معجم المصطلحات الكبير
ياقوت المُسْتعْصِمي
الخِطاطة

جمال الدين بن عبد الله المستعصمي الطواشي البغدادي الملقّب فيما بعد بقبلة الكتّاب، وهو من أبرز الخطّاطين في العصر العبّاسي بعد ابن البوّاب وتلامذته، وقد غطّى وجوده على سائر الخطّاطين، وبظهوره فُتح باب آخر في تحسين الخطّ. كان مملوكا للخليفة العباسي «المستعصم بالله» آخر خلفاء بني العبّاس فنُسب إليه، وأصله من بلاد الروم، كنيته أبو الدرّ وقد اشتراه الخليفة صغيرا ورُبّي في دار الخليفة. ذكره «تحفة خطّاطين» أنّه كان طواشيا، ويُطلق الأتراك على العبد الرقيق اسم طواشي. أخذ الخطّ عن صفي الدين عبد المؤمن الأرموي وعن زكي الدين عبد الله بن حبيب، اللذين كانا يكتبان الخطّ على طريقة ابن البوّاب، وقيل هو آخر من انتهت إليه رئاسة الخطّ المنسوب في دولة بني العبّاس، دقّق خطوط ابن مُقلة وابن البواب وطوّرها وأضاف إلى الحروف جمالا ورونقا بما زاده من تحريف في القلم، وقد عُرف التحريف في القطّ منذ القرن الثالث الهجري أي قبل ياقوت بأربعة قرون، وكان الكتّاب الخطّاطون ينصحون به، وقال الحسن بن وهب، وهو من كبار الكتّاب وقد توفي في حدود سنة 250: «يحتاج الكاتب إلى خلال: جودة بري القلم، وإطالة جلفته، وتحريف قطّته، وحسن التأتّي لامتطاء الأنامل، وإرسال المدّة بعد إشباع الحروف».

عاش ياقوت عيشة هانئة حتى اجتاح المغول دار الخلافة وقتلوا سيّده، فلجأ إلى مئذنة أنقذته من الموت. وكان هولاكو قد عيّن علاء الدين الجُويْني على جميع العراق، وجعله رئيس ديوان الممالك، وكان أخوه شمس الدين الجُويني يُساعده في ذلك، ثمّ فوّض إلى شرف الدين ابن أخيه تدبير الديوان ببغداد. وقد حظي ياقوت عند علاء الدين، وكتب عليه الخطّ أولادُه، وابن أخيه شرف الدين هارون. وقد هيّأت لياقوت هذه الصلة بآل الجويني أن يحيا حياة سعيدة. وعُيّن خازنا في دار الكتب المستنصرية، وكان ابن الفُوَطي مشرفا عليه. وأتاحت له براعته في الخطّ وأخلاقه، أن ينبُل ويسمو، حتّى وصفه الذهبي في تاريخ الإسلام، فقال: «وكان رئيسا، وافر الحرمة ببغداد، كثير التجمّل والحشمة». ونُقل عنه أيضا براعته في الشعر والأدب.

من تلاميذه كمال الدين بن عبد الله بن مسعود الأصفهاني، ونجم الدين البغدادي وأرغون الكاملي البغدادي، وأحمد السهروردي، ومباركشاه بن قطب البغدادي، وعبد الله الصيرفي، ومباركشاه السيوفي، ونصر الدين الطبيب، ويوسف بن يحيى الكوفي. ألّف ياقوت بعض الكتب أهمّها رسالته في الخطّ، ونسخ عددا من المصاحف والكتب، والكثير من القطع الخطية. توفي رحمه الله في بغداد سنة 698 اعتمادا على رواية ابن الفُوَطي صاحب كتاب «الحوادث الجامعة» الذي كان معاصرا له، وقد دُفن بجوار قبر أحمد بن حنبل رضي الله عنهما، والمرجّح أنّه عاش 89 سنة. وقد اُشتُهر ياقوت بسرعة النسخ حتّى رُوي أنّه نسخ 364 من المصاحف، وبظهوره تحدّدت الخطوط الإسلامية وتثبّتت، وغدت في زمانه ستّة أنواع فحسب، وهي: الثلث، والنسخ، والريحان، والمحقّق، والتوقيع، والرقاع. والتي اُعتبرت الأصول المعروفة، وظلّت هذه الأقلام الستّة هي المعروفة بعده حينا من الزمان ولم يُضف عليها قلم آخر، ولعلّ براعة ياقوت تجلّت أكثر في الثلث والريحان دون سائر الأقلام.

مراجع

  • مصور الخط العربي، ناجي زين الدين. مطبوعات المجمع العلمي العراقي ببغداد. الطبعة الثالثة 1400. دار القلم بيروت، لبنان.
  • ياقوت المستعصمي (سلسلة أشهر الخطّاطين في الإسلام)، تأليف الربيز : صلاح الدين المنجد. 1985، دار الكتاب الجديد، بيروت، لبنان.
  • الموسوعة العربية العالمية. مؤسّسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع. الطبعة الثانية 1419. المملكة العربية السعودية.
  • أطلس الخطّ والخطوط، حبيب الله فضائلي. ترجمة الربيز : محمّد التونجي. الطبعة الثانية، 2002م. دار طلاس، سوريا.

قطعة خطاطية رائعة منسوبة إلى ياقوت المستعصمي، كتبها بخطّ النسخ والمحقّق. نلاحظ في أسفل القطعة زيادة أُضيفت نقرأ فيها كتبه ياقوت المستعصمي ثمّ دائرة داخلها نقطة، وتعني هذه الدائرة المنقوطة أنّ نسبة هذه القطعة إلى ياقوت قد تمّ التحقّق منها. مصدر الصورة: sothebys