مجموعة من النصوص الشعرية (1920م) لأندريه بريتون André Breton وفيليب سوبولت Philippe Soupault ألّفاها في رثاء غيوم أبولينير Guillaume Apollinaire، ونُشرت في مجلة الأدب Littérature سنة 1920م. تشكل هذه المجموعة من النصوص المحاولة الأولى للكتابة التلقائية (الآلية) écriture automatique، ونقل النظريات النِّفْسيائية إلى المجال الأدبي لتفسير ارتباطات الأفكار بالرسائل اللاشعورية. بعد انعزالهما عن العالم الخارجي لمدة شهرين، يستكشف أندريه بريتون وفيليب سوبولت حدود الوعي أثناء اليقظة لإعادة خلق الحالة الذهنية التي تقترب من النوم، أين يتخلّق الشِّعْر حسب رأيهما. يلاحظان بحماس «العبارات المندالية» phrases magnétiques وهي «تدقّ على زجاج نافذة» الوعي. وهكذا يسلطّان الضوء على الارتباط الوثيق الذي يوحّد الأحلام والإبداع الشعري في الكتابة التلقائية، حيث سيتم التأكيد على الحاجة إلى هذا الارتباط في بيان الفَوْقَعِية manifeste du surréalisme (1924م).

يعتبر «أندريه بريتون» الأب الحقيقي للمذهب الفَوْقَعي (الفوق واقعي). اقترح الفنان الفرنسي الكتابة التلقائية كوسيلة للوصول إلى مجالات اللاوعي. قال إنه يمكن أن يصنع معها خطابا شعريا يتجاوز النظام الجمالي أو الاجتماعي أو الأخلاقي الراسخ. الكتابة التلقائية أو الآلية التي اخترعها «أندريه بريتون» هي نسخ الأحلام على الورق أو الصورة الحقيقية للفكر، أي الكتابة الموجّهة من لدن العقل اللاواعي، والمستغلّة لمادّة الأحلام وحالات العقل بين النوم واليقظة والهذيان الطبيعي أو المولّد بصورة مصطنعة.

يشرح «بريتون» صِنْعة الكتابة التلقائية، بقوله: (1) كن في المكان الذي يفضي بك قدر الإمكان إلى التركيز الذهني. (2) ادخل في الحالة الأكثر سلبية أو تقبلا والتي تكون قادرا عليها. (3) تخلّ عن العبقرية والموهبة، وتخلّ عن عبقرية الآخرين وموهبتهم. (4) كرّر مرارا وتكرارا أن الأدب هو أحد أتعس الطرق التي تؤدّي إلى كل الأمكنة. (5) اكتب بسرعة، ومن دون إعداد سابق للموضوع، اكتب بسرعة كافية حتى لا تضغط على نفسك، ولا تحاول قراءة ما هو مكتوب. (6) دع الجملة الأولى تتبادر إلى ذهنك وباقتضاب. (7) استمر في الكتابة، وثِق بطبيعة الهمس التي لا تنضب. (8) إذا هدّدك الصمت بسبب النقص، يُسمّى هذا «بفقدان الانتباه»، هنا تجب المقاطعة. (9) بعد الكلمة ضع أي حرف وبالتالي ستعود إلى الحالة العشوائية.

على هذا النحو عرّف «أندريه بريتون» الكتابة التلقائية واستعملها كوسيلة لصنع الفن من خلال اللاوعي وعفوية الفكر.