معجم المصطلحات الكبير
اِقْتِيال شارِدي
الحتاكة

إنّ ما يفرض طبيعة الأطوار المعدنية التي تتبلور ونسبها خلال تبرّد المهل في نظام مغلق، هو التركيب الكيميائي، مع ظروف الضغط والحُرورة، لذلك حينما تُستخرج المعادن فإنّ تكوينها الجَمائي composition stœchiométrique يجعل من الممكن حساب التطور الكيميائي للسائل المُتَبقَّى وكذلك كيمياء الصخور المتراكمة. وعلى عكس العناصر الوفيرة، فإنّ العناصر النزيرة (عناصر بتركيز أقل من 0,1 %) تشكّل محاليل جامدة مُرَخَّفة تخضع لقانون ينصّ على أن قيمة معاملات النشاط ثابتة ومستقلّة عن التركيز، بعبارة أخرى أنّ العناصر التي تدخل مبكّرا في تكوين المعادن خلال تبلور المهل لا تخضع لمبدأ الكثرة والقلّة، لأنّ العامل الأساسي في تكوّن البلوّرات يخضع للقواعد التي اكتشفها «غولدسميت» Goldschmidt والتي تُسمّى: قواعد اقتيال الشوارد، فهي التي تتحكم في توضّع العناصر في الأطوار المعدنية المختلفة. حيث يشكّل التكافؤ والقاب الشاردي المعيارين الرئيسين في إحلال شاردة محلّ أخرى في التركيب الذرّي لمعدن من دون أي تغيّر في النظام البلّوري، في سنة 1955م أضاف «رينغوود» Ringwood كَسْلبة شاردة العنصر كعامل إضافي إلى قوانين «غولدسميت».

القاعدة الأولى : لكي تحل شاردة مكان شاردة أخرى، يجب ألا يختلف قاب الشاردتين بنسبة تزيد عن 15%. مثال ذلك، سَتَلة الزُّتان، التي تتألّف من حدّين طرفيين هما: اللُّتان ل2(كاك4) والحُتان ح2(كاك4).

فشاردة اللغاس (ل2+)= 0,66 ﮞْ، وشاردة الحديد (ح2+)= 0,74 ﮞْ

فهذان الشاردتان هما اللتان يحلاّن محلّ بعضهما بعضا بحّرية، وعند الطرفين يمكن أن يحتوي الزتان على الحديد من دون احتوائه على أي شاردة من اللغاس ح2(كاك4)، وفي الطرف الآخر لا يحتوي الزتان على أي شاردة من الحديد ل2(كاك4)، وبين هذين الحدّين الثابتين يُحتمل وجود أي نسبة من الحديد واللغاس. كما أنّه في حالات النزورة، فإنّ العناصر الثنائية التكافؤ الأخرى يمكن أن تدخل أيضا في بنية الزتان، مثل: الرجاس (جا)، والكلاف (كف)، والرباث (با)، والقُصاف (قص)، وربّما النحاس، إلاّ أنّه سيُستبعد الشراق (شر)، والرزان (ر)، والدماث (ما)، والرصاص (ص)، لأنّ القاب الشاردي الخاصّ بها مرتفع جدّا لدرجة لا يسمح لها بالتركّز في البناء البلّوري للزتان.

القاعدة الثانية : عندما يكون لشاردتين الشحنة الكهربية نفسها، ولكن لكلّ منهما قاب شاردي مختلف عن الآخر، تُدمج حينئذ الشاردة الأصغر بشكل تفضيلي في البناء البلوري. مثال ذلك: شاردة البثان (ب+) لها الشحنة الكهربية نفسها لشاردة القُلاز (قل)+، إلاّ أنّ القاب الشاردي للبثان (ب)+= 1,33 ﮞْ والقاب الشاردي للقلاز (قل)+= 1,67 ﮞْ، وعلى هذا فالبثان هو الذي يتركّز تفضيليا في الطور الجامد، حتّى وإنّ كان في إمكان القلاز أن يُدمج أيضا.

القاعدة الثالثة : عندما يكون لشاردتين القاب الشاردي نفسه ولكن لهما شحنتان مختلفتان، تُدمج الشاردة الأكثر شَحْنًا بشكل تفضيلي في البلورة التي هي في طور التكوّن. مثال ذلك: عندما تأخذ معادن المُهاق بالتبلور، فإنّ معدن الشُّهاف (الأنورثيت) هو الذي يتكوّن أوّلا، لأنّ شاردة الشراق (شر2+)، مقارنة بشاردة القلان (ق+)، هي التي تحمل الشحنة الأكبر، على الرغم من تماثلهما في القاب الشاردي.

في بعض حالات الاقتيال، لا تمتلك الشوارد المتبادلة عدد الشحنات الكهربية نفسه، فعندما يحلّ الشراق (شر2+) محلّ القلان (ق+)، فإنّ الهيكل البلّوري يكتسب شحنة موجبة، وتتمّ عملية التبادل في الطبيعة بإحدى الطرق التي تحافظ في الوقت نفسه على التعادل الكهربي، وهي الإحلال المتزامن لشوارد الزهاف (هف3+) محل شوارد الكثاب (كا4+)، ويتمّ هذا التبادل المزدوج لا سيّما في مجموعة البَرْجَد:

ق+ + كا4+ <=> شر2+ + هف3+.

