الارتقاء في النفسياء الارتقائية، هو سَتَلة series من التغيّرات الكيفية المتتابعة progressive والمرتّبة orderly بعضها على بعض، والمتجانسة coherent. المراد بالتتابع أن هذه التغيّرات تتّجه نحو غاية معيّنة، وتتقدّم إلى الأمام من دون الرجوع إلى الوراء، أمّا المترتّبة، فتشير إلى وجود علاقة بين كلّ مرحلة من المراحل الأخرى التي تسبقها، وتلك التي تليها. يُعرّف «ولمان» Wolman الارتقاء بأنّه: الزيادة في التعقيد، وتنظيم العمليات، والبناء من الميلاد حتّى الوفاة، وذلك نتيجة كلّ من النضج maturation والتعلّم learning. ويعرّفه «سالكيند» Salkind بقوله: يشير الارتقاء إلى ستلة من التغيّرات المتتالية، التي تحدث في نمط معيّن، كنتيجة للتفاعل بين العوامل الحِياوية (البيولوجية) والبيئية.
يختلف النمو growth عن الارتقاء على الرغم من أنّهما لا ينفصلان عن بعضهما، ولا يحدث أحدهما من دون الآخر، فالنمو يعني الزيادة والكثرة، والارتقاء أو الرقي يعني الارتفاع والصعود، فالنمو هو الزيادة في الحجم والبناء، ويشير إلى تغيّرات كمّية، أمّا الارتقاء فهو أكثر شمولية، ويتضمّن التغيّرات الكيفية المتدرّجة في المظاهر الجسمية والعقلية، ويتّسق ذلك مع تعريف للارتقاء بأنّه:
- 1- التغيّرات المتتابعة عبر الوقت، منذ الحمل حتّى الوفاة؛
- 2- يؤدّي هذا التتابع إلى تغيّرات متّسقة؛
- 3- كما يؤدّي أيضا إلى المزيد من التقدّم والتمايز differentiation، والتعقيد أو التركيب في النسق؛
- 4- أنّ المحصّلة النهائية لهذه التغيّرات تكون في البناء، أو الوظيفة، أو التنظيم الكلّي.
بوجه عام، هناك عدد من الخصائص العامّة للعمليات الارتقائية، التي يتّفق عليها معظم الباحثين في مجال النفسياء الارتقائية، منها:
- 1- أنّها تتضمّن تغيّرات مستمرّة بمعدّلات قد تختلف من مرحلة عمرية إلى أخرى، كما تختلف باختلاف الأفراد، وأنّ هذه التغيّرات إنّما هي نتيجة التفاعل بين الكائن الحي والبيئة التي يعيش فيها؛
- 2- أنّ هذه التغيّرات تأخذ صورا وأشكالا مختلفة، فقد تكون كيفية في شكل أنماط ارتقائية، أو كمّية كمقدار التغيّر في نمط معيّن؛
- 3- هناك اتّفاق بين المنظّرين في مجال الدراسات الارتقائية على أنّ الارتقاء يمضي من البساطة إلى التعقيد والتركيب، ويتضمّن زيادة في التنظيم والوضوح بين عناصر أو خصال الكائن، وأنّ عملية الارتقاء تكون غالبا في اتّجاه مزيد من التمايز، والتكامل integration، حيث يتّجه نمو الفرد من وظائف غير متمايزة إلى وظائف أكثر تحدّدا وتميّزا، وفي الوقت نفسه تدخل هذه الوظائف في علاقات مع غيرها من جوانب السلوك في شكل وحدات جديدة، يقول وليامز في هذا الشأن: إنّ مراحل الارتقاء الأخلاقي على سبيل المثال، ليست منفصلة بعضها عن بعض، لكنّها متّصلة وتراكمية.