معجم المصطلحات الكبير
حامِد أيْتاج الآمِدي
الخِطاطة

هو الشيخ موسى عزمي بن ذي الفقار آغا، أحد عباقرة الخط الإسلامي، وشيخ أقطاب هذه الصناعة، وكلمة أيتاج مركّبة من «آي» وتعني الشهر و«تاج» لها المعنى العربي نفسه، فيكون معنى اسمه «تاج الشهر». وُلد عام 1309 في ديار بكر الواقعة في جنوب شرق الأناضول التي عُرفت قديما باسم آمد، بدأ يتعلّق بالخط منذ تعليمه الابتدائي والمتوسّط في مدينة آمد، ولمّا ذهب إلى استنبول سنة 1324 التحق أولا بمدرسة الحقوق ثم بمدرسة الصنايع النفيسة، إلاّ أنّ وفاة والده دفعته أن يطلب الرزق ليتعيّش، فعمل معلّما للخطّ والرسم في إحدى المدارس، كما عمل خطّاطا في مطبعة الأركان الحربية العمومية حيث رافق فيها الخطّاط أمين أفندي، وأرسلته قيادته للتخصّص في رسم الخرائط في ألمانيا، ولمّا عاد بدأ يكتب اللاحات ويقدّمها للطالبين باسم مستعار وهو «حامد» فلم تسمح له الجهة التي كان يعمل عندها بالاستمرار في ذلك فترك وظيفته الرسمية وفتح عام 1338 مكتبا للخطّ في حي جغال أوغلى باستنبول، وكان يوقّع عليها باسم حامد وفي ذلك يقول: لمّا عزمت على تعلّم الخطّ كنت عزمي، ولمّا بلغت ما بلغت حمدت الله وسمّيت نفسي حامدا. حين أخذ حامد الآمدي يتعلّم الخط عن الحاج نظيف بك توفي أستاذه بعد درسه الأوّل ممّا حال دون أن يستمرّ في هذه الدروس، فكان يقوم بعد ذلك بمحاكاة خطوط كبار الخطّاطين حيث وازن بين يده ونظره، فقلّد وأبدع في التقليد مثله كمثل شوقي وسامي أفندي اللذين أبدعا بالنظر فحسب، فقد أثبت هؤلاء العظام عدم اشتراط تلقي الدروس من أحد، فكانت الموهبة والإلهام من رب العالمين كافيين، وقد رافق في بداية حياته فحول الخط الأتراك الذين تركوا تأثيرات واضحة في تاريخ فنّ الخط المعاصر مثل أحمد كامل ومحمد خلوصي وإسماعيل حقّي ومحمد أمين يازيجي وماجد آيرال، فاستفاد من هذا الجو الفنّي المزدهر، وتعتبر الأعوام الواقعة بين سنتي 1341 و1385 هي ألمع أدوار حياته الفنية، غير أنّ أعماله التي أنجزها في سنواته الأخيرة لا تعكس حقيقة المكانة التي بلغها في الخط نظرا لما للشيخوخة من أحكام.

كان لحامد من كلّ أنواع الخط حظ غير أنّ شهرته كانت في الثلث الجلي، وتخرّج على يديه العديد من الطلاّب من شتّى أنحاء العالم الإسلامي وهم الخطّاطون الذين يتصدّرون هذا الفنّ اليوم منهم علي الراوي ويوسف ذنون ورأفت وحسين قطلو، وحسن جلبي الذي تتلمذ أوّلا على تلميذه حليم ثم على يد حامد. وكانت طريقة حامد في التعليم تبدأ بكتابة جملة (رب يسّر ولا تعسّر) يستغرق الطالب في تعلّمها مدّة ستّة أشهر، لأنّها دعاء مبارك أولا وثانيا ليُراقب بها تلميذه إن كان سيصبر هذه المدّة أم لا، فإمّا أن تكون له العزيمة على الاستمرار فيدرّبه أو يملّ فينقطع وحينئذ يكون الطالب غير جدير بتعلم هذا الفن الأصيل، فإذا ما أثبت الطالب مقدرته، كان يكتب له بعد ذلك الحروف مفردة ومركّبة، ويقوم الطالب بتقليدها حتى تحصل له الإجادة، ويقوم الأستاذ خلال ذلك بالتصحيح والتوجيه والترشيد، فإذا انتهى من ذلك يبدأ بكتابة قصيدة الألفية وبعدها تنتهي الدروس، كان حامد يكتب بعض الآيات القرآنية ويطلب من الطالب أن يقلّدها، ثمّ يطلب منه واجبا منزليا ويكون عبارة عن بعض الآيات القرآنية يخطّها الطالب وينمّقها، ومن ثمّ يمنحه الإجازة بعد أن يعدّ الطالب لاحة يكتب تحتها: الأستاذ حامد أجيز فلانا بتاريخ كذا، وحينئذ يصبح من حقّ الطالب أن يوقّع باسمه أعماله التي ينجزها. لقد قلّ الطلب على الخطّ في آخر عمره بعد أن ألغيت الخلافة الإسلامية وعانى حامد الفقر والعوز، وعلى الرغم من ذلك فقد ظلّ متمسكا بهذا الفن مدّة حياته. لم يكن لحامد أبناء بل كانت له بنت بالتبنّي ورثت عنه مجموعة ممتازة من الخطوط باعتها لأحد هواة جمع الخطوط الإسلامية في استنبول واسمه «ضياء»، كما ترك أعمالا كثيرة على المساجد وقبابها، ولاحات معلّقة على جدرانها، وكتب ثلاث أشهر طغراءات، منها طغراء الملك فيصل، كما كتب مصحفين، وعُرف عنه حبّه الشديد للغة العربية حتّى إنّه اتّصل ببعض المعاهد في مصر ليتعلّمها، مع اتقانه للغة الألمانية، وكان مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية في استنبول قد أعدّ قليدا وثائقيا بعلوان «الخطّاط حامد» قبل وفاته بستّة أشهر، وقد توفي حامد في تمام السابعة والنصف من مساء يوم الثلاثاء 1402/07/24، وصُلّي على جثمانه في مسجد ضمّ أوّل إبداعاته وآثاره الخالدة وهو مسجد شيشلي، ودُفن في مقبرة قرجه أحمد بعد أن صلّت عليه جموع غفيرة، وقد أوصى أن يُدفن تحت قدمي أوّل الخطّاطين العثمانيين حمد الله الأماسي، وبذلك اجتمعت بداية الخط ونهايته في موضع واحد.

مراجع

  • حروف عربية (مجلة). الجزء الثاني، السنة الأولى. شوّال 1421. ندوة الثقافة والعلوم، دبي.
  • معجم الكتابة، خضير شعبان. الطبعة الأولى، 1419. دار اللسان العربي، الجزائر.
  • موسوعة الخطّ العربي والزخرفة الإسلامية. محسن فتوني. الطبعة الأولى، 2002م. شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، بيروت.

صورة حامد أيتاج الآمدي، 1309-1402.

مجموعة من الخطوط المتنوّعة كتبها حامد سنة 1385.