كما يوجد أيضا هذا المثال في مجموعة الشُّران:

2(ح، ل)2+ <=> هف3+ + ف+.

في معدن الكريستوباليت (Cristobalite) فإنّ الزهاف الثلاثي الشحنة قد يحلّ محلّ الكثاب رباعي الشحنة، ممّا يجعل الهيكل البلوري للمعدن غير متعادل كهربيا حيث تنقصه شحنة واحدة، وهنا تدخل ذرّة قُلان في الشبكة البلورية، ليصل المعدن إلى حالة التعادل مرّة أخرى.

يعتبر معيار القاب الشاردي أكثر أهمّية وإلحاحا من الحالة الكهربية في قاعدة الاقتيال المحتمل داخل هيكل معدني، فشاردتان بالحجم نفسه تُقتالان بسهولة، على الرغم من اختلافهما في الشحنة، كما أنّ شاردتين لهما الشحنة نفسها، لا تحلّ إحداهما محلّ الأخرى إذا كانتا تختلفان في القاب الشاردي، فالبُثان (ب) والقلان (ق) يمتلكان الشحنة نفسها، وهما من العناصر القلوية، إلاّ أنّهما لا يُقتالان ببعضهما بعضا داخل المجموعة الكيميائية نفسها، وكذلك شاردة الشراق (شر) مع شاردة الرُّزان (ر)، فكلاهما من العناصر القلوية التِّرْبانية، إلاّ أنّ الاقتيال بين الشراق والقلان يتمّ بسهولة ويُسر، شر2+<=> ق+ وكذلك الرزان مع البثان ر2+<=> ب+. وفي هذا الجدول بعض الشوارد التي يُقتال بعضها ببعض والمأخوذ عن العالمين السويديين «رنكاما» K. Rankama و«سهاما»  Thure G. Sahama.

1- شوارد ذات شحنات كهربية ثابتة.

(ب)+، (م)+، (قل)+، (شا)+

(K)+, (Rb)+, (Cs)+, (Tl)+

(ل)2+، (ح)2+، (قص)2+، (با)2+، (كف)2+، (جا)2+

(Mg)2+, (Fe)2+, (Mn)2+, (Co)2+, (Ni)2+, (Zn)2+

(شر)2+، (ما)2+، (قص)2+

(Ca)2+, (Sr)2+, (Mn)2+

 

(Ba)2+, (Sr)2+ et (Pb)2+

 

(Al)3+, (Ga)3+, (Mn)3+, (Cr)3+, (Fe)3+ et (V)3+

 

(Si)4+, (Ge)4+ et (Ti)4+

 

(Zr)4+, (Hf)4+ et (Th)4+

 

(P) 5+, (V) 5+ et (As) 5+

2- شوارد ذات شحنات كهربية متزايدة أو متناقصة.

 

(OH)-, (F)- et (O)2-

 

(K)+, (Ba)2+, (Sr)2+, (Pb)2+

 

(Na)+, (Ca)2+

 

(Li)+, (Mg)2+

 

(Mg)2+, (Al)3+, (Fe)3+, (Cr)3+ et (V)3+

 

(Zn) 2+, (Ga)3+ et (In)3+

 

(Al)3+, (B)3+ et (Si)4+

 

(Si)4+ et (P)5+

 

(Ti)4+, (Cb)5+ et (Ta)5+

 

(C) 4+ et (N) 5+

لا يقتصر تطبيق قواعد الاقتيال الشاردي على العناصر النزيرة فحسب، بل يمكن أن تُطبّق على معظم العناصر الرئيسة، فهي تفسّر الكثير من السَّتَلات التفاعلية المعروفة بسَتَلة بُوين. فالقاعدة الثانية تفسّر سبب تركّز شاردة اللغاس قبل شاردة الحديد في المعادن اللُّحاسية مثل: الزتان والشران والخلاب، إذ تزيد نسبة اللغاس\الحديد في المعادن التي تتكوّن مبكّرا. كما أن العناصر النزيرة تعجز عن تكوين معادن خاصّة بها لقلّتها الشديدة، فتدخل في تركيب المعادن الرئيسة التي تنفصل عن المُهل، وتحلّ محلّ أحد العناصر المكوِّنة لها من دون أن يتهدّم البناء البلّوري للمعدن، ويُسمّى هذا النوع من الإحلال بالاستبدال المتماكل isomorphous replacement.

تعليق

الاقتيال في اللغة هو استبدال شيء بشيء، وإحلال شيء مكان آخر. كَسْلبة كلمة منحوتة من سالبية وكهربة، بمعنى السالبية الكهربية.

لغة كلزية

ionic substitution
لغة فرنسية

substitution ionique
مراجع

  • جيوكيمياء الرواسب البحريّة. الربيز: سامر غدير، والربيزة: أحلام إبراهيم. كليّة العلوم، جامعة تشرين، وزارة التعليم العالي، الجمهوريّة العربيّة السوريّة، 1436/2016م.
  • Géologie, Objets et méthodes, Jean Dercourt, Jacques Paquet. Dunod, sixième édition, 1983. Paris, France