع على التوجيهات المستقبلية، أو أن تنال تأييد أغلبية الأعضاء المؤهلين)، صادقت الدول الأعضاء كلّها على المعاهدة على الرغم من رفضها الوشيك في الدانمارك وفرنسا، ومطالبة بريطانيا بحقّها في عدم المضي في المعاهدة، يبدو أن الوحدة النقدية التامّة احتمال مستبعد نظرا إلى المشكلات التي ترافق آلية سعر الصرف (العملات المثبتّة) والصعوبات في تنسيق السياسات الاقتصادية الكبرى (على الدول الأعضاء أن تحافظ على نسبة دين محدّدة بالنسبة إلى الناتج القومي الكلّي، ونسبة عجز محدّدة بالنسبة إلى الناتج القومي الكلّي، ونسبة تضخم معيّنة).

المؤسسات الأساسية في الاتحاد الأوروبي؛ هي: مجلس الوزراء، اللجنة الأوروبية، الاتحاد الأوروبي، ومحكمة العدل الأوروبية.

يمثل مجلس الوزراء (أو المجلس ببساطة) الحكومات. يتألّف المجلس من وزراء معيّنين، وفقا للمسألة التي تتّم مناقشتها، إمّا الوزراء المسؤولون عن مجالات محدّدة في السياسة (البيئة، والنقل، والخزينة)، وإمّا وزراء الخارجية المسؤولون عن الشؤون العامة. يتّخذ المجلس بالإجماع قرارا حول المسائل المهمّة في السياسة كما حددّت أحكام المعاهدة، ويقرّر مبدئيا مع أغلبية مؤهّلة في مسائل أخرى. تكون اجتماعات المجلس سرّية على الدوام لكن نتيجة القرار تُعلَن بعد الاجتماع. في بعض الحالات لا يتّضح أي دولة من الدول الأعضاء ساندت أو رفضت أي جزء من اقتراحات اللجنة الأصلية أو اقتراحات البرلمان الأوروبي، غالبا ما تعتبر هذه السرّية أحد الجوانب غير الديمقراطية في الاتحاد الأوروبي، إنّ أعضاء المجلس غير مسؤولين أمام مَناباتهم (برلماناتهم) الوطنية أيّا كان الموقع الوطني الذي يدافعون عنه في اجتماعات المجلس، ويمكنهم دائما أن يلقوا اللوم على دول أعضاء أخرى (من دون وسائل تبرير) بسبب قرارات صدرت عن المجلس لا تتناغم مع السياسات الأوروبية الوطنية.

اللجنة الأوروبية، هي الهيئة التي تتمتع بالحقّ الرسمي والحصري بتطبيق تشريعات الاتحاد الأوروبي كلّها، ويفترض بها أن تمثل مصلحة الاتحاد ككلّ في المسارات السياسية داخل الاتّحاد الأوروبي والمفاوضات مع العالم الخارجي. هذا يعني أنّه لا يجدر بها أن تتلقى تعليمات من أي من حكومات الدول الأعضاء، إذ يقتصر هذا الأمر على المَناب الأوروبي والمحكمة الأوروبية. كذلك، إنّها الهيئة الأساسية التي من واجبها أن تحرص على تطبيق المعاهدات والتشريعات الفرعية تطبيقا صحيحا، وتعيّن الحكومات الوطنية أعضاء اللجنة، ويجب أن يقبل بهم جميع قادة حكومات الدول الأعضاء، وللدول الأعضاء الصغيرة عضو واحد على خلاف الدول الكبيرة (ألمانيا، فرنسا، إيطاليا، بريطانيا، إسبانيا) التي تمتلك عضوين، الأمر الذي يجعل عدد الأعضاء الإجمالي عشرين عضوا. يتألف المناب الأوروبي من 630 عضوا ينتخبهم المقترعون مباشرة، يمكنه أن ينقض الميزانيات، ويتمتّع بسلطة محدودة في تعديل التشريعات. ولقد زادت صلاحياته مع الوقت لكنّها بقيت محدودة.

يمكن مقابلة محكمة العدل الأوروبية بالمحكمة العليا في الولايات المتحدة. توكل إليها مَهمّة تفسير المعاهدات أو تشريعات الاتحاد الأوروبي الثانوية حين ينشأ خلاف ما، وهذه مهمّة بالغة الأهمية بما أن التسويات النهائية التي يتمّ التوصل إليها داخل المجلس غالبا ما يُتعمَّد الغموض فيها، الأمر الذي يصعّب من بلوغ أي اتفاق. تلزم قوانينها محاكم الدول الأعضاء كلّها التي يجب عليها أن تعيد صياغة القانون الوطني إذا ما تعارض مع القانون الأوروبي. ومنذ المصادقة على معاهدة ماستريخت، تستطيع المحكمة أيضا أن تفرض غرامات على الدول الأعضاء التي لا تمتثل لقوانينها. وتتألّف محكمة العدل الأوروبية من15 عضوا (عضو واحد عن كل دولة عضو)، وتسعة محامين يساعدون المحكمة من خلال إجراء تقييم تمهيدي مستقلّ للقضية. توضع كلّ التشريعات الأوروبّية بالتعاون مع اللجنة الأوروبية (التي تقدّم الاقتراحات وتشرف على العملية التشريعية) والمناب الأوروبي ومجلس الوزراء (أي ممثلي الدول الأعضاء). تتخذ أنواع التشريعات الرئيسة شكل تنظيمات تتّسم بقوّة القانون من دون أي عمل من لدن الدول الأعضاء، وتوجيهات تلزم لتحقيق النتيجة، ولكنها تترك للدول الأعضاء حرّية التصرف لتحقيق هذه النتيجة. (المفاهيم الأساسية في العلاقات الدولية. مارتن غريفيش، تيري أوكالاهان).

لغة كلزية

European Union (EU)
لغة فرنسية

Union européenne (UE)
مراجع

  • الاتحاد الأوروبي: مقدّمة قصيرة جدّا. جون بيندر، وسايمون أشروود. ترجمة خالد غريب علي. مؤسّسة هنداوي، 2017م. المملكة المتّحدة.
  • العولمة، المفاهيم الأساسية. تحرير: أنابيل موني، وبيتسي إيفانز، ترجمة: آسيا دسوقي. الشبكة العربية للأبحاث والنشر، الطبعة الأولى، 2009م. بيروت، لبنان.
  • المفاهيم الأساسية في العلاقات الدولية. مارتن غريفيش، تيري أوكالاهان. مركز الخليج للأبحاث، 2008م. دبي، الإمارات العربية المتّحدة.