عنصر كيميائي، رمزه «كا»، وعدده الذرّي 14.
[يحتاج هذا المصطلح إلى تعريف. اشترط مجمع اللغة العربية في القاهرة، وضع تعريفات للمصطلحات الجديدة ولو بشكل موجز، مع ما يُقابلها في اللغتين الكلزية والفرنسية، وأضاف ديوان اللغة العربية في الجزائر، ضرورة إدراج علّة التسمية أيضا لكلّ مصطلح جديد يوضع في اللغة العربية]
سُمّي لكثرته في الطبيعة، فالكُثاب معناه في اللغة الكثير، يأتي في المرتبة الثانية بعد الكثار من حيث الوفرة في القشرة الأرضية، ويكوّن منها زهاء 25%، فمعظم الجَدالة التي نقف عليها من الكَوْثب (سيليكات)، إذ أنّ الصخور الأكثر شيوعا لها أُطُر بلورية مؤلّفة من كُثاب وكُثار أو ما يعرف عادة بالرمل أو الكَنْثب silica، والكُثاب، شِلزّ، صُلب، أرْمد، قَصِف، لكنّه مُوصِّل للكهرب وإن كان توصيله ضعيفا، وتُسمّى الموادّ التي تفعل ذلك بالمُرَمِّقات أو أشباه الموصّلات، من أجل ذلك أصبح أساس الحياة الاصطناعية أو الذكاء الاصطناعي على أقل تقدير، إذ يوجد في قلب جميع الحواسيب. اُعتبر الكَنْثب عنصرا لفترة طويلة، كذلك عدّه «لافوازييه» أيضا، لأنّه ليس من السهل فصل الكُثاب عن الكُثار، لهذا السبب لم ير الكثاب النقي إلاّ قليل من العلماء على الرغم من أنّ ذرّاته من النوع العادي، اعتقد «همفري ديفي» Humphry Davy أنّ الكَنْثب ليس عنصرا، لكن الكُثاب نفسه لم يُعزل حتّى سنة 1824م، عندما أعدّه العالم السويدي «جون جاكوب بِرزيليوس» Jöns Jacob Berzelius على شكل متغلور، والغِلّور مادة صلبة لا تكون فيها الذرّات مرتبة بانتظام كما هو حالها في البلورات، ويعتبر الزجاج أيضا غِلّورا، أمّا الكثاب المتبلور فلم يُصنّع إلاّ في سنة 1854م على يد الكيمياوي الفرنسي «هنري ديفيل»، اسم silicon في اللغات الغربية مأخوذ من silica حيث ترى المصادر الغربية أنّها مشتقّة من silex اللاتينية التي تعني الظِّرّ وهو ثُنائي ذَرَب الكُثاب الطبيعي.
اعتمدت أوروبا في نهضتها الكبيرة على تراث الحضارة العربية الإسلامية، حيث كانت اللغة العربية هي لغة العلم والحضارة والمخترعات، فقد كان الغربيون في بداية تطوّرهم في حاجة إلى الأخذ ممّا عند العرب من علوم ومعارف ونظم سياسية وتنظيمية، ولم يجد نابليون حينما وحّد أوروبا وأصبح اسمه نابليون الأوّل عاهِل فرنسا وملك إيطاليا وحامي «كونفدرالية» الراين، قانونا يُسيِّر به هذه القارّة وينظّمها سوى الفقه الإسلامي المتمثّل في الفقه المالكي، فقد وجد مدوّنات من الأحكام والنظم القانونية مبوبّة ومفهرسة ومحفوظة وجاهزة للتطبيق، تشتمل على ميراث ضخم من الدراسات القانونية بُنيت على مدى قرون طويلة تجاوزت ألف سنة، وقد احتوت على كلّ ما تعلّق بجوانب الحياة الإنسانية، وضمّت كلّ صغيرة وكبيرة، ما وقع فعلا وما هو محتمل الوقوع، وهذا الذي كان يبحث عنه نابليون بالذات ليحكم عاهِلية كبيرة مترامية الأطراف وتضمّ شعوبا كثيرة مختلفة الأعراق، وهذه القوانين الإسلامية هي التي أصبحت معروفة بالقوانين النابليونية، وقد جعل نابليون استعمال النظام المتري إجباريا ومن يخالفه يتعرّض للعقاب الجنائي، وقد بيّنت قواعد الاستفان أنّ كلمات مثل المتر واللتر والغرام كلّها كلمات عربية. كانت أوروبا تلميذا متعجرفا وسيئ الأدب مع أساتذته العرب، قام الغربيون بترجمة الكتب العربية إلى اللاتينية وزعموا أنّها لمشاهير من الإغريق مثل أرسطاطليس وجالينوس وروفوس وسواهم، واقتبس روجيه باكون (1210-1290م) جميع ما نُسب إليه من نتائج علمية من الكتب العربية المترجمة إلى اللاتينية، ثمّ ظهر بعد باكون رايموندوس لولوس Raymundus Lullus (توفي سنة 1315م) الذي أمضى حياته وأعطى جهده لمقاومة كلّ ما هو عربي، وقد ألّف مجموعة من الكتب ثبت أنّها مؤلّفات عربية. ومن الزعماء البارزين في تيّار معاداة العرب ليونهارت فوشس Leonhart Fuchs من جامعة توبكن، ومن الذين يكافحون العرب وينتحلون كتبهم بَراسيلسوس Paracelsus الشهير.
