الحِفازة، هي العلم الذي يُعنى بضبط تسلسل الأحداث التاريخية وتحديد أزمنتها بدقّة، سواء من خلال الشهادات المكتوبة، أو الآثار، أو التحليل الزمني لمجريات الأمور. وهي تُعَدّ أداة أساسية في مجالات التاريخ والإسانة والإناسة، إذ تتيح للباحثين فهم العلاقات السببية بين الوقائع وتكوين صورة متماسكة عن تطوّر المجتمعات. ولا يقتصر مفهوم الحِفازة على الأحداث الكبرى في التاريخ العام، بل يشمل أيضا تسلسل الوقائع المتعلّقة بفرد أو أسرة أو جماعة أو حركة اجتماعية أو فكرية، ما يجعلها أداة تحليلية نافذة في الدراسات الجزئية والتراجم الشخصية وتاريخ الأنساب. وتنقسم الحِفازة إلى نوعين رئيسين:
- - الحِفازة المطلقة absolute chronology : التي تُحدّد توقيت الأحداث وفق تواريخ دقيقة أو مقاربة باستعمال صِنْعات مثل: التأريخ بالسُّخام المشعّ أو المراجع الكتابية المؤرّخة؛
- - الحِفازة النسبية relative chronology : وهي التي تُعنى بترتيب الأحداث بناءً على تعاقبها من دون تحديد تواريخها الدقيقة، كما هو الحال في تحليل طبقات الأحافير أو التساتل الحضاري.
وقد شكّلت الحِفازة أساسا في تأريخ الحضارات القديمة، حيث استُعملت السجلّات الملكية والوثائق الدينية ونقوش المعابد لتثبيت الأطر الزمنية، كما هو ظاهر في التأريخ المصري القديم والسومري. وفي العصر الحديث، تطوّرت المناهج الحِفازية بفضل التقدّم في الحِفازة القياسية chronometry، مما مكّن من تقاطُع مصادر مختلفة لتوليف تواريخ أكثر دقّة، لا سيّما في الفترات التي تفتقر إلى وثائق معاصرة. وهكذا، فإنّ الحِفازة لا تؤدّي وظيفة تنظيم الأحداث زمنيا فحسب، بل تُعدّ أيضا مدخلا ضروريا لفهم الحركية التاريخية وتفسير العلاقات بين العوامل السياسية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية عبر الزمن، سواء على المستوى العام أو في السياقات الخاصة.