معجم المصطلحات الكبير
بَرْزَج
الفنّ

البَرْزَج في الفنّ الإسلامي القديم هو علامة أو شِعار على شكل بيضوي أو دائري أو مفصّص يتضمّن صورة لكأس أو عصا أو سيف أو دواة أو غير ذلك من الأشكال المختلفة، وتكون على العمائر والتحف المنقولة والأنسجة والقطع الفلزّية. ظهرت البرازج في عصر الأيّوبيين وعصر المماليك في مصر والشام، واستعمال هذه العلامات يدلّ على أنّ صاحبها كان يشغل في بِلاط السلطان وظيفة تنمّ عنها هذه العلامة، فالسيف على سبيل المثال علامة الموظّف الكبير المُكلّف بشؤون الأسلحة، والكأس تدلّ على المتخصّص بأمور الشراب، والدواة على القائم بديوان الإنشاء، وهناك برازِج لا علاقة لها بالوظائف إنّما الأمراء اختاروها لأنفسهم، مثل زهرة اللوتس، والوردة، والسبع الذي كان شعار السلطان الظاهر بيبرس أحد سلاطين المماليك، والنسر الذي كان برزجا لصلاح الدين الأيّوبي.

لم تكن البَرَازِج من اختراع المسلمين إنّما توارثوها عمّن كان قبلهم من القدماء، والغريب أنّ المؤرّخين قديما لم يحفلوا بها، ولعلّ ذلك يرجع إلى أنّها كانت مألوفة في عصرهم فلم تسترع نظرهم، وربّما يكون بعضهم قد درسها وتحدّث عنها إلاّ أنّ مراجعها قد ضاعت أو ما تزال مدفونة بين آلاف المخطوطات. ورث الأوروبيون البرازج عن المسلمين عندما اختلطوا بهم في زمن الحروب الصليبية، ولعلّ من أبرز الأمثلة التي يتجلّى فيها هذا التأثير النسر ذو الرأسين فقد عرفه الحيثيون واتخذوه برزجا لهم، ثمّ ورثه العرب واستعملوه في العصر السلجوقي، ثمّ انتقل في القرن الرابع عشر إلى أوروبا حيث أصبح برزجا للعاهِلية الرومانية المقدّسة.

عُني الأوروبيون بالبرازج عناية فائقة واتّخذوا لها سجلاّت أثبتوا فيها شكل البرزج واسم الأسرة التي اختارته لنفسها وتاريخ هذه الأسرة، ووضعوا لها تقاليد وأعرافا من أهمّها أنّه لا يحقّ لأية أسرة أن تتّخذ برزجا سبقتها أسرة أخرى إليه، وأصبحت البرازج تُوَرّث للخلف عن السلف وهذا ساعد كثيرا على تحديد تاريخ العديد من التحف التي تحمل هذه العلامات، وليس الحال كذلك في البرازج التي استعملها المسلمون، فهي في معظم الأحيان تدل على وظيفة شغلها الأمير، وفي حال ما تقلّد هذا الأمير عدّة وظائف في الدولة فإنّه يتّخذ لنفسه أشعرة يجمعها في برزج واحد، وإن ورث الابن أباه في وظيفته، يتّخذ لذلك البرزج نفسه.

تعليق

البَرْزَج كلمة منحوتة من بَرَز وبَرَج بمعنى ظهر وارتفع لأنّه شعار أُنشئ ليرتفع ويبرز، تُسمّى البرازج قديما بالرنوك جمْع رَنْك وهي كلمة فارسية معناها اللون، ويُعْرف اليوم بشعار النبالة، ويُستعمل لتمثيل الأفراد أو الجماعات أو المؤسّسات العلمية والتجارية، ويُسمّى في الفرنسية blason والكلزية coat of arms أمّا العلم الذي يتناول هذه الأشعرة والرموز بالدراسة والتصنيف فيُسمّى بالبَرْزَجة وهو بالفرنسية héraldique وبالكلزية heraldry.

مترادف

رَنْك

لغة كلزية

coat of arms
لغة فرنسية

blason
مراجع

  • الفنّ الإسلامي، تاريخه وخصائصه، الربيز: محمد عبد العزيز مرزوق، مطبعة بغداد 1965م، بغداد، العراق.
  • معجم الكتابة، خضير شعبان. الطبعة الأولى، 1419. دار اللسان العربي، الجزائر.

برْزَج على شكل كأس في مصباح، يعود إلى سيف الدين قَوْصون الساقي الناصري، توفّي سنة 743، أحد أمراء السلطان الناصر محمد بن قلاوون. صنع المصباح: علي بن محمّد البرمكي، وهو اليوم محفوظ في متحف الميتروبوليتان، نيويورك، الولايات المتحدة الأمريكية. مصدر الصورة: metmuseum