مجموعة من المفاهيم المتعلّقة بالإناسة النظرية، والتي تشير إلى النزعة المحليّة والاستقلال الثقافي والاقتصادي، والتناءة عكس عمليات التكامل، كالعولمة أو التغريب، ومثال التناءة ما نجده من ترويج للثقافة الإفريقية. كما تشير التناءة أيضا إلى العملية التي يتم من خلالها دمج طرق المعرفة والوجود والفعل والتواصل للتانئة في الهياكل التعليمية والتنظيمية والثقافية والاجتماعية للمؤسّسات المجتمعية. تدلّ كلمة التناءة في كتابات العلماء الغربيين والكتابات الأكثر شعبية على ثلاثة معان متباعدة إلى حدّ ما ولا تتوافق دائما مع بعضها البعض، (1) فهي تستعمل للدلالة على ما يتعلّق بالتانئة وهم السكّان الأصليون الذين يسكنون المناطق من العالم قبل الهجمة الأوروبية؛ (2) وتستعمل في السياقات العرقية والثقافية؛ (3) وتؤكّد أيضا على العنصر المحلّي، ويعدّ المصطلح في هذه الحال وصفا مكانيا.
أوّلا: يستعمل مصطلح التناءة في دراسات التانئة، ليصف عملية إصلاحية شرعت فيها هذه الشعوب، متعلّقة بثقافتها ووضعها، مثل وضع مناهج تعليمية مبنية على علومها وقيمها، حيث شرعت هذه الجماعات الأصلية التي اجتاح الأوروبيون مجتمعاتها في إعادة لم شملها والتأكيد على حقوقها وهويتها، بينما تحاول الحكومات التي أقامها الاستعماريون الأوروبيون بالسعي إلى دعم تكيف التانئة مع الثقافة السائدة، وهي ثقافة المستعمر، أو في أحسن الأحوال الموازنة بين الثقافتين الأصلية والدخيلة، على سبيل المثال، سعت كندا إلى إعطاء تمثيل للتانئة في التوظيف والمؤسسات التعليمية والجامعية من دون تغييرات أوسع، ومع ذلك، فإن هذا الوضع الراهن محل خلاف عميق، لاسيما من لدن الأساتذة والإداريين من التانئة الذين يعملون في كثير من الأحيان داخل هذه السياسات لإحداث المزيد من الرؤى التحويلية للتناءة، إلاّ أنّ المستوطنين الأوروبيين لا يرغبون أن تذهب الأمور إلى بعيد، فهم يرون أنّ الباحثين والدَّيْونيين من التانئة يدفعون باتجاه التناءة في مرحلة ما بعد الاستعمار، وهذا من شأنه أن يغير النظام الديوني بأكمله بشكل جذري.
ثانيا: ينبثق عن الدراسات الثقافية معنى آخر يصف عمليات بدأ بها المنحدرون من سلالة المستعمرين الأوروبيين، ليعرّفوا أنفسهم من خلال أوطانهم الجديدة التي يقطنها التانئة، ويقدّم هذا في الغالب على أنّه حلّ لعقدة الذنب أو الاغتراب الذي يشعر به المستوطنون، الذين طردوا السكّان الأصليين وأبادوهم، وأبادوا ثقافاتهم، فعلى سبيل المثال تتضمّن التناءة في عملية المصالحة الأسترالية أن المستوطنين قد توصّلوا إلى فهم أفضل للتاريخ، كما إنّ لديهم علاقاتهم بالطبيعة والبيئة تعدّ أكثر حميمية، حيث وصلوا إلى درجة الانتماء، ويرى بعض التانئة أنّ هذه الأفعال تعدّ استيلاء على حقوقهم وعدوانا عليها، ونوعا آخر من الجور.
ثالثا: يرتبط هذا المعنى الأخير بأدبيات العلوم الاقتصادية والسياسية التي تصف عملية تشبه إيجاد البدائل المحلّية عن السلع المستوردة، أي أنّ الصناعات في الدول النامية تسعى إلى إنهاء اعتمادها بشكل كبير على مصادر السلع والخدمات الخارجية من خلال ترقية الأعمال المحلية والمنتوجات الوطنية والمموّلين المحلّيين.