معجم المصطلحات الكبير
عِلّة التسْمِية
الاصطلاح

الرباط الذي يجمع بين المعنى اللغوي للكلمة الموضوعة والمعنى الاصطلاحي الذي تأخذه، أو المناسبة في المعنى وإن كانت ضئيلة بين المصطلح ومعناه اللغوي، مثل كلمة الإثمد فهي مأخوذ من الثمد وهو الماء القليل لأنّ الإثمد يؤخذ قليلا قليلا ويكتحل به، فعلّة التسمية هنا هي القلة التي تجمع بين الكلمتين أي المناسبة بينهما، وقد يراد بعلّة التسمية أيضا المناسبة التي جعلت الكلمة تأخذ ما تأخذه من معنى وإن كانت مرتجلة أو ارتبطت بحادثة تاريخية.

معرفة علّة التسمية في اللغة العربية ضرورة ملحّة، فهي الأساس في الاقتياس والمدسع الهادي الذي يرشدنا إلى تدقيق معاني اللغة العربية ومعرفة أصولها وضبط مفاهيمها، والوصول بذلك إلى استنتاج قواعد لنضبط بها زيادات اللغة ونمائها، ومثال ذلك كلمة النهسر فإنّنا نجد أنّ لها معان كثيرة من بينها أنها تعني الذئب والضبع والأرنب، وبالتدقيق في علّة التسمية نجد أنّ كلمة النهسر مأخوذة من النهس وهو القبض على اللحم ونثره والراء للإلحاق، وسُمي كلّ من الذئب والضبع بالنهسر لأنّه ينهس لحم طريدته، وسمّيت الأرنب أيضا بهذا الاسم لأنها طريدة تُنهس. وعلى هذا يمكن القول إنّ علة التسمية قد تؤخذ من الفعل معلوما (نهس) ومجهولا (نُهِس) ويُسمّى بها فاعل الفعل ومن وقع عليه فعل الفاعل.

تقول القاعدة الاصطلاحية العامّة، إنّه لا يُشترط في المصطلح أن يستوعب معناه اللغوي كلّه، بل يوضع لأدنى علاقة بين المعنى اللغوي ومعناه الاصطلاحي، والمتتبّع لعلل التسمية في اللغات الغربية يُدرك أنّها لا تهتمّ الاهتمام الذي توليه العربية لها، ولعلّ ذلك ساعد كثيرا في إيجاد ألفاظ جديدة للمعاني المستحدثة في اللغات الغربية، إذ تكفي أي علاقة وإن كانت ضعيفة ليتمّ وضع المصطلح عليها، غير أنّ بعضها قد وُضع ارتجالا، أو جاء عفو الخاطر أو تلبّس بحادثة تاريخية مكّنته من اكتساب اسمه، فلو أخذنا على سبيل المثال العناصر الكيميائية فإنّنا نجدها قد سُمّيت على أسماء المشاهير والأصقاع والكواكب والأوثان والقبائل والغيلان، فالزنك كلمة ألمانية تعني الشيطان أو الغول كما تقول المصادر الغربية. وفي سنة 1839م اكتشف «موساندر» في أحد الأذراب التِرْبانِية التي فصلها «بريزيليوس» مكوّنا أصفر اللون أُطلق عليه اسم «لانثانا» من الإغريقية بمعنى «الذي يهرب من الملاحظة» ثمّ تبيّن أنّ مع هذا الخليط مكوّنا آخر أُطلق عليه اسم «ديديميا» من الإغريقية بمعنى التوأم، كما تمكّن كيميائي آخر من فصل مكوّنين آخرين هما «براسيوديميا» من الكلمة الإغريقية «براسيوس» أي الأخضر و«نيوديميا» والتي تعني في الإغريقية التوأم الجديد، وقد فصل موساندر كذلك ذَرَب «إيتريا» وهو ذرب تِرْباني كان يُعتقد أنّه ذرب نقي إلى ثلاث مكوّنات (إيتريا وإيربيا وتيربيا) وقد اُشتقّت أسماؤها من اسم المدينة السويدية «إيتربي» وعندما فصل الكيميائي جوهان غادولين «الإتريا» كان يعتقد أنّها نقية، لكنّ اثنين من الكيميائيين تمكّنا من فصل مكوّن آخر من هذا العنصر الترباني وسمياه «غادولينيا» أخذا من اسم المعدن المحتوي عليه، والذي كان اسمه مأخوذا من اسم جوهان غادولين، كما سُمّي العنصر «سماريوم» من اسم المعدن «سمارسكيت» والذي أخذ اسمه من اسم أحد موظفي المناجم الروس «الكولونيل سمارسكي» وهو شخصية عسكرية. فالمسمّيات الأوروبية كما هو ظاهر لا علاقة تجمع بين أصلها اللغوي ومعناها الاصطلاحي إلاّ المجاز في أحسن الأحوال، وليس لها أدنى علاقة بالجانب الصِنْعي، ولعلّ العربية اليوم أسعد حظا وأكثر توفيقا في وضعها لأسماء هذه العناصر، ولغيرها من المعاني المختلفة.

مصطلح قريب

مراجع

  • إبداعات النار، تاريخ الكيمياء المثير من السيمياء إلى العصر الذرّي. تأليف : كاتي كوب وهارولد جولد وايت. ترجمة الربيز : فتح الله الشيخ، ومراجعة : شوقي جلال. سلسلة عالم المعرفة الكويتية. الجزء 266. فبراير 2001.