التوراة، هي كِتبيل اليهود أو العبريين، ويطلق هذا الاسم على الكتب الخمسة الأولى من السِّفْريل العِبْري biblical hebrew والذي يُسمّى بالعهد القديم، وهي: التكوين، الخروج، اللاويين، العدد، التثنية، وتعتبر التوراة أهم جزء في السفريل العبري الذي يتكوّن من ثلاثة أجزاء رئيسة، هي: التوراة، الأنبياء، الكتابات. العهد القديم تسمية مسيحية للكتبيل اليهودي والذي يسمّى عند اليهود بالتَّناخ أو التناك. التوراة، مجموعة من الأسفار كتبها على فترات زمنية متباعدة امتدّت زهاء ألف عام محرّرون مختلفون (من سنة 1100 قبل الميلاد على وجه التقريب إلى القرن الثاني قبل الميلاد)، لسنا على بيّنة من أمر هؤلاء الكتبة، بيد أنّنا على ثقة من أنّ جمهرتهم ليسوا هم الذين تُنسب إليهم. عدّة هذه الأسفار 39 سفرا، تنتظم جميعا على فكرة واحدة، هي علاقة الإله يَهْوَه بشعب إسرائيل الذي اختاره شعبا خاصّا له، وسار إلى جانبه عبر جميع مراحل تاريخه، وقد استعمل كلّ محرّر أو مجموعة من المحرّرين مصادر متباينة المنشأ، كالقصص الشعبي والموروثات الشفوية المتداولة، زيادة على بعض المصادر المكتوبة أشاروا إليها في مواضع مختلفة من النصوص، لا نعلم عنها وعن مصداقيتها التاريخية شيئا سوى العلاوين. هذه الكتب الخمسة جُمعت ونُسبت إلى موسى عليه السلام، وهي:
1- سفر التكوين أو سفر الخليقة : وقد سُمّي بهذا الاسم لاشتماله على كيفية خلق العالم، وكيف خلق الله الخليقة وذرأ البشر، وكيف خلقت الأرض والسماء، وتحدّث عن الإنسان الأوّل الذي كان في الجنّة وخرج منها ونزل إلى الأرض، وقد ضمّ هذا السفر إلى جانب قصّة الخلق، حديثا عن حياة آدم مع أولاده وقتل قابيل لهابيل، وقصّة الطوفان، وتاريخ حياة إبراهيم وإسحاق ويعقوب والأسباط، ودخولهم إلى مصر، وحياتهم فيها إلى أن مات يوسف عليه السلام.
2- سفر الخروج : سُمّي بهذا الاسم لأنّه يحكي قصّة خروج بني إسرائيل من مصر، ويؤرّخ للفترة التي كانت من بعد موت يوسف عليه السلام، حتّى دخول بني إسرائيل إلى أرض كنعان، ويضمّ هذا السفر كثيرا من المسائل التشريعية والتعاليم الدينية، ووصفا لما كان من بني إسرائيل مع الإله «يَهْوَه» كما اشتمل سفر الخروج على الوصايا العشر التي أنزلها الله على موسى عليه السلام، وكيف كان صعود موسى جبل الطور وتلقّي كلام الله.
3- سفر العدد : أطلق هذا الاسم على هذا السفر لأنّ أكثر آياته تقسيمات عددية، فهو يقسّم أسباط بني إسرائيل ويرتّب درجاتهم ومنازلهم وعدد الذكور منهم، إلخ، كما اشتمل على أحوال بني إسرائيل في التيه وحياتهم، بالإضافة إلى كثير من التعاليم الدينية والطقوس الكهنوتية، والتنظيمات المدنية والاجتماعية.
4- سفر الأحبار أو سفر اللاويين : نسب هذا السفر إلى أسرة لاوي التي أعطاها موسى تابوت العهد، وحمّلهم مسؤولية الحفاظ على التوراة ومدارستها لبني إسرائيل، يتميّز باقتصاره على التشريعات والكفّارات، والبشارات والإنذارات، والطقوس والأعياد، والمحرّمات من الأنكحة والأطعمة.
5- سفر التثنية أو سفر تثنية الاشتراع : اكتسب هذا السفر تسميته من تلك الظاهرة التي تميّز بها عن غيره من الأسفار الأخرى، حيث تكرّرت فيه الأحكام والتشريعات من أجل تثبيتها في نفوس المؤمنين، فلأنّه آخر الأسفار عُرِضت فيه الوصايا العشر والأحكام والتشريعات مرّة أخرى، فهي مكرّرة مثنّاة، من أجل ذلك حمل اسم سفر التثنية. وقد ضمّ هذا السفر إلى جانب الوصايا العشر والأحكام والتشريعات حديثا عن الكهنة والنبوّة، واختيار موسى ليوشع بن نون خلفا له في قيادة بني إسرائيل دينيا ودنيويا.
تُسمّى هذه الكتب أحيانا بالأسفار الخمسة pentateuch، فإذا أضيف إليها سفر يشوع صار عدد الأسفار ستّة hexateuch، نرى في السفر السادس، كيف أنّ يشوع قاد أبناء الذين خرجوا من مصر إلى فلسطين. هذه الكتب الخمسة هي التي لا تختلف فيها فِرَق اليهود ولا النصارى، فالسامريون لا يعترفون إلاّ بها. تختلف هذه الكتب بين اليهود والنصارى في عددها وكيفيتها، ويقال بوجود توراتين؛ التوراة المكتوبة وهي التي تلقّاها موسى عند جبل حوريب بسيناء شِفاها من الله تعالى عند الميقات الزماني والمكاني، اللذين حدّدهما الله له، بعد خروج بني إسرائيل من مصر، ثمّ كتبها موسى عليه السلام بيده، وهي تؤلّف المجموعة الأولى من السِّفْرِيل (الكتاب المقدّس) أو العهد القديم، وقد جرت العادة منذ الترجمة اليونانية المعروفة بالسبعينية، أن يُسمّى كلّ سفر حسب محتواه. الثانية شفوية، تناقلها الحاخامون عن موسى ولها قدسية التوراة نفسها، وتُسمّى هذه التوراة بالتلمود، والسامريون وفرقة القرّائين لا يعترفون به، وكذلك فرق النصارى، ولم يذكره القرآن الكريم ولم يشر إليه، ويتألّف التلمود من النصّ: المشنا وشرحه الجِمارا. ثمّة تلمودان، البابلي والأورشليمي.
توجد أسفار كثيرة سقطت وضاعت، ذكرتها التوراة ولا نعرف إلا أسماءها، منها سفر ياشر، وسفر عِدُّو الرائي، وقد خلق سفر ياشر مشكلة للباحثين في شؤون التوراة وللدارسين والمعتذرين والمدافعين والمحرّرين، وانتهوا في النهاية إلى القول بأنّه ديوان شعر جميل من قبيل شعر الحماسة عند العرب استنادا إلى أنّه ذكر في العهد القديم، ومرّة ثانية في سفر صموئيل الثاني، ورَثا داود بهذه المرثاة شاول ويوناثان ابنه، وقال: أنّ يتعلّم بنو يهوذا نشيد القوس هو ذا ذلك مكتوب في سفر ياشر. وقال آخرون، بل هو النخاع الديني للعهد القديم، وأنّه من وضع سليمان إمّا بيده أو بتوجيه منه. بعض الأسفار اعترفت بها بعض الفرق دون أخرى، وبعضها فيه زيادات عند بعض الفرق ونقص عند فرق أخرى.