تضمين كلمة عربية قديمة معنى علميا جديدا. والمجاز طريقة في التوسّع اللغوي ووسيلة في تلوين معاني الكلمات، وإضفاء تصوّرات جديدة لها لا سيّما تلك الألفاظ المهجورة والميتة، ويسمّيه اللغويون تارة بالمجاز وتارة أخرى بالنقل والتضمين، ويكون بتحوير المعنى اللغوي القديم للكلمة العربية وتضمينها المعنى العلمي الجديد، وقد يغلب لفظ في معنى وُضع على سبيل المجاز، حتّى يصير المعنى المجازي هو الذي يُسارع إليه الذهن عند الإطلاق، مثال ذلك كلمة الغائط التي تدلّ في أصل وضعها على المكان المنخفض من الأرض ثمّ حُوّلت بالنقل المجازي إلى ما يُعرف اليوم من معناها. وقد اعتمد العرب منذ العصر الإسلامي الأوّل على المجاز، فتوسّعوا في معاني الألفاظ التي كانت معروفة في الجاهلية، ونقلوا كثيرا من معناها الأصلي إلى معنى علمي جديد اقتضاه التغيّر الجذري الذي طرأ على حياتهم، لذلك فإنّ كثيرا من الألفاظ التي تغيّرت معانيها في الإسلام، كأن يكون المعنى عامّا في الجاهلية وخصّص في الإسلام: كالصلاة والزكاة والحجّ والبيع، ثمّ ظهرت الألفاظ العلمية كالنحو والصرف والإعراب والإدغام وأسماء الحركات وأسماء بحور الشعر، وتروي لنا كتب التراث أنّ أعرابيا سُئل: أتهمز الفأرة؟ قال: تهمزها القطّة.
يوجد في معجماتنا العربية خزِين كبير من المفردات المهجورة التي لا نكاد نستعملها اليوم، كأسماء وصفات السيوف والنبال والقسي والرماح وغيرها ممّا كان أداة من أدوات القتال والنزال، والكثير من أسماء وصفات الإبل والخيل والأنعام ووصف الصحراء والقفار وحياة البدو والبادية، وكلّ ما يمتّ بصلة إلى المجتمع العربي القديم الرعوي والزراعي، وإعادة توظيف هذا المخزون ضروري جدّا لا سيّما تلك الألفاظ ذات الدلالة الواحدة، وسيُغني استعمالها العربية من جديد بألفاظ هي من صلب مادّتها اللغوية، وعلى غرار هذا اُختير اللفظ العربي القديم قطار للدلالة به على العربات المتّصلة لمركبات النقل المتحركة على السكّة الحديدية، وهو أصل معناه جماعة الإبل في نسق متّصل واحد، ومثل هذا البرق والهاتف والسيّارة.. الخ، وهي مصطلحات موفّقة تمام التوفيق.