هي تلك القوّة التي تشكّل الآراء المؤدّية إلى التحرّك في الاتجاه المرغوب فيه، وهي تأثير الصحافة في المجتمع، وما تتسبب فيه من ردود الفعل، جراء نشرها للأخبار والتعليقات والمقالات وغيرها. ويمتد هذا التأثير حتى لو لم يتم نشر الأخبار، سواء في نشرة مكتوبة في الأعمدة والمقالات الرئيسة، أو المسموعة والمشاهدة، فالمراسل قد يكون له تأثير في توجيه السياسة العامّة أو تحديدها، بمجرد إجرائه بعض الحوارات مع أناس متنفّذين في السلطة، وبذلك يقوم بمهمة الوسيط بين مصادر الأخبار المختلفة، حتى إنه قد ينقل الأفكار من مؤسسة حكومية إلى أخرى من خلال إجراء حوارات معها وقد تكون حواراته هذه أكثر من التي تتمّ بين تلك المؤسسات مع بعضها بعضا. الحقيقة أنه لا توجد قِصّة لخبر لا يُحتمل أن تسبّب أذى غير مقصود بشخص أو مؤسسة أو هيئة، وقد يصل الامر أن تفسد مشروعات كان نفعها سيعمّ الجميع، نتيجة نشر قصّة غير صحيحة، أو وضع قول في غير موضعه، فذلك كما يقول «هربرت سترنز» أشبه بمن يصيب شخصا برصاصة وهو لم يكن يعلم أن البندقية محشوّة بالرصاص.

كثيرا ما يصل المراسل في بعض الحالات إلى قرار عدم نشر ما لديه من قصص خبرية، لشعوره بالأذى الكبير الذي قد ينتج في المجتمع، فمهمّة الصحافي أعقد وأخطر من نقل أخبار نصف المجتمع إلى نصفه الآخر. من أبرز أمثلة قوّة الصحافة ما قامت به رناة «بي بي سي» BBC خلال الحرب على العراق حيث أجرت حوارا في التاسع والعشرين من ماي 2003م، مع الخبير البريطاني «دافيد كيلي» David Kelly والذي كانت شهادته ضد تلك الحرب، وسارعت وسائل الإعلام بإلقاء الضوء ساطعا على «كيلي» وتصريحاته ممّا دفعه إلى الانتحار هروبا من الإعلام والسلطة، وهناك نظرية أخرى تقول إنّ أعداء صدّام حسين قاموا باغتيال «كيلي» بمباركة الحكومة البريطاينة وتحت نظرها، جاءت وفاة «كيلي» إثر جدل كبير هز الساحة البريطانية والعالم بعد عرض حلقة من نَهْجل «توداي» على رناة «بي بي سي»، جاء فيها إن الحكومة البريطانية بالغت في مقدرة العراق العسكرية وخطورة أسلحته الحِياوِية (البيولوجية) لإقناع الشعب البريطاني بضرورة شن الحرب على العراق.