بعد سقوط الأندلس هاجر الأندلسيون إلى فرنسا وبريطانيا وألمانيا، وبعضهم أراد أن يلتحق بعاصمة الخلافة الإسلامية عن طريق الجنوب الأوروبي لكن المطاف استقرّ بهم في الفالي بسويسرا، فدخلت هذه البُلوف من العرب في صلب التكوين الاجتماعي للأمم الأوروبية، ثمّ ظهرت قوّة الحرفيين الأندلسيين ومن تعلّم على أيديهم من الأوروبيين، في تطوير وسائل الإنتاج وفيما كانوا ينتجونه من المخترعات التي شهدتها أوروبا إبّان نهضتها، فنمت هذه القوّة باتجاه تأسيس المدن الكبيرة، وصحب ذلك نمو قيم أخلاقية وعلمية جديدة أدّت إلى بروز مفهوم السلطة المركزية والمواطنة والجمهورية، ونذكر على سبيل المثال من هذه المخترعات العسكرية: arquebuse وهي نوع من البنادق القديمة جدّا، كانت تُسمّى في المغرب بالمكحلة، وقد اشتملت في منتصف القرن الخامس عشر الميلادي على فتيل يُشعل بقَبَس وتُعرف في الفرنسية باسم arquebuse à mèche أي المكحلة ذات الفتيل، ومن القَبَس هذا قالوا al-quebuse نجدها في الدارجة الجزائرية على شكل الكابوس، ومن كلمة فتيل هذه أيضا أخذت الفرنسية اسم البندقية وهو fusil، فالحرف «s» يتصاقب مع الحرف «t» وقد سقط الحرف الأصلي الذي هو «t» وبقي المزيد الذي هو الحرف «s» وتقدير جذيلتها fu(s)til أي futil والمعنى فتيل، أمّا المِشْرز المعروف بالمُسدّس فيُسمّى في الفرنسية pistolet والكلزية pistol، أصل الكلمة في العربية «اشتعل» p-istol أي istol والصيغة مُبجّدة. كانت بعض البنادق القديمة تحتوي على الظِّرّ الذي يَضْرِب على قطعة من الحديد الذكر، كي يتولّد الشَّرَر الذي يُشعِل بارود الطلق، يُسمّى هذا الظرّ بالفرنسية silex وأصل الكلمة في العربية «سِلاح» لأنّ الحرف «x» يُبدل من شين، فصيغتها الأصلية sileche والحرف «ch» يُبدل من حاء كما في مثل قولهم allouchier بمعنى اللوح وهي لفظة أندلسية أيضا، لأنّ هذا النوع من الشجر اُستعمل خشبه كثيرا في التأثيث زمن النهضة الأوروبية allouch-ier هناك صيغة أخرى محلية لهذه الكلمة هي allouche ومعناها اللوح، نجد في اللغة الكَلَزِية هذه الكلمة على شكل slash وتعني المالة أي القَضْبة المائلة في الترفيد (/) أصلها في العربية «سِلاح» فالحرف «s» قبل «h» ملتّب، فصيغتها الأصلية slah، كانت تعني في القرن السادس عشر الميلادي القَطْع بضربة سيف، ثمّ أخذت معناها الترفيدي اليوم في الولايات المتّحدة الأمريكية، لأنّها تشبه أثر ضربة السيف في الشيء. ومن كلمة silex هذه اشتقوا المصطلح العِداني silica في الكلزية، وفي الفرنسية silice، ومنها قالوا silicon في الكلزية، وفي الفرنسية silicium أيضا، وكلّها مأخوذة من كلمة «سِلاح» العربية.
يُعتبر الخُراز أنقى أنواع ذَرَب الكُثاب الموجود في الطبيعة، وهو مادّة صافية مَهْواء أي عديمة اللون مُشِفّة مثل الزجاج، بل أكثر شَفافة من الزجاج، لأنّه يمتصّ كمية قليلة من الضوء الذي يمرّ خلاله، بل هو أكثر المواد المعروفة شَفافةً. يُعرف الخُراز في اللغات الغربية باسم quartz وأصله كلمة «خَرَز» في اللغة العربية أي حبّات العقد، فحسب المصادر الغربية أنّ هذه الكلمة كانت تُطلق في العصور الوسطى على كلّ شَذَرَة إلاّ أنّ «جيورجيوس أغريكولا» Georgius Agricola هو الذي خصّصها للدلالة بها على حجر البِلّور.
- أسماء العناصر الكيميائية في العربية. الربيز: خضير شعبان، ديوان اللغة العربية، الطبعة الأولى، 1441. باتنة، الجزائر.